No Script

إطلالة

رفض تفتيش الهواتف الذكية للمسافرين !

تصغير
تكبير

أسعدني كثيراً خبر حكم المحكمة الفيديرالية الأميركية في بوسطن القاضي، بعدم جواز تفتيش رجال الجمارك وحماية الحدود لهواتف وحواسيب المسافرين، خصوصاً القادمين إلى الولايات المتحدة الأميركية، ما لم يكن هناك اتهام أو شكوك معقولة.

ففي البداية، كانت القضية تمس شريحة كبيرة من المسافرين القادمين إلى الولايات المتحدة، بغرض السياحة إلا أن الأمر اختلف كثيراً مع 11 مسافراً تعرضت هواتفهم الإلكترونية للتفتيش الدقيق، من دون سبب مقنع او شكّ فردي، الأمر الذي دعاهم إلى تقديم دعوى ضد حكومة الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر عام 2017، هذا وقد نالت الدعوى دعماً كاملاً من اتحاد الحريات المدنية الأميركي «ACLU» ومؤسسة الحدود الإلكترونية «EFF»، الواقعة في ولاية ماساتشوستس، كونهما مؤسستين مختصتين في الدفاع عن الحقوق الرقمية في البلاد، حتى نالوا الحكم القضائي الموقّع من القاضي دنيس جيه كاسبر، الذي يفيد أنه ليس من الضرورة الحصول على إذن تفتيش رسمي، ولكن عمليات التدقيق والتفتيش من رجال الجمارك وحماية الحدود تتمّ من دون وجود شكوك معقولة! وهو ما يعدّ انتهاكاً صارخاً للتعديل الرابع، الذي بموجبه يحمي المسافرين من عمليات التفتيش الذاتي والمصادرة التعسفية في كل عام.

وبالتالي إنه أمر مزعج عند السفر إلى أي دولة أن يكون جهازك الخاص عرضة للتفتيش، فقط عليك أن تتخيل لو أن جهازك الخاص يحتوي بداخله على صور خاصّة لك ولعائلتك، أو لديك معلومات سرّية تخصّك، وهنا كيف ستكون ردّة فعلك إن كنت مجبراً على التفتيش، هل ستكون مطمئن البال، أم ستلجأ إلى أساليب أخرى تجنّبك التفتيش الدقيق، ثم ما مدى قانونية هذا التفتيش الفردي في المطار مثلاً؟! ففي الآونة الأخيرة زاد عدد عمليات تفتيش الأجهزة الإلكترونية في منافذ الدخول الأميركية بشكل لافت للأنظار، لاسيما وقد أجرى CBP أكثر من 33.000 عملية تفتيش خلال ثلاث سنوات فقط.

الأمر الذي أدّى إلى تذمّر معظم المسافرين الدوليين، خصوصاً الذين عادوا إلى الولايات المتحدة عن طريق الترانزيت، متجهين إلى دول أخرى.

لقد جاء الحكم الصادر عن قاضي المحكمة الجزئية، ليعترض على سياسات وزارة الأمن الداخلي التي منحت المسؤولين سلطة قانونية واسعة، في تفتيش ممتلكات المسافرين الداخلين والخارجين من الولايات المتحدة، بما في ذلك الأجهزة الالكترونية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بالمسافرين، وعلى الرغم من أن المصالح الحكومية لها أهمية قصوى على الحدود وتستلزم إجراء أي عملية تفتيش، إلا أن تلك العملية تتطلّب وجود شكوك معقولة ما لم تفد بأن الأجهزة تحتوي على مواد مهرّبة أو ممنوعة.

وبالتالي فالحكم لا يمنع التفتيش نهائياً، وإنما يوقف التفتيش العشوائي غير المبرر، ويصبح لزاماً على السلطات أن تقوم بإجراء التفتيش فقط عند الضرورة، كما يمكن لأي مسافر تم تفتيشه أن يحتجّ على هذا التصرف المشين، ويمكنه مقاضاة سلطات الجمارك والحدود، فتصبح الدولة مجبرة على إثبات أنه كان هناك مبرر يستلزم إجراء التفتيش.

إن هذا الحكم التاريخي يضع حداً لقدرة الحكومة الأميركية على القيام بحملات «تصيّد»، خالية من الشكوك، ويؤكد الحكم أيضاً أن الحدود ليست مكاناً ينعدم فيه القانون، بل حتى لا تفقد حقوق الخصوصية عند المسافرين، كما أن هذا الحكم يطلق العنان للمسافرين بأن يعبروا الحدود الدولية من دون خوف من أن تقوم الحكومة بنهب المعلومات الحسّاسة والأسرار التي يحملها المسافر في الأجهزة الالكترونية، أو الاستيلاء عليها من دون وجه حق... شكراً للقضاء الأميركي، وشكراً لاتحاد الحريات المدنية الأميركي، الذي عزّز بشكل كبير حماية التعديل الرابع لملايين المسافرين الأجانب في كل عام... ولكل حادث حديث.

alifairouz1961@outlook.COM

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي