قيم ومبادئ

المصالحة الوطنية

تصغير
تكبير

هذه دعوة خاصة للأفراد والجماعات والأحزاب خصوصاً للقادة سواء كانت ليبرالية أو إسلامية أو قومية أو ناصرية أو شيوعية واشتراكية أو حتى علمانية وإلحادية... فهذه دعوة للتفكير في ما بين أبناء الوطن الواحد خصوصاً أننا في موسم رمضان المبارك، حيث يُفترض أن يصفو الذهن ويتفرّغ القلب من الهموم وتقل المشاغل المعتادة عند الناس، وبذلك تحصل الفائدة المرجوة من المراجعة الذاتية، من دون تشويش وهذه الدعوة الموجهة ليست موجهة لكم كي تتبعوا قولي ولا إلى ترك أقوالكم وآرائكم بصورة مجردة من دون موجِب لذلك، وملخصها أن تنهض هممكم وتجدّدوا عزائمكم لاتباع الصواب والإخلاص لله.

حيث تجتمعون وتتباحثون وتتناظرون في مجالسكم المعتادة أو تكون الدعوة خاصة لكل شخص في ما بينه وبين نفسه، فإذا اجتمعتم مثنى وفراداً وأدرتم الفكر وتدبّرتم أحوالنا العامة في الكويت، وما حلّ بالمسلمين اليوم من تفرّق واختلاف وضعف، حتى تمكّن أرذل خلق الله اليهود من قيادة العالم وإدارته تبعاً لمكرهم ومقاصدهم الدنيئة، وما أوصانا به الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ومواعظ للخروج من هذه الحال التي لا ترضي الله وسألتم أنفسكم هذا السؤال هل هذا الرسول الكريم مجنون؟ أم فيه صفات المجانين سواء في كلامه وهيئته وصفته؟ أم هو نبي صادق منذر لكم مما يضركم مما هو كائن في الدنيا والآخرة من العذاب الشديد واليوم العصيب؟

فلو قبلتم هذه الموعظة وطبقتموها، لتبيّن لكم أكثر من غيركم وأنتم أصحاب الفكر والعقل والرأي... أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليس بمجنون لأن هيئته أحسن الهيئات وحركاته أجمل الحركات وهديه خير الهدى، وهو أكمل الخلق أدباً وسكينة وتواضعاً ووقاراً وهذا لا يكون إلّا لرجل رزين العقل مَلَكَ ناصية الحكمة ولا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يُوحى.

ثم تأملوا سنته ومواعظه البليغة التي تملأ القلوب أمناً وإيماناً وتزكوا بها النفوس وتطّهر بها القلوب وتبعث على مكارم الأخلاق، وتحثّ على اغتنام الأعمار ومحاسن الشيم وتزجر عن مساوئ الأخلاق ورذائلها التي تشين النفوس وتدنّسها... إذا تكلّم رمقته العيون هيبة وإجلالاً وتعظيماً ومحبة، فهل هذا يشبه هذيان المجانين الذي يشبه أحوالهم؟!

هذه من البراهين الدالة على صحة الحق وبطلان الباطل وهذه سُنة الله تعالى وعادته أن يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق... وكما ترون كيف اضمحلّت أقوال المكذبين المعاندين من قوم نوح وعاد وثمود وإبراهيم وفرعون وهامان، وتبيّن كذبهم وعنادهم وظهر الحق وسطع وبطل الباطل وانقمع، وذلك بسبب تقدير علاّم الغيوب الذي يعلم ما تنطوي عليه القلوب من الأهواء والشكوك، ويعلم ما يقابل ذلك ويدفعه من الحجج.

هذا هو دين الله تعالى الإسلام الذي أصبح اليوم بمنزلة الشمس حيث غطّى وجه الأرض وظهر سلطانه بالحجة والدليل ومع هذا ما زال هناك من يكابر ويستهزئ ويرمي الإسلام والمسلمين بالضلال والتخلف، بما يصدر منهم من المقالات الفاسدة، وهذا وايم الله ليس بضائر الحق شيئاً!

وهؤلاء الذين يقذفون بالشبهات ليدحضوا بها الحق الصُراح، لا سبيل لهم إلى ذلك، كالذين يريدون أن يطفئوا نور الشمس بأفواههم؟

فلا على مرادهم حصلوا، ولا سلمت عقولهم من النقص والقدح فيها، وكالرامي من مكان بعيد لا يمكن إصابة الغرض، فكذلك الباطل من المحال أن يغلب الحق أو يدفعه وإنما يكون له صولة وقت غفلة أهل الحق عنه، فإذا برز له الحق وقاوم الباطل قمعه.

الخلاصة

اختيار أوقات صفاء الذهن والقلب من شواغل الدنيا، مع استشعار أنك مخاطب بأوامر القرآن الكريم ونواهيه، من أسباب الوصول إلى الحق وهذه أول خطوة في المصالحة الوطنية، وهي تحديد الهوية والمرجعية، وهذا أفضل من كل تيار له راس ويمشي على «حلّ شعره!»

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي