لتحقيق الأمن الغذائي في ظل انخفاض حاد بالمصيد المحلي الذي لا يوفر حالياً أكثر من 15 في المئة

استزراع الأسماك في الكويت... حاجةٌ لا ترف

تصغير
تكبير

- مرزوق العازمي:
- «الزراعة» بدأت الاستزراع منذ 2006 لسد حاجة السوق من الأسماك والربيان
- مشاريع الاستزراع تعمل للتخفيف على المخزون الإستراتيجي في المياه الإقليمية
- أول مشاريعنا الأقفاص العائمة في الخيران على مساحة 2000 متر مربع
- لدينا مشروع الاستزراع بالمناطق البرية خصصت له 4 مواقع في جزيرة بوبيان والصليبية والوفرة والعبدلي
- من المشاريع تربية الأسماك في أحواض «فيبرجلاس» بنظام الاستزراع المكثف وإعادة تدوير المياه
- نستهدف من المشروع الأخير إنتاج السبيطي والشعم والسبيطي الأوروبي والقاروص والبلطي والربيان وغيرها

لم تعد مسألة «استزراع الأسماك» في الكويت ترفاً أو نوعاً من الرفاهية، في ظل انخفاض حاد بكميات المصيد من المياه الإقليمية، وتزايد الحاجة لهذه المادة الغذائية، ضمن ما يعرف بـ«الأمن الغذائي» وهو مصطلح مطروح بقوة على مستوى العالم الذي يواجه تحديات كبيرة في ظل الزيادة المستمرة في عدد سكان العالم، حيث سخّرت معظم دول العالم الطاقات والأموال لتطوير صناعة الاستزراع المائي، وتطوير التقنيات المستدامة الصديقة للبيئة والمجدية اقتصادياً، لتوفير جودة المنتج وخفض تكلفة الإنتاج.

وحسب تقارير منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة «FAO»، فإن هذه الصناعة المهمة (استزراع الأسماك) توافر حاليا نسبة 52 في المئة من متطلبات السوق العالمي، ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة بسرعة مع زيادة التطوير التكنولوجي في مجال الاستزراع المائي.

وفي الكويت، تشير الدراسات والإحصائيات إلى انخفاض حاد في كمية المصيد من المياه المحلية في السنوات الماضية، حيث يوفر المخزون السمكي الطبيعي حالياً ما يقارب 15 في المئة فقط من احتياج السوق المحلي من الأسماك والقشريات، بينما يتم استيراد ما يقارب 85 في المئة، لسد الفجوة بين كميات المصيد والطلب في السوق، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ.

وقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً رسمياً بمسألة المخزون السمكي المحلي، ومساهمته في تأمين الأمن الغذائي، حيث تولت الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية هذا الأمر، وهي التي تعمل منذ إنشائها لتطوير وتنظيم الثروة السمكية بأسلوب يتماشى مع احتياجات المجتمع، واضعة نصب عينيها البعدين الاقتصادي والاجتماعي لمجتمع الصيادين، وما يتماشى مع المحافظة على المخزون السمكي والاعتبارات البيئية، من دون مخاطرة بالمنافع والخدمات التي تقدمها البيئة البحرية للأجيال القادمة.

وفي سبيل تأمين الطلب المحلي على السمك، قادت الهيئة جهوداً كبيرة، رسمية وشعبية، في السنوات الأخيرة لإقامة مشاريع الاستزراع السمكي، حيث تم التركيز على استزراع بعض أنواع الأسماك والربيان والتي تتلاءم مع البيئة الكويتية، حتى وصل الأمر إلى قيام معهد الكويت للأبحاث العلمية «بتهجين» نوعين من الأسماك هما «السبيطي» و«الشعوم» لإنتاج سمكة أطلق عليها اسم «الشبيطي» مما اعتبره البعض ترفاً وأن لا حاجة لهذه المشاريع التي لا تغطي الإنتاج المحلي.

وللوقوف على جهود الهيئة في عملية استزراع الأسماك، التقت «الراي» نائب المدير العام لقطاع الثروة السمكية مرزوق العازمي، الذي أكد أن الهيئة بدأت في مشاريع استزراع الأسماك منذ 2006، بهدف سد حاجة السوق من الأسماك والربيان، والتخفيف على المخزون الإستراتيجي في المياه الإقليمية، من خلال إقامة مشاريع استزراع للأسماك حكومية وأخرى خاصة، مؤكداً أن الخطوة تشكل حاجة ملحة لتأمين متطلبات السوق، وليست ترفاً.

وكشف العازمي عن المشاريع المستقبلية لقطاع الثروة السمكية، وأولها مشروع تصميم البنية التحتية لمشاريع الاستزراع السمكي، الذي يهدف إلى تشجيع استثمار القطاع الخاص في مجال الاستزراع السمكي، إضافة إلى تربية الأسماك والربيان وإنتاج زريعة ويرقات الأسماك والربيان، مع رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك والمنتجات السمكية وتوفير الأمن الغذائي.

وأشار إلى أن «المشروع يتكون من عملية استزراع الأسماك بالأقفاص البحرية العائمة بالخيران، ويقع على مساحة 10 كيلومترات مربعة، وكذلك الموقع الساحلي على مساحة 2000 متر مربع، بواجهة بحرية لا تقل عن 100 متر، ويعمل بطاقة إنتاجية 2000 طن من الأسماك البحرية (أي ما يعادل 50 في المئة من إنتاج المصايد البحرية الحالي)... على أن يتم نظام الاستزراع عن طريق تربية الأسماك في الأقفاص البحرية العائمة»، لافتاً إلى أن أنواع الأسماك المستهدف إنتاجها هي السبيطي والشعم والسبيطي الأوروبي والقاروص وغيرها.

وأضاف «هناك مشروع آخر، هو مشروع استزراع وتربية الأسماك والربيان بالمناطق البرية، حيث خصصت لها 4 مواقع وهي جزيرة بوبيان ويقع على مساحة 4 كيلومترات مربعة، وفي منطقة الصليبية ومساحته 140 ألف متر مربع، وخصص إلى 5 شركات، والاستزراع التكاملي بالقسائم الزراعية في منطقتي الوفرة والعبدلي، ومتوقع إنتاج الأسماك البحرية والبلطي والربيان والطحالب البحرية.

وهناك مشروع لتربية الأسماك في الأحواض الفيبرجلاس بنظام الاستزراع المكثف وإعادة تدوير المياه، وهو يعتمد على تربية كثافات عالية من الأسماك في مساحات محدودة، باستخدام تقنيات عالية ومتطورة».

وأشار إلى أن «الاستزراع السمكي المكثف يتميز بأنه غالبا ما يكون في أماكن مغلقة، وفي تنكات وتتم الاستعانة فيه بحقن الأوكسجين في المياه من مولدات الأوكسجين أو من تنكات الأوكسجين المضغوط، ليتناسب معدل الأوكسجين الذائب مع الكثافات العالية من الأسماك التي تتراوح بين 20 و30 كيلومتر مكعب من المياه، ويتم تحريك المياه فيه حركة دائرية مستمرة، لإتاحة الفرصة للمخلفات أن تترسب في منتصف الحوض، حيث يتم التخلص منها على الفور.

كما تتم إعادة استخدام الماء (تدوير المياه) عن طريق تمريره على الفلاتر البيولوجية والميكانيكية بنسبة تصل إلى 90 في المئة. وكذلك لدى الهيئة مشروع تربية الربيان بنظام الاستزراع شبه المكثف في الأحواض الترابية، حيث يستهدف زراعة السبيطي والشعم والسبيطي الأوروبي والقاروص والبلطي والربيان وغيرها من أسماك المياه العذبة».

655 طناً إنتاج الاستزراع في عامين

أصدرت الهيئة العامة للزراعة إحصائية، لموسم 2018 - 2019 أكدت من خلالها، أن قطاع الثروة السمكية استزرع أسماك السبيطي والبلطي والهامور والشعوم بكمية وصلت إلى نحو 655 طناً، حيث بلغ إجمالي الكمية المنتجة 197.960 طن، وبقيمة سوقية بلغت 352 ألف دينار، في العام 2018، بينما في العام 2019 بلغت الكمية المنتجة منها 458.146 طناً، وبقيمة إجمالية بلغت 847 ألف دينار، وبارتفاع بلغ قرابة 50 في المئة في الإنتاج وقيمته.

نظام رقابي على أسطول الصيد

أوضح نائب المدير العام لقطاع الثروة السمكية مرزوق العازمي أن «الهيئة اتجهت إلى دعم النظام الرقابي على أسطول الصيد في المياه الإقليمية الكويتية، من أجل فرض سيطرة كافية على مصايد الأسماك، وللحد من المخالفات التي تعرضت لها الثروة السمكية، لأن الرقابة أداة فعّالة في حماية الثروة السمكية من الاستنزاف والعشوائية.

ومن خلال هذه المنظومة والتي تهدف إلى الصيانة المستمرة للقوارب الرقابية وكذلك لتطبيق سياسات التكهين والاستبدال والتي تكفل المحافظة على قدرات الرقابة البحرية في أحكام عمليات التحكم والرقابة والسيطرة والرصد، فقد وصل عدد قوارب الرقابة العاملة بالقطاع إلى 28 قارب رقابة بالإضافة الى خمسة قوارب خدمات».

خطوات للمحافظة على المخزون البحري

ذكر العازمي أن الهيئة تعمل على تنظيم عمليات الصيد، من خلال تنظيم استخدام معدات الصيد وكذلك من خلال المحافظة على المخزون السمكي بمنع صيد صغار الأسماك والربيان في أماكن الحضانة والتي تتمثل في جون الكويت وفي حدود ثلاثة أميال من الشواطئ، كما تحافظ على المخزونات المهمة من خلال حماية الأسماك والربيان خلال فترات تكاثرها ووضع البيض، كما هو الحال في حظر صيد الربيان في الفترة الممتدة من منتصف مارس وحتى بداية سبتمبر، حتى تعطى الفرصة للإناث لوضع البيض في موسم التكاثر وتعطى الفرصة للصغار للنمو.

وكذلك الحال بالنسبة للزبيدي والذي يمنع صيده خلال فترة تكاثره والتي تمتد من منتصف مايو وحتى منتصف أغسطس من كل عام. وأفاد بأن الهيئة قد تلجأ إلى التبكير أو التأخير في موسم الحظر طبقاً للمؤشرات البيولوجية، وبالتعاون مع معهد الأبحاث وجامعة الكويت بهدف حماية الثروة السمكية وتنظيم طرق استغلالها وإدارة أنشطتها.

المعهد يقيّم التجربة على أمل الوصول إلى مرحلة الإنتاج

«الأبحاث» أنتح «الشبيطي» بتهجين السبيطي والشعوم

أماني الياقوت:

- السمكة الهجينة تمتاز بسرعة نمو السبيطي وهدوء الشعم في أحواض التربية - استزرعنا أنواعاً تجارية عالمية مثل السيباس الأسترالي الذي يتميز بسرعة النمو أكدت الباحثة العلمية والمتخصصة في استزراع الأسماك والقشريات في معهد الأبحاث العلمية أماني الياقوت أن المعهد نجح منذ 15 سنة تقريبا في «تهجين» الأسماك، حيث اختار الأنواع الأفضل والمحببة لدى الكويتيين، وهما سمكتا السبيطي والشعوم، مشيرة إلى نجاح المعهد في تهجينهما وإنتاج سمكة أطلق عليها اسم «الشبيطي» وأن هذا الأمر في طور التجربة حتى الآن، على أمل الوصول إلى مرحلة الإنتاج والتسويق ليشارك المعهد في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك وتوفير الأمن الغذائي.

وقالت الياقوت، في تصريح لـ«الراي» إن المواقع البحرية والمناطق الساحلية المخصصة للاستزراع السمكي في الكويت محدودة، وكان الحل هو الاستزراع في الصحراء. وحتى تنجح صناعة الاستزراع السمكي في الكويت وينجح القطاع الخاص في الاستثمار في هذا المجال، حيث يقوم معهد الكويت للأبحاث العلمية بإجراء المشاريع والأبحاث الخاصة، بتطوير تقنيات الاستزراع للأنواع التجارية محليا وعالميا، والتي يمكن استزراعها بكثافة في المياه قليلة الملوحة المتوافرة في مزارع الوفرة والعبدلي.

وأضافت أن «من الأنواع المحلية المرغوبة التي استثمرت الكويت من خلال معهد الأبحاث لتطوير طرق استزراعها، منذ بداية السبعينات هي أسماك السبيطي والشعم، حيث تتميز أسماك السبيطي بسرعة نمو جيدة حيث تصل إلى الحجم التجاري (واحد كيلو جرام) خلال فترة (18 شهراً) كما تتميز بالسعر المناسب في السوق المحلي مما يجعلها أحد الأنواع الجيدة للاستزراع، ولكنها سريعة الحركة داخل الأحواض وتتميز بالعنف لذلك لا يمكن إنتاجها بكثافة عالية في الأحواض في نهاية الامر»، لافتة إلى أن أسماك الشعم تتميز بالهدوء داخل الأحواض مما يساعد على إنتاجها بكثافة عالية ولكنها ذات نمو بطيء حيث تصل إلى الحجم التجاري (كيلو جرام) خلال فترة تصل إلى عامين.

وأشارت إلى قيام المعهد بدراسة إمكانية إنتاج هجين يحمل الصفات المطلوبة من هذين النوعين من الأسماك، وقد تم إنتاج أسماك هجينة بين السبيطي والشعم، من خلال مشروع تم إنجازه بين عامي 2006 و2008، وبتمويل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

وتابعت «تمتاز أسماك الهجين بسرعة نموها والتي تقارب معدل نمو أسماك السبيطي كما تمتاز بهدوء أسماك الشعم في أحواض التربية، مما يسمح بإنتاج أكثر وفرة وربحية. وهي تشبه في الشكل أسماك السبيطي في طول السمكة ولكن أعرض بشكل قليل في منطقة البطن، بينما تشبه أسماك الشعم في لون الزعانف الظهرية والبطنية الصفراء المميزة لأسماك الشعم، كما تمتاز أيضا بالطعم اللذيذ. ويحتفظ المعهد بأمهات الأسماك في الأحواض من أجل القيام بالتجارب العلمية عليها تمهيداً لإمكانية توفيرها للمستثمرين».

وذكرت الياقوت أن «من أسس نجاح استزراع الأسماك هو اختيار الأنواع ذات سرعة النمو، حتى يتمكن المستثمر من حصاد إنتاجه وبيعه في الأسواق في أقصر فترة زمنية مما يقلل من التكلفة الكلية للمشروع الاستثماري، ولضمان عدم فقد المحصول من جراء أي إصابة فطرية أو بكتيرية أو طفيلية»، مشيرة إلى أن المعهد قام باستزراع عدة أنواع تجارية مهمة يتم استزراعها بنجاح على مستوى العالم، مثل اسماك السيباس الأسترالي والتي تتميز بسرعة النمو وكثافة الإنتاج الذي يصل إلى 60 كيلو غراماً في المتر المكعب، ويتميز هذا النوع من الأسماك بالهدوء في الأحواض وكفاءة تحويل الغذاء حيث يتم تحويل 1.200 كيلو غرام من الأعلاف إلى كيلو من الأسماك، مما يجعلها من أفضل الأسماك التي يمكن إنتاجها في صحراء الكويت.

كما يتم إنتاجها بشكل تجاري ناجح، وتعتبر واحدة من أفضل الأسماك للاستزراع عالمياً، حيث يتم استزراعها بشكل مكثف في استراليا ودول شرق آسيا والسعودية، ضاربة مثلا لإحدى المزارع في الكويت التي قامت بإنتاج السيباس الأسترالي بكفاءة عالية ويتم بيعها في السوق المحلي بنجاح ولكن يتم استقدام صغار الأسماك من خارج الكويت مما يزيد من تكلفة الإنتاج ولا يضمن الاستمرارية.

9 تحديات

1- استنزاف بعض المخزونات ذات القيمة الاقتصادية لارتفاع عمليات الصيد لفترة طويلة.

2- ارتفاع حجم المصيد الجانبي لمصايد الربيان بلا استفادة منه وما يستتبعه من تأثير على التنوع البيولوجي.

3- اتساع نطاق ونشاط صيد الهواة (الحداقة) وما استتبعه من استخدام طرق صيد غير مصرح بها.

4- الوضع الجغرافي والإقليمي للكويت الذي يتأثر بممارسات بعض صيادي الدول المجاورة.

5- سياسات الصيد في الدول المجاورة والتي تؤثر بشكل مباشر على المخزون المناطق السمكية المشتركة.

6- تدهور البيئة المائية واختفاء بعض الموائل (البيئات) المناسبة لبعض أنواع الأسماك والاأحياء البحرية الأخرى كمحار اللؤلؤ.

7- عدم توافر إحصاءات دقيقة عن الإنتاج السمكي سواء من المصايد الطبيعية أو الاستزراع السمكي.

8- قلة الحيازات المخصصة للاستزراع السمكي.

9- عدم توافر زريعة الأسماك بكميات تتلاءم مع التوسع في هذا النشاط.

خدمات قطاع الثروة السمكية

1 - إصدار تراخيص مزاولة نشاط الصيد وتراخيص الحظور.

2 - تجديد تراخيص سفن الصيد الحديدية للشركات، وسفن الصيد الخشبية وقوارب الفيبرجلاس للعاملين في القطاع الحرفي.

3 - إصدار وتجديد هويات للعاملين على سفن الصيد والطرادات.

4 - إجراء الفحص الفني على سفن وطرادات الصيد.

5 - إصدار أذونات استيراد الأسماك الطازجة والمجمدة.

6 - إصدار أذونات تصدير الربيان المجمد لشركات الأسماك.

7 - إصدار أذونات استيراد وتصدير يرقات الأسماك بغرض الاستزراع السمكي.

8 - التفتيش على المزارع السمكية في الوفرة والعبدلي والصبية والصليبية وجون الكويت لتقييمها.

9 - مراجعة دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية لمشاريع الاستزراع السمكي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي