No Script

سافر إلى ذاتك

استفهامات بشرية

تصغير
تكبير

نظراً لكوني شخصية لا تخضع لأيّ قواعد متوارثة، أو أيّ مدلولات غير منطقية، أثار الجدل داخلي علاقة تكويني الأولي، بما أنا فيه الآن... استفهامات متزاحمة أثارت أسئلتي، لماذا خُلقنا من طين؟ ولماذا الطين؟ لماذا لم نخلق مثلاً من النار أو من النور، أو من أيّ شيء آخر؟

وكلما أكثرت السؤال بـ(لماذا) كلما زاد الضجيج داخلي... والضجيج هو حالة بعثرة نفسية، تصيبنا عندما تعجز النفس عن إعطاء الإجابات المنطقية لكل ذلك، حتى أخذت أنفاس الشهيق والزفير كتنهيدة خيبة شعورية لظلام لم ير النور بعد، في تلك اللحظة أفقت على تلك الديناميكية التي نمارسها كل ثانية عندما نتنفس... لم ألحظها أبداً قبل هذه المرة... عملية لا إرادية لا تحتاج موافقة نفسية أو شعورية أو مزاجية... لا تحتاج سوى وقت من الله يسمح لها بالقيام بوظيفتها... هنا وجدت الإجابة التي بحثت عنها بين كلماتي، مخبأة في جعبتها، التي عبّأت بها أسطري.

إن تكويننا البشري يتحرّك بشكل تلقائي من دون إشعار مسبق، سواء أدركنا هذا التشكيل أم لم ندركه... ويرجع عدم وضوح درجة الإدراك إلى الاختلاف بين لحظة التشكيل الأولية للإنسان، وبين لحظة التشكيل الأخرى عندما يتحرّر الإنسان لشخصيته المستقلة.

تماماً كالطين الذي هو مادة مطواعة نستطيع تشكيلها كما نريد على حسب شكل القالب المراد صبه فيه... وعند الإجابة الفعلية، بين نقطتي الاتصال السابقتين - وهما الشخصية والطين ودرجة اشتراكهما في الطواعية والمرونة - نجد أن التشكيل حتماً محتّماً يقع على الاثنين على اختلاف القوالب المتشكلة فيه، التي يحدّدها المجتمع والثقافة والأبوين والدين وقواعده.

ومن منطلق كلمة التشكيل نجد أننا بحالة تشكيل مستمرة لا تتوقف أبداً، قد تزيد وتيرتها أو ربما تقلّ لكن الإنسان دائماً بتغير مستمر يبقى الجزء الأهم عليه هو كيف سيشكل نفسه؟ وأي التشكيلات يفضّل؟ كيف سيميّز ذاته عن البقية ؟ وكيف يبدع؟

نستطيع إنتاج ذواتنا المصنوعة من المادة نفسها بشكل آخر.

كم تعجبني تلك الرسائل المبطّنة التي يخبئها الكون في الإبداع الإلهي في مخلوقاته... نحتاج التفكر في كل شيء.

Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي