No Script

مجلس الأمة لم يقرّ أو يعدّل أياً من القوانين لتقديم تسهيلات للشركات

غياب التسهيلات الضريبية في الكويت ... خلال جائحة «كورونا»

تصغير
تكبير

- 67 في المئة من الشركات الكبرى تأثر نشاطها التجاري وأرباحها سلبياً خلال العام 2020
- دول قدمت تسهيلات ضريبية لكل القطاعات وأخرى قصرتها على الأكثر تضرراً كالترفيه والطيران
- إدارات ضريبية في عدد من الدول أُعطيت سلطة فحص تقدير مدى تضرر الشركة واستحقاقها للتسهيلات
- الضريبة ليست مجرد أداة لتحقيق إيرادات للدولة بل لها أغراض اقتصادية من أهمها دعم النشاط الاقتصادي
- الشركات التي تساهم بالإيرادات العامة في وقت الرخاء أحق وأولى بالمساعدة عند الأزمات

قدّم العديد من الدول حول العالم والخليج، تسهيلات ضريبية بهدف الحفاظ على التدفق والسيولة النقدية للشركات، لدعمها خلال أزمة «كورونا» الصحية، وهو ما يساهم في إنقاذها من الإفلاس، والحفاظ على نشاطها الاقتصادي.

وفي المقابل، فإن الكويت لم تعدل قوانينها الضريبية لتقديم تسهيلات للشركات.

أما وزارة المالية فاتخذت إجراء وقتياً واحداً، وهو تمديد مواعيد تقديم الإقرار الضريبي لضريبة الشركات، وهو إجراء لا يهدف للحفاظ على السيولة النقدية للشركات - وهو الهدف الأساسي من الإجراءات الوقتية الضريبية المتخذة في غالبية الدول - بل كان الهدف من الإجراء، توضيح أثر تعطيل الوزارات من شهر مارس إلى نهاية شهر يونيو في سنة 2020، على مواعيد تقديم الإقرارات الضريبية، ودفع الضريبة، وإعطاء مهلة إضافية وجيزة لتقديم الإقرارات.

أثر الأزمة الصحية على الشركات

تأثر النشاط التجاري بشكل سلبي خلال الأزمة الصحية، ومن المتوقع أن يستمر أثرها لسنوات قادمة. فقد اتخذت الدول العديد من الإجراءات الاحترازية في محاولة لاحتواء انتشار فيروس «كورونا» في بداية الأزمة، من خلال عمليات إغلاق واسعة النطاق، شملت الجهات الحكومية والنشاطات التجارية، وإغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية.

وترتب على هذه الإجراءات خسائر فادحة للشركات. فتعاني العديد منها من انخفاض حاد في السيولة، مما يعوق قدرتها على دفع أجور الموظفين والإيجارات والسلع والديون والضرائب، وهو ما قد يعرض الشركات، في أسوأ الحالات، إلى الإغلاق أو الإفلاس.

وقد تأثرت الشركات التي تزاول العمل والتجارة في الكويت، سلبياً من إجراءات احتواء الوباء، كغيرها من الشركات حول العالم. وأظهر استبيان أجرته شركة بوركابيتا على 144 شركة كبرى- من بينها شركات مدرجة وغير مدرجة في سوق الأوراق المالية - أن 67 في المئة من تلك الشركات والتي تعمل بقطاع الرياضة والترفيه والسياحة والسفر، والقطاع البنكي، وبعض شركات الاستثمار، وشركات المقاولات العامة وغيرها، تأثر نشاطها التجاري وأرباحها سلبياً خلال العام 2020.

الإجراءات الموقتة في دول العالم

قدمت العديد من الدول تسهيلات للشركات، عبر اتخاذ إجراءات ضريبية على وجه الاستعجال، وعلى مراحل مختلفة منذ بداية الأزمة الصحية. وتهدف غالبية الإجراءات لتعزيز التدفق النقدي للشركات.

واختلف نهج الدول في منح التسهيلات الضريبية، من حيث القطاعات التي قدمت لها التسهيلات، والسلطة التقديرية للإدارة الضريبية في منحها. فقدمت دول تسهيلات ضريبية لكل القطاعات، بينما اقتصرت بعض الإجراءات على أكثر القطاعات تضرراً، كالقطاع الترفيهي والطيران.

كما قدمت تسهيلات لكل الشركات دون تمييز في بعض الدول، بينما أُعطيت الإدارة الضريبية سلطة فحص كل حالة على حدة، لتقدير مدى تضرر الشركة واستحقاقها للتسهيلات من عدمه، في عدد من الدول.

من أكثر التسهيلات الضريبية الموقتة شيوعاً، والتي لجأت لها الدول، هي:

1 - تأجيل دفع الضرائب الواجبة على الشركات بكافة أنواعها، والذي لجأت له 75 في المئة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين. كما لجأت 45 في المئة من دول الأسواق الناشئة و النامية لهذا الإجراء.

2 - إعادة جدولة وتقسيط دين الضريبة.

3 - إمكانية ترحيل خسائر الشركات للسنوات السابقة واللاحقة. ويُمكّن ترحيل الخسائر المحققة في سنة 2020 للسنوات السابقة الشركات من استرداد فوري للضرائب المدفوعة مسبقاً عن السنوات السابقة.

وقد اتخذت الولايات المتحدة هذا الإجراء، وسمحت بترحيل الخسائر المتحققة في سنة 2020 بأثر رجعي للسنوات بين 2015 و2019.

كما زادت بعض الدول كالصين، فترة ترحيل الخسائر للسنوات اللاحقة للخسائر التي تكبدتها الشركات في عام 2020 لمدة 5 إلى 8 سنوات، وهو ما يسمح للشركات بتقليل الضرائب التي ستدفعها بالسنوات اللاحقة.

4 - خصم من ضريبة الشركات الواجبة الدفع بنسبة معينة.

5 - خفض معدل ضريبة الشركات الواجبة الدفع لسنة 2020.

6 - عدم دفع بعض أنواع الضرائب الواجبة على الشركات كالضرائب العقارية والضريبة الجمركية لمدة موقتة.

7 - زيادة معدلات استهلاك الأصول- كالمعدات والسيارات وغيرها- التي تمتلكها الشركات، والذي بدوره يقلل من مقدار الضريبة الواجبة الدفع.

8 - تمديد موعد تقديم الإقرارات الضريبية، وهو إجراء لا يهدف الى الحفاظ على سيولة الشركات، لكن يساعدها على الاستعانة بشركات متخصصة بتقديم الإقرارات، والتي بدورها قد تؤثر قدرتها على مساعدة عملائها لتقديم إقراراتهم، نظرا لإغلاق الأعمال التجارية. وقد لجأت 28 في المئة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين لهذا الإجراء. وقد قامت الدول باتخاذ أكثر من إجراء لتوفير أكبر قدر من السيولة للشركات.

تدابير الكويت في زمن «كورونا»

لم يقر مجلس الأمة أي قانون، أو يعدل أياً من قوانين ضريبة الشركات، بهدف تقديم تسهيلات ضريبية. ولم يتم تقديم أي اقتراح بقانون من ممثلي المجلس أو مشروع قانون من الحكومة بهذا الشأن. أما وزارة المالية، فقد أصدرت القرار الوزاري 21 /2020 لتوضيح أثر تعطيل وزارة المالية من 21 مارس 2020 حتى 30 يونيو 2020، على مواعيد تقديم الإقرارات الضريبية، وسداد الضرائب المستحقة.

ووفقاً للقرار، تم تمديد مواعيد تقديم الإقرارات الضريبية لمدة تتراوح بين 30 و60 يوماً، حسب الأحوال، من تاريخ استئناف العمل بالوزارة.

وأوضح القرار، أن مُدد سداد الضريبة تستكمل بمجرد استئناف النشاط، مع منح الشركات مدة لا تزيد على 5 أيام، إذا كانت المدة المتبقية أقل من ذلك: أي أن القرار لم يسمح بتأجيل دفع الضريبة. كما أكد على ضرورة سداد الضريبة دفعة واحدة – أي لم يسمح بتقسيط الضريبة - للشركات الكويتية. أما الشركات الأجنبية فأحالها في مسألة الأقساط للقوانين التي تحكمها.

وبيّن القرار أنه لن يتم احتساب غرامات تأخير على الشركات، التي ترغب بسداد الضرائب المستحقة عليها، خلال فترة تعطيل أعمال الوزارة في حساب إيرادات الضرائب لدى البنك المركزي.

أي أن القرار - وبمفهوم المخالفة - قرر تطبيق الغرامات على الشركات التي تتأخر بسداد مستحقاتها، أثناء تعطيل الوزارة.

وبالنظر إلى مضمون القرار، يتبين أن الإجراء المتخذ بالكويت يهدف إلى تحقيق اليقين القانوني، من خلال بيان أثر تعطيل الوزارة على المواعيد. فباستثناء تمديد مواعيد تقديم الإقرار الضريبي، يتضح أن القرار جاء كاشفاً لحكم القانون، ولم يقدم أي تسهيلات شبيهة بتلك المقدمة ببقية الدول، فلم يستحدث أي إجراء لتقسيط مبلغ الضريبة، على خلاف ما يتم العمل به قبل أزمة «كورونا»، كما لم يمنح مدد إضافية لسداد دين الضريبة - بخلاف 5 أيام تمديد أو يقرر الإعفاء من الغرامات تأخير سداد الضريبة.

إن الإجراء الوحيد الذي تم اتخاذه، هو تمديد مواعيد تقديم الإقرارات الضريبية لمدة بين 30 و60 يوماً بعد استئناف العمل، وهو إجراء يمكن وصفه بأنه متواضع، بالنظر بالمدد المشار إليها بدول الخليج.

وفي الختام، فإن الضريبة ليست مجرد أداة لتحقيق إيرادات للدولة، بل لها أغراض اقتصادية ومن أهمها دعم النشاط الاقتصادي، من خلال تقديم تسهيلات ضريبية.

وبعد مرور سنة من بداية الأزمة الصحية في الكويت، لم تمنح الشركات أي تسهيل ضريبي يهدف إلى توفير السيولة. والشركات التي تساهم بالإيرادات العامة من خلال دفعها للضريبة في وقت الرخاء، هي أحق وأولى بالمساعدة عند الأزمات.

لذا نقترح دراسة التسهيلات المشار إليها في هذه الدراسة، وتقديم تسهيلات لا تقل عن تلك المقدمة من الدول المحيطة، وذلك بتعديل القوانين الضريبية أو اللوائح التنفيذية.

القوانين المنظمة في الكويت لضريبة الشركات

من الضرورة التعريف بنظام الضريبة على دخل الشركات في الكويت بشكل مختصر. فعلى خلاف التصوّر الخاطئ، بأن الكويت لا تفرض ضريبة على الشركات، تخضع الأخيرة حسب جنسيتها ونوعها ومكان مزاولتها للعمل في الكويت، إلى أحد القوانين التالية:

1 - القانون 2/ 2008 المعدل للمرسوم 3 /1955 في شأن ضريبة الدخل. ويطبق على الشركات الأجنبية. وتفرض الضريبة وفقاً له بنسبة 15 في المئة.

2 - القانون 23 /1961 في شأن ضريبة الدخل في المنطقة المعينة. ويطبق على الشركات التي تزاول نشاطها في المنطقة المحايدة الكويتية - السعودية أو جزر كبر، وقاروه، وأم المرادم، ومياهها الإقليمية.

3 - القانون 19/ 2000 في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها للعمل في الجهات غير الحكومية. وتفرض الضريبة بموجبه على الشركات الكويتية والخليجية المدرجة في سوق الأوراق المالية بنسبة 2.5 في المئة.

4 - القانون 64/ 2006 في شأن الزكاة ومساهمة الشركات المساهمة العامة والمقفلة في ميزانية الدولة. وتفرض الضريبة بموجب هذا القانون على الشركات الكويتية والخليجية المساهمة العامة والمقفلة بنسبة 1 في المئة.

وتعد الشركات المخاطبة بهذه القوانين، إقرارات ضريبية سنوية تبين دخلها، والتكاليف التي تكبدتها في سبيل تحقيق الدخل، وأرباحها. وتدفع الضريبة بشكل سنوي، وفقا لمواعيد منظمة بالقوانين واللوائح التنفيذية لهذه القوانين الصادرة بقرار من وزير المالية. ويترتب على عدم التزام الشركات بتقديم الإقرارات أو سداد الضريبة، غرامات مالية.

تسهيلات في 3 دول خليجية

لم تكن التسهيلات حصراً على الدول التي تعتمد على الضريبة لتمويل نفقاتها، بل حتى دول الخليج، التي تشترك مع الكويت باعتماد إيراداتها بشكل أساسي على النفط، اتخذت العديد من الإجراءات منذ بداية الأزمة، فعلى سبيل المثال:

1 - أوقفت السعودية العمل بغرامات التأخر في السداد والتأخر في تقديم الإقرار الضريبي على المكلفين لمدة 6 أشهر، والسماح بتقسيط دين الضريبة وفقاً لضوابط معينة.

2 - خفضت قطر سعر الفائدة على التأخر بدفع الضريبة من 5 في المئة إلى 0 في المئة، على الضريبة المستحقة من مارس 2020 إلى نهاية أغسطس من ذات العام، وفقاً لضوابط معينة.

كما مددت قطر تقديم الإقرارات الضريبية لمدة 4 أشهر.

3 - مددت عمان مواعيد تقديم الإقرارات الضريبية لمدة تصل الى 12 شهراً، وأوقفت العمل بغرامات التأخير في دفع الضريبة لمدة سنة كما سمحت بإعادة تقسيط دين الضريبة وفقاً لضوابط معينة.

كما رخصت عمان بترحيل الخسائر للسنوات السابقة واللاحقة، وخفضت معدل الضريبة للسنوات 2020 و2021 لبعض الشركات. وأخيرا، أعلنت عمان عن منح حوافز وإعفاءات ضريبية لمدة 5 سنوات للشركات التي تتأسس في السنوات 2020 و2021.

الأداة القانونية لإقرار التسهيلات الضريبية

هل القانون الأداة الوحيدة لإقرار التسهيلات الضريبية، أم يمكن إقرارها عبر تعديل اللائحة التنفيذية؟

تنص المادة 134 من الدستور على «إنشاء الضرائب العامة وتعديلها وإلغائها لا يكون إلا بقانون». وفسرت المحكمة الدستورية في الكويت هذا النص من خلال عدد من الأحكام، بأن البرلمان، وإن كان صاحب الاختصاص العام بتنظيم الضريبة بقانون، وله من خلال هذا القانون تحديد الملتزم بالضريبة والمال الخاضع للضريبة، إلا أنه لم يمنع السلطة التنفيذية من أن تفصل في أحكام القانون الضريبي، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لأحكام القانون، أو إعفاء من تنفيذه أحكام القانون. ودور السلطة التنفيذية هنا مقيد بألا تتجاوز الحدود التي وضعها ذلك القانون.

وبتطبيق ذلك نجد أن الإجابة عن السؤال المطروح تختلف باختلاف نوع التسهيلات الضريبية التي ترغب الإدارة الضريبية بمنحها. فعلى سبيل المثال، القانون 2 /2008 في شأن ضريبة الدخل، نظم معدل الضريبة لذلك، أي تخفيض لهذا المعدل ولو بصفة موقتة أي لسنة واحدة أو سنتين، يجب أن يكون بقانون صادر من البرلمان. وذات الأمر ينطبق على تغيير طريقة حساب ترحيل الخسائر لسنوات سابقة أو لاحقة. فيجب أن يعدل القانون. أما فيما يتعلق بنسب استهلاك الأصول، فقد أعطى القانون مهمة تحديد نسب الاستهلاك للائحة التنفيذية، وبالتي ممكن أن تتم زيادة معدل الاستهلاك، من خلال تعديل اللائحة التنفيذية للقانون.

4 تدابير ضريبية في الكويت:

1 - تمديد مواعيد تقديم الإقرارات لمدة تتراوح بين 30 و60 يوماً

2 - لا تأجيل للضريبة... والسداد دفعة واحدة بلا تقسيط للشركات الكويتية

3 - الشركات الأجنبية أحالها قرار «المالية» للقوانين التي تحكمها

4 - غرامات على الشركات المتأخرة بسداد مستحقاتها

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي