No Script

أضواء

الموكب الأميركي الداكن !

تصغير
تكبير

في كتابها (الموكب الداكن)، تشرح المؤرخة البريطانية ديانا برنستون الهزيمة التي مني بها الجيش البريطاني في أفغانستان، وعدم تمكنه من الاستمرار في احتلال كابل لأكثر من أربع سنوات، وفراره من كابل في العام 1842 بعد إعدام الأفغان السير وليم مكناتن في سوق كابل.

ولخّصت هزيمة جيش بلادها بأنها (تراجيديا شكسبيرية).

احتل الاتحاد السوفياتي بعد الإنكليز أفغانستان في العام 1979، لكنه لم يصمد طويلاً رغم جبروته العسكري وبطشه بالشعب الأفغاني، ما دفعه إلى الانسحاب الفوري من أفغانستان، بعد عشر سنوات من الاحتلال، قتل خلالها عدد كبير من جنوده وخسر الكثير من عتاده العسكري، ناهيك عن الهدر الكبير الذي تكبدته خزينته المالية، وكان ذلك أحد عوامل انهياره وتفككه في العام 1989.

بعد توقيع الولايات المتحدة اتفاقية الانسحاب من أفغانستان مع «طالبان» في العام الماضي - أي بعد 19 عاماً من الاحتلال الذي شاركت فيه غالبية دول حلف الناتو - وصف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مقاتلي «طالبان» بقوله: (لقد أخبرني جنرالات الجيش أن الربيع قادم وستخرج «طالبان» من الجبال للقتال... إنهم يقاتلون... هذا ما يفعلونه، إنهم مقاتلون جيدون... يستمتعون بالمعارك... كما نستمتع نحن بمشاهدة كرة القدم!... اسألوا روسيا عن قوتهم).

حقاً إنهم مقاتلون ورثوا القتال أباً عن جد، رغم كل المآسي التي لحقت ببلادهم منذ الاحتلال البريطاني، لكنهم مع ذلك لا يتنازلون عن أرضهم للمحتل، مهما كانت قوته، ولولا مواصلتهم القتال بدعم من حاضنتهم الشعبية وتضحياتهم التي استنزفت الكثير من موارد الأميركان وحلفائهم الأوروبيين البشرية والعسكرية والمالية، لما تحقق اتفاق الانسحاب.

عبّرت الـ (بي بي سي) عن قلقها على المرأة الأفغانية، التي ستكون ضحية تسلّم «طالبان» السلطة بعد الانسحاب، وهو لا يختلف عن مواقف القنوات الغربية الأخرى، التي اعتادت التظاهر بتعاطفها مع المرأة الأفغانية، مع العلم أن الآلاف من النساء والأطفال حصدت أرواحهم غارات التحالف في القرى والبلدات النائية، ولم تسلم منها حتى حفلات الأعراس البريئة، وهي جرائم حرب فظيعة ضد الإنسانية، لا يجرؤ الصحافيون على تغطيتها، حتى لا يكون مصيرهم مصير الصحافي الأسترالي جوليان أسانج، صاحب موقع (وكيليكس).

كان عليهم أن يتعاطفوا مع المرأة الفلسطينية، التي تعاني مع أطفالها من ألم الحصار والبطش من قِبل جنود الاحتلال الصهيوني، أو المرأة الهندية التي تعاني من جرائم الاعتداءات الجنسية المتكررة والمنتشرة في المجتمع الهندي، ذي الغالبية الهندوسية الذي يتميز بالطبقية الدينية واضطهاد الطبقات الدنيا المسلوبة الإرادة، والمحرومة من حقوقها الإنسانية، بمن فيهم المرأة التي ينالها النصيب الأوفر من ذلك الاضطهاد الطبقي.

لقد صدق فيهم قول الإمام الشافعي رحمه الله: (عين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي