No Script

خواطر صعلوك

تبدُّل سُلّم القناعات والمواقف...!

تصغير
تكبير

عندما تكتب مقالاً أو رواية أو شيئاً ما، فإنك بذلك تُصبح شاهداً على درجة وعيك في لحظة معينة، وتسعى إلى نشرها بين الناس، قد تكون تغريدة أو بوست في الفيس بوك أو صورة شخصية التُقطت لك أو التقطتها لنفسك ونشرتها في الإنستغرام، وربما تكون مقابلة تلفزيونية تقول فيها كلاماً يشهد على فناء وهشاشة التغير البشري المستمر الذي لا يهدأ.

في الحقيقة لا يُوجد وقت مناسب لمتى يمكن لنا أن نكتب شيئاً وننشره بين الناس، أو نجري مقابلة تلفزيونية أو نفتح بثاً مباشراً شخصياً على الإنترنت... ولكن هناك دلالة مرجعية مهمة إذا لم يُدركها الناشر أو المنشور له، تُصبح كل الأعمال دليل هشاشة وسطحية.

هذه الدلالة هي أن وعينا وإدراكنا يتغير، بسبب تغيراتنا العمرية وتحولاتنا الاجتماعية التي نمرّ بها.

شيخ دين كان يفتي بتحريم شيء ما ثم أصبح يُبيحه... شاب كتب مقالاً ثم تغيّرت قناعاته... صاحب شأن سياسي نشر تغريدة منذ عشر سنوات، واليوم تغيّرت مواقفه ورؤاه، فنان كان يعتقد أن الفن يجب أن يُقدم بهذا الشكل ثم اتجه إلى شكل آخر.

إن عدم إدراك هذا التَغيُر من الناشر أحياناً ومن المنشور لهم غالباً يجعل الناس - «المنشور لهم» - يُحاسبون وينتقدون المواقف المتغيرة معتبرينها تناقضاً وسطحية وظلماً لهم، خصوصاً إذا كانت تطالبهم بفعل أشياء معينة ومحددة.

نشر الروائي إحسان عبد القدوس رواية «أنا حرة» وهو شاب، وعندما كبر أكثر وتواضع أكثر، صَدر طبعة الرواية الثانية باعتراف أنه قد تغيرت بعض قناعاته في هذه الرواية.

من المفترض للكتابة أو للصورة أن تمنحنا فرصة مراقبة أنفسنا وتحولاتنا وتغيراتنا لمزيد من الحرية والتحرر الذاتي... لا أن تصبح شواهد قبور يجب أن نلزمها ونبقى بجانبها لكي لا نُنتقد.

قد نفهم التناقض إذا حدث في فترة زمنية متقاربة للشخص نفسه الذي يقول هنا كلاماً وهناك كلاماً آخر، أما محاسبة الناس على «حبس» وعيهم وكلامهم في صورة أو مقال ثم مقارنته بالتحول الذي تم... فهذا ظلم ومحاولة جعل المياه راكدة باستمرار.

على المستوى الشخصي لا ألتفت كثيراً للفيديوهات التي تنشر قناعات شخص منذ سنوات، ومقارنتها بقناعاته اليوم... أما النوايا فعلمها عند الله... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

Moh1alatwan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي