No Script

وجع الحروف

القيادة النبوية وحرمة المال العام...!

تصغير
تكبير

في مؤتمر الدكتوراه في جامعة ليدز عام 2010، قدّمت ورقة عمل عنوانها «القيادة الأخلاقية والإدارة الإستراتيجية»، وكان الحضور جمعاً من دكاترة مختصين وباحثين في مجال الإدارة، ووجه إليّ سؤال نصه: «أستغرب من شخص من العالم الثالث، يتحدث عن القيادة الأخلاقية»! وكان الجواب عليه كالآتي:

نعم أنا من العالم الثالث مسلم بالفطرة... وهناك فرق بين حقيقة المسلم والمسلم بالهوية... إن المسلم الحقيقي يأخذ في الاعتبار عند اتخاذه لأي قرار أو حديث عند التقييم والقياس، بالمنهج الإسلامي وما جاء في السيرة النبوية من أحاديث وتوجيهات... الإسلام هو من رسّخ مفهوم الإدارة والقيادة الفعّالة قبل 1400 عام، في حين المجتمع الغربي لم يدخل مفهوم الإدارة الحديثة إلا في بداية التسعينات... نحن ندرس مواد الإدارة والقيادة حسب المناهج الغربية، في جامعاتنا وكلياتنا، ولو نظرنا إلى الأزمة المالية التي حدثت في عام 2008 إنما هي في الأساس ناتجة عن عدم التزام المؤسسات الغربية بأسس أخلاق المهنة والعمل الاقتصادي، بما فيها المؤسسات المالية الاجنبية التي تعتبر منظمة بطبيعتها «Self Regulated» حيث أعطت قروضاً للرهن العقاري بلا ضمانات، وهكذا كانت بداية الأزمة وتأثرت الأسواق العالمية بما فيها أسواق العالم الثالث، التي تستثمر مئات المليارات في الأسواق الغربية.

الدين الإسلامي عرف سمات القيادي المؤثر قبل 1400 عام، حتى قبل ظهور الإسلام عندما اختارت خديجة بنت خويلد الرسول صلى الله عليه وسلم كقيادي لإدارة أعمالها، حيث كانت (الأمانة/ الصدق، العدالة، تحقيق النتائج، الرشد) أساس لها، وهذه السمات جاء الغرب بتحديدها في التسعينات من هذا القرن.

والقرآن الكريم ذكر في الآية: «وإنك لعلى خلق عظيم»، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، والإسلام دين سلام وعدل ومساواة وبسط في باب الآداب السلوكيات وجوانب التكامل الاجتماعي، والعدالة التي منها الزكاة لتعزيز الفارق بين الفقراء والأغنياء، والاهتمام بالأسرة ومكانة المرأة وحسن التربية... انتهى الرد.

الزبدة:

الشاهد أننا بعيدون كل البعد عن مفاهيم الإسلام، وأصبح الأغلبية مسلمين بالهوية مع الأسف... فيه المال العام مستباح، والمستوى المعيشي متدنٍ كما ابتعدنا عن الأخلاق والأمانة والعمل بهما شبه منعدم، وأصبحنا بين طبقتين (كبار يسرقون ويفسدون وصغار مستضعفون لا حول لهم ولا قوة)، وتوسد الأمور لغير أهلها.

إنها علامات آخر الزمان، التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدّق فيها الكاذب، ويكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة».

في رمضان... عودوا إلى المنهج الإسلامي الصحيح، الذي غطّى كل نواحي الحياة قيادياً، إدارياً، اجتماعياً، اقتصادياً، إعلامياً، ثقافياً... وهو صالح لكل زمان ومكان.

أخشى أن نهلك بسبب وقوعنا بما جاء في الحديث: «إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد»... إنها العدالة الربانية التي نبحث عنها... الله المستعان.

terki.alazmi@gmail.com

Twitter: @Terki_ALazmi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي