No Script

رؤية ورأي

«رسالة الكويت» المضلّلة

تصغير
تكبير

انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي بيان سياسي حول التطوّرات الخطيرة في المشهد البرلماني، المعنون بـ «رسالة الكويت». وهو ضمن حملة إعلامية واسعة ومتواصلة هدفها المرحلي استبعاد رئيسي مجلسي الوزراء والأمة عن الساحة السياسية. وهي مناظرة للحملة الظالمة التي تعرّض لها النائبان سيد عدنان وأحمد لاري إبّان أزمة التأبين، التي كان هدفها المرحلي إسقاط عضويتهما من مجلس الأمة. المقاربة بين الحملتين ليست فقط في المنهجية والزخم، بل أيضا في الجهات التي تديرها وتنفّذها.

بعيداً عن رأيي في حفل التأبين، الحملة التي تعرّض لها النائبان آنذاك كانت مضلّلة وقمعيّة، حيث إنها زيّفت وغيّبت بعض الحقائق المرتبطة بمقدّمات تنظيم الحفل ودوافع المشاركة فيه، وشوّهت صورتي النائبين وعزلتهما، فحرما من حق الدفاع عن نفسيهما. وفي النهاية، المحكمة التي اطلعت على الحقائق واستمعت إلى دفوعهما، برأتهما من جميع التهم التي نسبت إليهما.

وبعيداً عن رأيي في الرئيسين، الحملة التي يتعرّضان لها مبنيّة على طمس وتزوير حقائق. فعلى سبيل المثال، لدينا اليوم مسؤولون سابقون متهمون في قضايا فساد ومحالون إلى القضاء، من بينهم رئيس الوزراء السابق. هذه الحالة الاستثنائية على مستوى دول الخليج العربية تتجاهلها المعارضة تارة، وتارة أخرى توظّفها في إدانة رئيس الوزراء الحالي بذريعة أنه كان وزيراً في حكومات الرئيس السابق. وفي المقابل، المعارضة ذاتها كانت تمجّد قبل سنتين رئيس وزراء ماليزيا العائد آنذاك السيد مهاتير محمد، على حالة مماثلة، حين تمت إحالة رئيس الوزراء الذي سبقه السيد نجيب رزّاق إلى القضاء في قضايا فساد، رغم أن مهاتير هو الذي زكّاه للرئاسة، وهو الذي دعمه في مواجهة الاحتجاجات الشعبية التي كانت تطالب بإقالته وإحالته إلى القضاء في قضايا فساد مالي. المراد أن تكتّل المعارضة يتقن تضليل الرأي العام لأنه يفتقد المصداقية والنزاهة ويمتلك الإمكانيات اللوجستية والإعلامية الجبّارة.

بيان «رسالة الكويت» جاء متسقاً مع النهج التضليلي للتكتّل، حيث بدأ بديباجة رائعة - أتمنى أن يستوعبها المتعاطفون مع التكتّل - ألحقت بمتن اختزل المخالفات والتجاوزات على الدستور في جناح الرئيسين وبرّأ نوّاب التكتل منها.

فبالنسبة للديباجة، فقد جاء فيها «أن المرحلة المقبلة حسّاسة وحرجة والتحدّيات كبيرة على جميع الأصعدة والمستويات، تتطلّب رجال دولة حقيقيين قادرين على محاربة الفساد والتصدّي لعبث الفاسدين ووضع خطط وإستراتيجيات حقيقية للمرحلة القادمة، وذلك للمصلحة العامة». وهو تقييم سليم متفق عليه، ولكن نوّاب الكتّل الذين وقعوا على البيان بين عاجز وبين غير مؤهل لمحاربة الفساد ووضع خطط إستراتيجية. ومن باب المثال، سأكتفي بالإشارة إلى نائبين مخضرمين من المعارضة. الأول هو حامي المال العام الذي استولى على ما يقارب 30 مليون دينار من خلال الاكتتاب المباشر في شركة حكومية! والثاني هو الأكاديمي الذي أعلن في لقاء متلفز عن خطّته الإستراتيجية لاكتفاء ميزانية الدولة التام عن الإيرادات النفطية خلال عشر سنوات، وذلك من خلال زيادة الإيرادات غير النفطيّة بمعدل سنوي يساوي 10في المئة!

وبالنسبة لمتن البيان، فهو أشبه بمقولة «رمتني بدائها وانسلت». لأن التكتّل تنطبق عليه الاتهامات الواردة في البيان، حيث إن نهجه غير دستوري وممارسات نوّابه تشوّه وتضعف دور المجلس وتمنع النوّاب الآخرين من أداء دورهم الرقابي والتشريعي، كما يسعى التكتّل إلى الانفراد بقرارات تحمي مصالحه وتجاوزاته.

نهج التكتّل التضليلي طال خاتمة البيان أيضاً، حيث تم الاستشهاد بفقرة مبتورة من المادة السادسة من الدستور، وهي «السيادة للأمّة مصدر السلطات جميعا» من دون متممتها وهي «وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبيّن بهذا الدستور».

المراد أن التعاطي بسذاجة وطيبة مع تصريحات وبيانات وتحركات التكتّل جريمة بحق الشعب والوطن... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي