عضو «الأعلى للتخطيط» أكدت أنه لم يعد لدى الشعب ذرة ثقة في الحكومة

سارة أكبر لـ «الراي»:الكويت تحترق... والسلطتان تفتعلان المعارك

تصغير
تكبير

- التركيبة الحالية للحكومة والنواب لا تحقّق الإصلاح
- نظام الكويت المالي مضروب والسلطتان مشاركتان في الفساد
- يجب أن تتوقف الحكومة عن قتل المواطنين بتعيينهم دون حاجة
- البيئة المحلية مسمومة بإعاقة أصحاب الأعمال
- عندما يحصل نصف الشعب على راتب دون دوام فهذا فساد
- رؤية السعودية والإمارات وقطر ليست كلاماً والكويت بلا خارطة
- تقليص مصروفات كل الوزارات... فالوزراء اختيروا ليتصرفوا
- المعنيون لا يتفاعلون مع دراسات «الأعلى للتخطيط» لأنها تحتاج قرارات صعبة
- الحكومة منشغلة بمعارك سياسية ولا وقت لديها للإصلاحات الاقتصادية والمالية
- مُجرم مَن يؤيد السحب من «الأجيال القادمة»
- لسوء إدارة أصولها الضخمة يمكن أن تفلس الكويت
- كيف تفكر الحكومة في فرض ضرائب على المواطنين وهي مستمرة بدعمهم؟!
- أوضاع الحقول سيئة جداً جداً والمكامن تُنتج ماءً أكثر من النفط
- طريقة تعامل الحكومة مع مؤسسة البترول تقودها للإفلاس
- أي مدير في المؤسسة بات يهاب القرار وهو يرى 22 أُحيلوا للنيابة على قضايا لا تستحق
- المجلس الأعلى للبترول لا يضع السياسات أو الأهداف والوزارة لا تقوم بدورها تنظيمياً
- هل يعقل أننا في دولة نفطية ولا تكون 20 في المئة من شركاتها النفطية على الأقل مدرجة؟
- نواجه 3 تحديات تتعلّق بالإنتاج والتكلفة ويتعيّن السماح باستكشاف الشركات الأجنبية

تُعرف رئيسة المديرين التنفيذيين في شركة كويت إينرجي سابقاً، الرئيس التنفيذي في شركة «أويل سيرف» الكويت، سارة أكبر، أنها أول كويتية تعمل في إطفاء حرائق الآبار النفطية أثناء حرب الخليج الثانية 1990.

لكن المفارقة أنها لا تعرف كيف تطفئ النيران المشتعلة في الكويت، وهي ترى الحكومة والنواب منشغلين في معارك مفتعلة.

تؤمن أكبر بأن التركيبة الحالية للسلطتين لا تحقق الإصلاح، فيما تدافع عن جدلية غياب المجلس الأعلى للتخطيط عن صناعة النهضة الاقتصادية بأن المعنيين لا يتفاعلون مع دراساته لأنها تحتاج لقرارات صعبة.

ولا تستبعد أن تُفلس الكويت لا سيما إذا استمر سوء إدارة أصولها الضخمة، وتدعو الحكومة للتوقف عن قتل المواطنين بتعيينهم دون حاجة، كما أنها ترى أن بيئة الأعمال المحلية مسمومة بإعاقة أصحاب الأعمال.

وتلفت أكبر إلى أن رؤية السعودية والإمارات وقطر ليست كلاماً في حين أن الكويت بلا خارطة، وأنه يتعين تقليص مصروفات كل الوزرات، وعلى الوزراء الذين اختيروا لهذا الدور أن يتصرفوا وفقاً للمقدر لهم، فيما تعتبر من يؤيد السحب من «الأجيال القادمة» مجرماً، وترى مفارقة غريبة في توجه الحكومة نحو فرض ضرائب على المواطنين، فيما لا تزال تدعمهم!

ونفطياً، تؤكد أكبر أن أوضاع الحقول سيئة جداً جداً والمكامن تُنتج ماءً أكثر من النفط، وأن طريقة تعامل الحكومة مع مؤسسة البترول تقودها للإفلاس، وتضيف أنه نتيجة للمعارك السياسية المفتوحة في المؤسسة، فإن أي مدير بات يهاب القرار وهو يرى 22 أحيلوا للنيابة على قضايا لا تستحق.

وتقول «المجلس الأعلى للبترول لا يقوم بدوره في وضع السياسات وتحديد الأهداف، ويعتمد على ما تقدمه المؤسسة فقط، والوزارة لا تقوم بدورها التنظيمي وليست لديها القدرة الفنية لذلك، ونحتاج قانوناً يسمح للشركات الأجنبية بالاستكشاف ونواجه نفطياً 3 تحديات تتعلّق بالإنتاج والتكلفة»، وتساءلت: هل يعقل أننا في دولة نفطية ولا تكون 20 في المئة من شركاتها النفطية على الأقل مدرجة في البورصة؟

وفي ما يلي نص المقابلة:

• مقارنة مع السعودية والإمارات وقطر أين تقع الكويت ترتيباً لجهة الرؤية والاقتصاد؟

- نحتل المرتبة الأخيرة خليجياً، ففي هذه الدول الرؤية ليست مجرد كلام بل فعل وتنفيذ ودقة في العمل، ونحن في الكويت وضعنا في العام 2013 أو 2014 رؤية 2035، وحتى اليوم لا يوجد أي برنامج حقيقي أو خارطة طريق لتنفيذها.

للمرة الأولى وضعنا خطة لإجراء تغيير حقيقي في طريقة إدارة الدولة ودور الحكومة في الاقتصاد، وجعل دورها يقوم فقط على المراقبة والتشريع ومنح القطاع الخاص الفرصة لتنفيذ المشاريع من بدايتها لنهايتها، لكننا لم نضع خارطة طريق لبلوغ الأهداف الموضوعة ومنظومة إنجاحها.

• ما وصفتكِ لخروج الكويت من مأزقها المالي الحالي؟

- أولاً تنفيذ توصيات دراسة إعادة إصلاح الهيكل الحكومي، وخلق مركز حكومي لوضع الخطط والسياسات وإصلاح الدعومات، وفصل دور الدولة عن الاقتصاد والتنفيذ عن التخطيط، ما يمثل نصف الطريق لحل الأزمة الحالية.

والحل الثاني برأيي الشروع بتنفيذ المنطقة الاقتصادية الشمالية، ومن ثم فتح الآفاق أمام الاستثمارات الضخمة، وإتاحة فرص عمل حقيقية للشباب، لإبراز إبداعاتهم، والحلان موجودان وتطبيقهما يعيد الكويت إلى الطريق الصحيح، وأنا أتساءل عن سبب عدم السير بهما حتى الآن.

• ربما تصلح هذه الحلول أكثر على المدى الطويل فما مقترحاتك للمعالجة على المدى القصير؟

- أنا أتحدث عن خطة طويلة ومتوسطة، ومع ارتفاع أسعار النفط إلى 60 دولاراً لدينا مساحة يمكن أن نتعايش معها.

• لكن وفقاً لتصريحات وزير المالية تحتاج الميزانية لسعر يعادل 90 دولاراً وليس 60؟

- صحيح، وعلى الحكومة تقليص مصروفاتها، فأحد تحديات الميزانية أنه لدى الحكومة التزامات سابقة، أدت لتضخيمها لنحو 24 مليار دينار، ولو أزلنا الإضافات وقلصنا المصروفات يمكن أن نتعايش مع سعر نفط بـ60 دولاراً.

• بعيداً عن التمنيات كيف يمكن للحكومة تقليص مصاريفها وأكثر من 71 في المئة من مصروفاتها رواتب ودعومات، وهي غير قابلة للتقليص مع وجود أزمة صحية تتوسع كلفتها يومياً؟

- عندما تمر الشركات بأزمة مالية، تستدعي مسؤولي قطاعاتها المختلفة، وتحدد لكل منهم ميزانية تنسجم مع مركزها المالي، وتقول لهم «تصرّفوا فهذه مسؤوليتكم» وإذا سحبنا ذلك على الحكومة يجب أن تضع لكل وزارة ميزانيتها حسب قدرتها، وعلى الوزراء أن يتصرفوا في إدارة احتياجاتهم، وإلا لماذا اختيروا وزراء، علماً أن لدى كل الوزارات إنفاقاً متوسعاً يمكن تقليصه، ومسؤولية كل وزير أن يرتب احتياجاته وفقاً لميزانيته المستهدفة من الحكومة.

