No Script

ألوان

رسالة إلى الشباب الكويتي (2)

تصغير
تكبير

تلك هي رسالتي الثانية إلى الشباب الكويتي، التي إن كنت أقدم لهم فيها النصيحة، إلا أنني لا أفرض عليهم ما لا يقتنعون به لأن أسلوب تفكيرهم قد يختلف نوعاً ما، وهذا أمر طبيعي ولكن يجب الإشارة إلى بعض النقاط المهمة، مثل السلمّية واحترام القانون، من أجل حفظ مجتمعنا الصغير من الأخطار المحدقة به.

إن قراءة التاريخ ضرورة ملحة، لمعرفة حجم الأخطار السياسية التي كانت تضغط من أجل القضاء على وجود الكويت، لولا العناية الإلهية ودور أسرة الصباح الكريمة في إدارة دفة «بوم الكويت»، وسط العواصف العنيفة، إضافة إلى دور المغفور له بإذنه تعالى الشيخ مبارك الصباح طيّب الله ثراه الذي استطاع بعبقريته وحنكته السياسية أن يستشفّ المستقبل السياسي في المنطقة، ليحافظ على كيان الكويت الحبيبة، وقتها لم يكن النفط قد تم اكتشافه، كما أن بعض الدول العظمى مثل بريطانيا والدولة العثمانية كانتا تتصارعان في ما بينهما في المنطقة.

ولقد وقف الشعب الكويتي خلف القيادة الحكيمة، ولعمري فإن ذلك الأمر هو السر وراء وحدة الصف الكويتي في ذلك الوقت، رغم بعض المنغّصات هنا وهناك، وهو أمر طبيعي كونه من السنن التي تحدث في تاريخ الشعوب كافة، وهو أمر يجب أن نستمر فيه من أجل بلدنا وأهلنا.

وعلى الشعب الكويتي أن يفخر بالتنوع الثقافي، وكل شريحة من المجتمع إنما هي جزء مهمّ، من نسيج المجتمع الكويتي المتجانس، الذي يمتاز بطبيعة العلاقة العائلية المتينة بين الحاكم والمحكوم، وهذا سبب رئيس لقوة المجتمع الكويتي في الماضي، ولا يعني ذلك عدم وجود رأي آخر تجاه العديد من القضايا التي يجتهد فيها الكثير، إلا أن أصحاب تلك الآراء لم يفكروا يوماً في الابتعاد عن روح الوحدة الوطنية وطاعة ولي الأمر، كي لا تكون هناك فرصة للمتربصين بوحدة المجتمع الكويتي المتعدد في كل شيء، وعلينا أن نفتخر بالغبطة التي ينظر بها بعض الأشقاء إلينا على مساحة الحرية التي نتمتع بها.

إن التحديات الحديثة باتت أكثر صعوبة وخطورة من الأمس، خصوصاً وأن الكويت لا تعيش لوحدها، بل هي متحدة مع دول شقيقة وصديقة في المنطقة وبقية دول العالم، وبالتالي فإن هناك التزامات قد تثقل كاهلنا إلا أننا متى ما اتحدنا ووقفنا خلف القيادة السياسية فإننا قادرون على تخطّي الصعوبات، ومنها التحديات الاقتصادية خصوصاً أننا نبحث عن المزيد من الرفاهية وهذا من حقنا إلا أن ذلك بات عملية ليست سهلة لكنها ليست مستحيلة.

وعلينا التحلي بالصبر تحت قيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله ورعاه - وولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله - كون الإجراءات تأخذ بعض الوقت من أجل التأكيد على ضرورة تحقيق العدل، فلا يمكن أن نكتشف خللاً ما ونتوقع أن تنتهي الإجراءات خلال أيام معدودات، وسط آلية قانون يجب أن يسود بعد مراحل من الإجراءات، التي تضمن حقوق الجميع، وفي الوقت نفسه علينا أن نبتعد عن تداول الإشاعات والأخبار المكذوبة، التي قد تصلنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من دون التأكد من صحتها، والتي قد تؤدي إلى زعزعة الأمن الاجتماعي، خصوصاً في ما يتعلق بسمعة الناس الذين قد يكونون بعيدين كل البعد عن تلك الأخبار، التي نالت منهم وهم أبرياء وعلينا أن ننتظر القضاء ليقول كلمته، ولا يمكن تجاهل القضاء الكويتي وهو يحاكم شخصيات كويتية بينها من تنتمي إلى الأسرة الحاكمة وبعض الأسر الكبيرة، وتلك إشارة نادراً ما نجدها في دول أخرى.

وإذا كنا ننشد الإصلاح فإنه عملية بدأت منذ سنوات، لكنها بحاجة إلى تضافر الجهود كي تبقى مستمرة، ولا يمكن تحقيقها إلا بالعمل الجاد وأن يقوم كل واحد منا بواجباته قبل أن يبحث عن حقوقه، عندها سيشعر أن الوضع أصبح أكثر فعالية، وإن كان الإيقاع بطيئاً في البداية، لكنه سرعان ما يتسارع ليحقق الرضا للجميع.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أؤكد على أن الكويت لن تصبح في حال أفضل، إلا بالعدل والمساواة، والتعاون في ما بيننا ونحن قادرون على تقديم ما هو أفضل في المستقبل، بفعل تكاتف أبناء الوطن الواحد المتعدد في كل شيء، وهو مجتمع فتي فيه كفاءات كبيرة تستحق أن تمنح الفرصة من أجل التشييد والارتقاء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي