«القتل على الناصية»... مؤشر السلام العالمي
كثيراً ما يستشهد الاقتصاديون والساسة بالمؤشرات العالمية، لبيان مركز الدولة منها، حسب التصنيفات التي تعتمدها الهيئات والمنظمات الدولية، وفقاً لمعايير علمية خاصة وضعتها، بمؤشر السلام العالمي أحد أهم تلك المؤشرات، ويستساغ القول إنه من أهمها من جميع النواحي الحياتية، خصوصاً الأمنية منها، ويعتمد هذا المؤشر على منهجية خاصة به تحتوي على أربعة وعشرين معياراً، منها معايير متعلقة بالحروب، ومنها معايير أمنية، ومن أهم تلك المعايير الأمنية (عدد جرائم القتل - مستوى جرائم العنف - احتمال وقوع أحداث ارهابية - عدد أفراد الأمن - عدد المسجونين)، مركز دولة الكويت تناقص منذ العام 2011 من المركز العشرين عالمياً إلى المركز 93 في السنة الحالية 2021، لهذا فإن جرائم القتل وإن كانت حوادث فردية، إلا أن تأثيرها على جميع مناحي الحياة أمر حتمي الحصول، ولا ضير في الإقرار بالأخطاء التي أدت لوقوع الجرائم كما أدت لتناقص مركزنا العالمي في المؤشر، ذلك أن حماية سمعة موظف أو مسؤول، وعدم الإقرار بتقصيره بالنتيجة الحتمية، سيؤدي بنا إلى قاع المؤشر وهو ما لا نرضاه على مجتمعنا الصغير، لأن النتائج التي سيخلفها التدهور الأمني وخيمة على جميع مناحي الحياة.
يقول ميخائيل ساكاشفيلي - رئيس جورجيا الأسبق – «بعد ثورة الزهور في جورجيا أصبحتُ رئيساً لدولة فاشلة، كانت وكالة إنفاذ القانون تعمل كعصابات إجرامية، وكان الضباط يطلبون الرشى ويتاجرون بالممنوعات، ويعملون لصالح النخب السياسية والتجارية كقوات أمن مرتزقة».
عمل الرئيس الأسبق على تفكيك منظومة الفساد تلك، بأن فرض على الضباط والأفراد دورات تدريبية مكثفة، لم يجتزها سوى القليل منهم، فرفع أجورهم وحوّل مخافر الشرطة إلى مبانٍ زجاجية لزيادة الشفافية والشعور بالأمن.
لهذا، فإن الاستشهاد بالتجارب الناجحة للدول فيه خير، دون تشبيه ولا تسقيط، كما أن الحث الدائم على تطوير المنظومة الأمنية هدف سامٍ، والذي لا مجال للمجاملة فيه، وليس فيه نكران لدور المؤسسة الأمنية التي تعمل على أمننا وتتعرض مثلما يتعرض له المجتمع من سلوكيات عنيفة، أودت بحياة أفرادها وضباطها شهداءً في سبيل حفظ أمن الوطن، ولكننا في هذا الصدد، إذ ننوه إلى مشاكل إدارية حقيقية تبدأ من القبول في الكليات العسكرية، إلى عمليات إدارة الشبكة الواسعة من العساكر والإدارات المتنوعة في عمليتها المعقدة، إلى عمليات المحاسبة والمساءلة عن الأخطاء، وفقاً لضوابط جديدة، يكون فيها الأمن هو الشعار رقم واحد.
إن مظاهر الخروج على قانون المرور، وظواهر المضايقات والتحرش التي تتعرض لها أخواتنا وزوجاتنا في الطرق العامة، هي إحدى صور الفلتان التي يجب أن نقر بوجودها، ونعمل على معالجتها، ومحاسبة مرتكبها بسلطة القانون، وهي دعوة صادقة للمشرع، أن يتبنى بالسرعة اللازمة إقرار قانون تجريم ظاهرة التحرش، الذي يحتاجه الأمن، فالقتل كما شاهدنا جميعاً صار يبدأ بالتحرش !