• لماذا توجد أكثر من لغة بين الشعب والنواب والحكومة ومجتمع الأعمال عند تشخيص الأزمة المالية وآليات مواجهتها؟

- لأنه لا توجد ثقة، وهنا أسأل سؤالاً، إذا كانت الحكومة تعاني من عجز كبير وأنا أعلم ذلك جيداً، كيف نصحو على إقرار الحكومة مشاريع شعبوية بكلفة تصل 1.2 مليار دينارعلى المال العام، كيف ستوافر هذه السيولة وهي تشتكي من العجز؟ هل لديها جيب خلفي لتمويل هذه القرارات؟ وهنا كيف يصدق الشعب والنواب حكومة تخالف الحكومة التي لا تتوقف عن التصريح بمخاطر نفاد السيولة، ولا تستبعد عجزاً بالرواتب؟

وبسبب ذلك ليس لدى الشعب ذرة ثقة في الحكومة، والمفارقة أن الحكومة هي سبب فقدان هذه الثقة، فمن يصدق حكومة تؤكد عجزها وتؤجل القروض على حسابها؟

• باعتباركِ عضواً في المجلس الأعلى للتخطيط هناك من يعتقد أنكم لم تسهموا في صناعة أي نهضة اقتصادية، وكل ما قدمتموه مجرد حبر على ورق؟

- رغم أننا نحارب من أجل النهضة الاقتصادية المستهدفة، وقدمنا كل الحلول لذلك، إلا أن كل الدراسات التي قدمناها لم يؤخذ بها، والجهات المعنية بالتطبيق لا تتفاعل معها، والسبب بكل بساطة أن تنفيذ المعالجات المطلوبة مثل الخصخصة يحتاج قرارات صعبة، وفي الوقت نفسه فإن الحكومة منشغلة بمعارك سياسية، ولا وقت لديها للإصلاحات الاقتصادية والمالية رغم أهميتها.

ولعل أفضل مقاربة تضيء على حال الكويت، سفينة تشتعل فيها الحرائق، وتقارب على الغرق، والقبطان ومساعدوه منشغلون في معارك مفتعلة، وأقصد هنا الحكومة والنواب حيث تركوها تشتعل وتغرق دون أن يتركوا معاركهم ويتحولوا لإطفاء الحرائق التي ستلتهم الجميع، وهذا حال الكويت، بسلطتيها التنفيذية والتشريعية.

• هل تؤيدين دخول الشركات الأجنبية لتطوير حقول النفط والغاز الصعبة في الكويت؟

- طبعاً، خصوصاً أن أوضاع الحقول النفطية في الكويت سيئة جداً جداً، ومعظمها يعمل بمضخات، والمكامن وصلت لمرحلة ما بعد النضج وتُنتج ماءً أكثر من النفط، والمحافظة على معدلات الإنتاج تتطلّب استثمارات ضخمة، ومؤسسة البترول لا تستطيع اليوم تطوير هذه الحقول بقدراتها الذاتية.

وعملياً، ستتسبب طريقة الحكومة في التعامل مع مؤسسة البترول في إفلاسها، فهي تقتل الدجاجة التي تبيض ذهباً، بعدما حوّلتها لجهة حكومية، بكل أمراضها مثل البيروقراطية والتعيينات العشوائية والتدخلات السياسية القاتلة.

ونتيجة للمعارك السياسية بات أي مدير في المؤسسة يهاب القرار، وهو يرى 22 مسؤولاً تحوّلوا للنيابة على قضايا معظمها لا يستحق ذلك، فمن يعمل يخطئ، وإذا تعاملنا مع كل الأخطاء بهذه الطريقة لن نعمل، وهذا ما يحدث اليوم في المؤسسة حيث كل مسؤول يقوم بأقل معدل عمل تفادياً للإحالة للنيابة، ما أصاب المؤسسة بالشلل.

• وماذا يحتاج السماح بدخول الشركات الأجنبية؟

- قانون يسمح بالاستعانة بها، خصوصاً أن العديد من العمليات النفطية تواجه مخاطر لا يتعيّن أن نتحمّلها منفردين، والكويت الدولة الوحيدة في العالم التي لا تستعين بقطاع الطاقة العالمي في عمليات الاستكشاف وتطوير الإنتاج.

وبرأيي مصر تقدم أفضل نموذج لقطاع نفطي حيوي، حيث لديها أكثر من 80 شركة نفطية، شكّلت عبرها قطاعاً حيوياً، فمشروع الغاز في البحر المتوسط يصنف على أنه الرقم واحد عالمياً ويتابعه الرئيس السيسي أسبوعياً لدرجة أن إنتاجه بدأ بعد 18 شهراً من بدء الاستشكاف، بعد أن استعانوا بالشركات العالمية من أجل الخبرة والمعرفة والتوظيف، ما وضع مصر على خارطة الدول المصدرة للغاز بعدما كانت مستوردة.

ومن هنا تتزايد أهمية الشراكة الأجنبية التي تساعدنا في جميع العمليات النفطية وتسهم بتقليل تكلفتنا.

ومثال على ذلك النفط الثقيل، فمنذ 1993 نوقع اتفاقيات استشارات مع شركات عالمية لتقديم استشارات، ولا نطبقها، لكن عندما تضع هذه الشركات جهدها ومن رأسمالها سننجح في تطوير حقولنا ونقلل كلفتنا كثيراً.

ويمكن القول إننا نواجه اليوم 3 تحديات نفطية أساسية تتعلق بتطوير الإنتاج، والتكلفة المتصاعدة، والتكاليف الرأسمالية الكبيرة التي تصرف على الإنتاج والتطوير والاستكشاف، ومعالجة هذه المنظومة تحتاج لفكر جديد، لكن ما نفعله في إدارة القطاع النفطي لن يؤدي الى نتيجة.

كما أن المجلس الأعلى للبترول لا يقوم بدوره في وضع السياسات وتحديد الأهداف، ويعتمد على ما تقدمه المؤسسة فقط، والوزارة لا تقوم بدورها التنظيمي وليست لديها القدرة الفنية لذلك، فالأجهزة موجودة لدينا لكنها لا تقوم بدورها.

• وما المطلوب تحديداً لإنجاح القطاع النفطي؟

- إعادة هيكلة القطاع وإقرار قانون جديد للنفط والغاز، وتغير النظام المحاسبي مع المؤسسة، الذي جعلها تفتقد لروحية الربحية، كما يتعين السماح بعقد شراكات مع مؤسسات عالمية مختصة للاستكشاف وتطوير الحقول.

علاوة على ذلك يجب التخلي عن سياسة احتكار المؤسسة لكل الأنشطة النفطية لصالح قطاع خاص بمساهمة حكومية، فاليوم لا يمكن في الكويت تحريك ذرة نفط أو مشتقات دون موافقة المؤسسة حتى لو كان من مصدر خارجي أقل كلفة، وهنا يبرز السؤال لماذا لا توجد لدى المؤسسة شركة تجارية عالمية تتاجر بالنفط والمشتقات؟

كما يتعين وجود جهة مستقلة تنظر بالقضايا التجارية، وتنظم وتراقب، وهذا هو النموذج النرويجي الذي يعد الأفضل عالمياً.

• هل تؤيدين إدراج الشركات النفطية في البورصة؟

- نعم، فهل يعقل أننا في دولة نفطية ولا يوجد على الأقل 20 في المئة من شركاتنا النفطية مدرجة؟

• كيف تقيّمين القطاع النفطي الخاص؟

- شركاته لا تستطيع النمو في ظل احتكار المؤسسة، وعدم وجود شركات كويتية تفكر في الإقليمية والعالمية.

• هل أنت مع قانون الدَّين العام أم لا ولماذا؟

بشروط

- أنا مع قانون الدَّين العام 100 في المئة، لأنه وببساطة لا توجد دولة في العالم تعمل وتستهدف نمو أعمالها دون ديون، وهذا نموذج عمل شائع لدى الدول والشركات والمؤسسات عالمياً، حيث امتزاج الديون ورأس المال، فلماذا تكون الكويت استثناء من القاعدة، خصوصاً في ظل ما تعانيه من مخاطر نفاد السيولة؟

ولكن موافقتي ليست منفلتة من شروط تنظّمها، ليس أقلها أن تضع الحكومة خطة موازية تبين سبل تسديدها للقرض الذي ستحصل عليه، والمدة الزمنية، وكلفته، إلى جانب تحديد كيفية استثمار مبالغ القرض، وعائده.

ومتى كانت مستعدة بخطة السداد المناسبة، أؤيد منح الحكومة فرصة الحصول على تمويل احتياجاتها المالية.

• هل أنتِ مع السحب من صندوق الأجيال القادمة أم لا ولماذا؟

لا

- لا يجب أن نمسّ مقدّرات هذا الصندوق أبداً، وإذا فعلنا فهذه خطيئة في رقبة من يقبل بذلك.

وما يعزّز قناعتي في هذا الخصوص أن صندوق الأجيال القادمة السند الذي سنرتكز عليه مستقبلاً حال حدوث أي طوارئ أو أزمة حقيقية في النفط وتوقف المدخول، فهذا الصندوق يشكّل المصدات المالية التي تحمي الكويت، ولذا أرى أن كل من يؤيد السحب منه هو مجرم.

• هل أنتِ مع الخصخصة أم لا ولماذا؟

نعم

- 100 في المئة، وعندما أقول ذلك لا أكون اخترعت العجلة، وإذا كنا نريد أن تصبح الكويت متطورة وفي مصاف الدول المتقدمة، فيجب منح القطاع الخاص فرصة القيام بالأعمال الاستثمارية والخدمية، على أن يكون عمل الدولة تحصيل الضرائب والرقابة وتسيير أمورها.

لقد نجحت دول عدة وفي مقدمتها الولايات المتحدة وأوروبا، في إيجاد قطاع خاص يدير كل الأعمال، وحكومات هذه الدول نظّمت ووضعت الإستراتيجيات، دون أن تكون منافساً للقطاع الخاص.

أما النظام في الكويت فيخالف المتبع والأنجع عالمياً، حيث الحكومة مَن يتحكم بالاقتصاد تقريباً وتضع الإستراتيجيات وتنفذها، ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع على المدى البعيد، ومن الأجدى أن تُنفّذ الأعمال من بوابة القطاع الخاص.

ومن باب الاستدلال عندما راجعنا عملية التخصيص الكبيرة التي قامت بها بريطانيا، سألنا عن الإجراءات الصحيحة والخاطئة في تجربتهم، وكانت أكبر الأخطاء أنهم قاموا بالتخصيص قبل وضع التنظيمات، وهو الخطأ نفسه الذي وقعت فيه الكويت عندما خصصت أسهم شركات الاكتتاب العام لتواجه بعد فترة بسيطة خروج غالبية مساهمي هذه الشركات من هيكل ملكياتها، لتتركزغالبية الحصص في يد 2 أو 3 مساهمين.

وقد دفع هذا الخطأ بريطانيا لإعادة تنظيم الخصخصة بإجراءات تكافح الاحتكار، بتحديد وقت معين لبيع وشراء أسهم هذه الشركات، والحفاظ على أسعار أسهمها، ولذا يتوجب على حكومتنا وضع إطار إجرائي مشابه يسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في شركات الاكتتاب العام وفق شروط تضمن عدم الاحتكار أو رفع الأسعار، مع الحفاظ في الوقت نفسه على جودة الخدمة المقدمة، وإدارة العملية الاقتصادية بنجاح.

• معلوم أنكِ كنتِ ضمن فريق مدينة الحرير فهل أنتِ مع المشروع أم وجودك كان مجاملة لصاحب الفكرة الراحل الشيخ ناصر الصباح ولماذا؟

نعم

- أنا مع المشروع، لكن في البداية اسمحلي أن أوضح نقطة جوهرية في هذا الخصوص، وهي أن المشروع ليس مدينة الحرير كما يعتقد البعض، بل منطقة اقتصادية متكاملة تمثل الوجه الجديد الذي نريده للكويت، التي يدير فيها القطاع الخاص كل الأعمال، ومكان يجذب استثمارات عالمية كبيرة برؤوس أموال ضخمة، مؤسسات تحقق نمواً مستداماً في أرباحها وتدفع الضرائب للحكومة، وكل ذلك يتم دون بيروقراطية.

وما سبق هو نموذج الفكرة الأساسية لمشروع مدينة الحرير، حيث خلق منطقة اقتصادية بأنظمة تحاكي التطور الاقتصادي والتغيرات والذكاء الاصطناعي والـ»داتا» الكبيرة والاقتصاد الحيوي الذي لا علاقة له مباشرة بالنفط بل مبني على المعرفة، والطاقة البديلة والاستمرارية والاقتصاد المستدام.

ومن مكتسبات هذا النموذج أنه يستقطب الشباب القادر على خلق أعمال تتخطى أبواب الكويت إلى العالمية، من خلال منحهم فرصة تنفيذ الأفكار الخلاقة التي تتوافر لديهم على أرض الواقع.

ومن هنا فـ«الحرير» ليس مدينة بل منطقة اقتصادية شمالية ومشروع دولة وليس مشروع أفراد ينتهي بموت صاحبه، علماً بأنها أول خطوة من خطة التنمية 2025، وأهم محور فيها، والدولة من ترعاه وتتبناه، وصاحب الفكرة المجلس الأعلى للتخطيط أما صاحب الرؤية فكان الراحل الشيخ ناصر صباح الأحمد الذي أنتج من حواراته مع المجلس الرؤية لخلق اقتصاد مواز للنفط، بالاستفادة من الأراضي الشاسعة في جزر شمال الكويت غير المستغلة، والموقع الجغرافي للكويت في شمال الخليج مع الكثافة السكانية الكبيرة، وتميز علاقاتنا مع السعودية وكل دول الجوار، والعقول الشبابية المتميزة التي تحتاج إلى فرصة لإبداعها، والذين يشكّلون ثروة الكويت الحقيقية.

وما يستحق الإشارة إليه هنا أن المتابع جيداً لتاريخ الكويت يستطيع أن يفهم بسهولة شيفرة السر في أهمية هذا المشروع، فمنذ إنشاء الدولة قبل 400 سنة، كانت الكويت بلا تجارة أو ماء، مجرد صحراء جرداء، لكن أهل الكويت وقتها نجحوا في بناء دولة متقدمة بمنظور ذلك الوقت معتمدين على عقول خلاقة رغم كل التحديات، وهذا ما نحتاج إليه الآن لجهة تبني الفكر المتطور بدلاً من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.

ويمكنك أن ترى نجاحات الكويتيين في السعودية والإمارات وقطر وأميركا وأوروبا الذين لم يحصلوا على الفرصة المناسبة في الكويت لإقامة مشاريعهم الخاصة، والإبداع من دون التقيد بشروط لا تجدها إلا في الكويت.

• هل يمكن أن تُفلس الكويت أم لا ولماذا؟

نعم

- فالكويت مثل شركة لديها أصول ضخمة، ولكنها تعاني سوء الإدارة المالية، فرغم أن لدينا صندوقاً سيادياً ونفطاً إلا أننا نصرف أكثر من إيراداتنا من هذه الأصول والتي نعتمد كلياً على عوائدها، ما يمثل خللاً هيكلياً في الميزانية، نتيجته ما نعانيه الآن من مأزق مالي غير مستحق.

ومالياً فإن صندوق الاحتياطي العام أفلس بالفعل، بسبب سوء إدارة التدفقات النقدية، الذي ترتب عليه مواجهتنا عجوزات متراكمة منذ 2014، دون أن نقدم أي إصلاح للمنظومة التي يتم الصرف عليها يضمن إدخال أكثر مما نصرفه أو معدله.

والواقع يشهد أنه لم تحدث أي إصلاحات حقيقية تحوّل الاقتصاد الكويتي إلى مستدام، ولذلك من الوارد أن تُفلس الكويت، مع الأخذ بالاعتبار أن الحلول المطروحة مثل الدين العام وغيره ليست مستدامة بل جزئية وموقتة لأزمة مالية متجذرة.

• هل تؤيدين فرض ضرائب أم لا ولماذا؟

نعم

- وإذا فعلنا ذلك لا نكون اخترعنا العجلة أيضاً، ولماذا نكون استثناء في إيجاد مداخيل ضريبية مثل كل دول العالم؟

وأفضل نموذج بالنسبة لنا النرويجي وهو بالمناسبة الأقرب لجهة الدولة النفطية وعدد سكان يقارب 4 ملايين نسمة، وهناك يدفع المواطن 55 في المئة من دخله كضرائب، وصندوقها السيادي الأول في العالم، فهذا النموذج الذي يجب أن نحاكيه، ولذا أنا مع دفع الشركات والمواطنين ضرائب مع وجود خطة ضمان اجتماعي توافر مستوى معيشة آمناً ومناسباً للمواطنين.

وإذا كان يتعين التأكيد على أنه لا يمكن البقاء من دون ضرائب، إلا أنه لا يجب أن نبدأ بضريبة الأفراد وفقاً للمقترح حالياً، بل نبدأ بفرض ضريبة على الشركات.

وما يقلل من منطقية فرض ضرائب على المواطنين أنه كيف أفرض عليهم ضريبة وأمنحهم في الوقت نفسه دعماً؟ ومن ثم علينا تقليص الدعومات أولاً وفرض ضريبة على الشركات، وبعدها على أصحاب الدخل المرتفع وهكذا دواليك، ووقتها نكون بدأنا بإصلاح نظام الكويت المالي المضروب.

• هل ترين أن الحكومة تتعامل مع قضاياها الاقتصادية بترددها السياسي نفسه؟

نعم

- وما يزيد الحيرة أن المعارك السياسية المفتوحة منذ فترة لا سبب لها، ومن الواضح أنه ليس لها علاقة بالحريات مثل إقرار قانون معاقبة من يضع تغريدة والذي أعدّه إجراماً، باعتبار أن سقف حرية التعبير عن الرأي في الكويت عالٍ، ولا يمكن هدمه، ولذا يجب إقرار قانون يعالج أوضاع مساجين الرأي، خصوصاً السياسي.

وهنا يظل السؤال بارزاً هل تتعارك السلطتان من أجل مكافحة الفساد؟ من الواضح أنه لا، ولذا فهم مشاركون بكل أنواع الفساد السياسي، فعندما يحصل نصف الشعب على راتب دون دوام فهذا فساد، وأي مبلغ يُدفع لقاء خدمة فساد، وإذا كنا جميعاً متفقين على ضرورة محاربة الفساد، إلا أن لا أحد يعرف على ماذا تحتدم المعركة السياسية حالياً!

• هل تعتقدين أن التركيبة الحالية لمجلسي الحكومة والأمة قادرة على تحقيق الإصلاح الحقيقي؟

لا

- ولا يمكن أبداً أن يتحقق الإصلاح المنشود في ظل تركيبة السلطتين، لا سيما أنه ليس لدى الجهتين أي المعارضة والحكومة، أي قدرة على تنفيذ خططهما المتناقضة، كما يبدو أنه لا يوجد لدى الحكومة أي نية لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، فعندما يهبط سعر النفط يبدأ حديثها عن الإصلاح وعندما يعاود الارتفاع يتم نسيان الموضوع، فمنذ 60 أو 70 عاماً ونحن ندور في الفلك نفسه، وبناء على التاريخ الحكومي إذا استمر ارتفاع سعر النفط لـ60 أو 70 دولاراً خلال السنوات الـ3 أو الـ4 المقبلة، فستختفي نسبياً مطالبات الإصلاح الاقتصادي.

• هل تعتقدين أن نموذج المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحالي يستحق الدعم؟

نعم

- طبعاً يستحق الإنقاذ حتى لو كان نموذجاً فاشلاً، لأنه يجب تشجيع القطاع الخاص، ففي كل الدول مرت مشاريعها الناجحة بمراحل فشل قبل أن تنجح، ولا يتعين على الحكومة قتلها في مهدها ونقول عنها فاشلة، مع الإشارة إلى أن جميع المشاريع الصغيرة والمتوسطة تأثرت بالحظر والإغلاق ولم تترك الحكومة لأصحابها فرصة الحركة لاستعادة نشاطها، ومن هنا يجب مساعدتها لتنتعش، ويعيش أصحابها.

• هل توافقين على خطة الحكومة في تعيين المواطنين أم يجب أن تتوسع عبر القطاع الخاص بدعمه؟

لا

- يجب أن تتوقف الحكومة تماماً عن التعيين، فلديها نحو 420 ألف موظف وحاجتها الفعلية 100 ألف فقط.

فالحكومة يتعين أن توافر الوظائف في القطاع الخاص وفي المشاريع الصغيرة، بأن تعطي مجالاً للحركة والعمل ولا يتوجب عليها التوظيف من دون أن يكون لديها عمل حقيقي لمن تعيّنهم، أما النموذج الحالي حيث جلوس شريحة كبيرة من الموظفين الحكوميين في منازلهم ونيل رواتبهم أو الذهاب للعمل من دون عمل فيقتل الثروة البشرية ويقضي على الإبداع.

• هل أنتِ مع تأجيل القروض أم لا ولماذا؟

لا

- والسؤال غير معلوم الإجابة هو «لماذا أجلت الحكومة القروض، إذا كان المواطنون سيدفعون في النهاية أقساطهم، ولم تنقص رواتبهم، أين تكمن الفائدة الاقتصادية، وهل سيساعد ذلك المواطن على استثمار أقساطه المؤجلة في الاقتصاد؟». طبعاً هذا لن يحدث، ومن ثم تكون الخطوة غير مستحقة ومكلفة في وقت تتنامى حاجة الدولة للحفاظ على السيولة بتحسين أوجه صرفها على الأقل.

• هل تؤيدين خطة الحكومة لتعديل التركيبة السكانية أم لا ولماذا؟

بشروط

- أنا أؤيد تعديل التركيبة السكانية لكن السؤال ما هي خطة الحكومة، وإذا كنت تقصد الحديث عن تغيير التركيبة لتصبح 70 في المئة كويتيين و30 في المئة وافدين، فلا أعلم تفاصيلها، ومنطقي أن يقوم الكويتيون بأعمال الوافدين، كما أن النمط الحالي غير مستدام، والكويتيون يميلون إلى أعمال الرقمنة.

وإذا استطاعت الدولة ميكنة الأعمال يمكن أن تجذب المواطنين لسوق العمل بقوة، لكن من دون هذه العناصر لا يمكن تحقيقها ذلك.

وضع المرأة بالكويت يشكّل أسوأ انحدار بالمجتمع منذ الغزو

«الراي» سألت أكبر ماذا تغيّر على الكويت منذ الغزو العراقي، فقالت: «الانحدار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي».

وأضافت أن أسوأ انحدار يتعلّق بوضع المرأة، فبعد أن كان لها تمثيل حكومي وبرلماني، لم تعد على طاولة صناعة القرارات.

وفسّرت أكبر هذه الحالة بعدم وجود جبهة تدافع عن حقوق المرأة، وأن التيارات السياسية الموجودة تدفع عادة بوزير سلفي أو إخواني وغير ذلك من التيارات، لكن لا أحد يدفع بالمرأة، مشيرة إلى أن طريقة التعيينات والانتخابات مبنية على علاقة الدواوين والعلاقات المباشرة التي يشكل جزء منها فساداً حيث المصالح المشتركة «تصوتلي وأنا أضع لك ربعك في مناصب، وكل واحد يضع ربعه الرجال».

ولم تُخل أكبر مسؤولية المرأة الكويتية في تراجعها، إذا نوهت إلى أن التراخي النسائي بعد تحقيقهن مكاسب أحد الأسباب، وقالت «حاربت المرأة الكويتية لنيل حقوقها السياسية وعندما وصلت رخينا وهناك تقصير نسائي في توحيد صفوفهن».

ولفتت إلى أنه في بداية نشأة الكويت كانت المرأة تدير أعمالاً عديدة لأن رجال الكويت كانوا دائمي السفر للتجارة، مؤكدة أنه لا يوجد محلياً فقر في النساء القائدات، فيما تكشف أنه يوجد 300 ألف امرأة في الكويت تصلح للقيادة السياسية والاقتصادية، وأن هناك 300 منصب قيادي في الكويت تشغل المرأة منها 40 فقط.

وبيّنت أكبر أن التحدي الأعظم الذي يواجه نساء الكويت أن قضيتهن ليست على أي طاولة، وأنه لا يوجد قانون أو تنظيم مثل الإمارات يشترط أن يكون بكل شركة مدرجة 30 في المئة نساء، مشيرة إلى أن من دون مشاركة المرأة الفاعلة في الحياة السياسية والاقتصادية لن يحدث التطور.

في ظل تقليص الإنفاق كيف ينمو القطاع الخاص وهو يعتمد بشكل أساسي على المشاريع الحكومية؟

على هذا السؤال ردت أكبر بأنه لا يفترض أن ينمو القطاع الخاص عن طريق المشاريع الحكومية فحسب، وهذا ما يجب معالجته في الفترة المقبلة، خصوصاً أن بيئة الأعمال في الكويت ليست مثالية بل مسمومة بالمعوقات التي تواجه أصحاب الأعمال.

وقالت «شخصياً أفضل العمل مع القطاع الخاص، ويمكن أن تنمو شركاته بالتوسع خارجياً وعن طريق الاستثمارات الأجنبية التي تشكل الفكرة الرئيسية للمنطقة الاقتصادية الشمالية، ما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي».

وأضافت «يجب إطلاق برنامج تخصيص، خصوصاً أن أي قطاع أعمال في الكويت محدود بسبب أن الدولة الوحيدة التي تقدم المشاريع، ومن أجل نجاح القطاع الخاص يجب أن يعتمد على أكثر من عميل، ويتوسع استثمارياً خارج الكويت، ومثال على ذلك شركة أجيليتي المتواجدة في نحو 120 دولة، ومجموعة «كيبكو» و«المباني» التي تجاوزت عقبات الداخل بالتوسع خارجياً».

وأشارت إلى أنه إذا كانت الحكومة جادة في تغيير الوضع فعليها فتح المجال أمام قطاع الأعمال وتنمية استثماراته بعقلية مختلفة، منوهة بأن الدول المجاورة تعتمد الأفكار التي نقدمها في الكويت ونفشل في تنفيذها أو نتأخر في تحقيقها.

وأوضحت أنه لا يوجد في الكويت نقص في الأفكار بل في التطبيق، مضيفاً أن ما نحتاجه فعلياً إدارة قادرة على إحداث تغيير الواقع، وحتى يتحقق ذلك على القطاع الخاص أن يتخلى عن الاعتماد على الكويت فقط خصوصاً أن السوق المحلي صغير نسبياً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي