قراءة في حكم المحكمة الدستورية في شأن قانون تنظيم مهنة الصيدلة

قصر العدل
قصر العدل
تصغير
تكبير

- الحكم اعتبر أن المشرع أخل بالعدالة والمساواة وحرية المنافسة بإقصاء الجمعيات التعاونية من الاستثناء
- المحكمة أكدت دستورية إلزام الشركات والجمعيات التعاونية بتشغيل صيدلي كويتي واحد على الأقل في كل صيدلية

صدر القانون 30 / 2016 بتعديل المادة 2 من القانون 28 / 1996 في شأن تنظيم مهنة الصيدلة وتداول الأدوية، وقد سمح لفئات ثلاثة باستصدار رخصة فتح صيدلية، وهي: الصيادلة الكويتيين، والمستشفيات الخاصة التي لا يقل عدد الأسرة فيها عن 50 سريراً، والجمعيات التعاونية.

وبعيداً عن العيوب التي شابت القانون، فقد منح هذا التعديل الجمعيات التعاونية المرخص لها عند نفاذه، مهلة سنة من تاريخ نفاذ القانون، لكي توفق أوضاعها، وذلك بأن تبحث عن صيدلي كويتي وتستصدر الرخصة باسمه، لكنه في المقابل أعفى كلاً من الأفراد والشركات التي حصلت على تراخيص بفتح صيدليات قبل صدور القانون 28 / 1996 من هذا الشرط، وسمح لها بأن تبقي على تراخيصها من دون أن تستصدر تلك التراخيص بأسماء صيادلة كويتيين، ودون حاجة لأن توفق أوضاعها.

مرت المهلة من دون أن تقوم الجمعيات التعاونية بتوفيق أوضاعها، ما حدا بوزارة الصحة بأن تقوم بإغلاق صيدليات تلك الجمعيات، فطعنت الأخيرة على تلك القرارات أمام دوائر الإدارة، بالإضافة إلى قيامها برفع طعن دستوري بطريق الادعاء الأصلي المباشر على المادة 1 من قانون 30 / 2016 المعدلة لبعض أحكام القانون 28 / 1996 في شأن تنظيم مهنة الصيدلة وتداول الأدوية.

وقد رأت المحكمة أن المشرع – وحماية منه للمراكز القانونية القائمة والمستقرة – قد استثنى الشركات والأفراد التي رخص لها قبل صدور القانون 28 / 1996 من شرط استصدار ترخيص باسم صيدلي كويتي، ولكنه أخل من ناحية أخرى بالعدالة والمساواة وحرية المنافسة حينما أقصى الجمعيات التعاونية المرخص لها قبل ذلك التاريخ من هذا الاستثناء، وذلك رغم عدم وجود تمايز ما بينها وبين الشركات والأفراد سالفي الذكر.

لذلك فقد حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة 2 من القانون 28 / 1996 المعدلة بالقانون 30 / 2016 فيما تضمنته من استبعاد صيدليات الجمعيات التعاونية المرخص لها قبل صدور القانون 28 / 1996 من الاستثناء الوارد به، والذي قصر حكمه على صيدليات الشركات والأفراد المرخص لها قبل صدور القانون.

ولنا على هذا القضاء التعليقات التالية: أولا: حكم المحكمة سالف الذكر قضى بالبطلان الجزئي ولم ينسف المادة 2 برمتها، وبالتالي وكنتيجة لذلك، لم يعد يجب على الجمعيات التعاونية المرخص لها قبل صدور القانون 28 / 1996، أن توفق أوضاعها باستصدار ترخيص باسم صيدلي، ويصبح حكمها ذات حكم الشركات والأفراد المرخص لها قبل سنة 1996.

ثانيا: الجمعيات التعاونية التي تريد استصدار ترخيص فتح صيدلية، بعد تاريخ صدور القانون رقم 28 / 1996، مازال من الواجب عليها أن تستصدر تلك التراخيص باسم صيادلة كويتيين.

ثالثا: كانت المحكمة الدستورية أمام خيارين، أحلاهما مر، الاحتمال الأول، أن تقضي ببطلان المادة 2 برمتها، مما كان من شأنه أن يسلب الصيادلة المكتسبات التي حققوها بالتعديل التشريعي 30 / 2016، والتي تتمثل بتحقيق فرص استثمارية ووظيفية لهم، والاحتمال الثاني هو أن تتجاوز صلاحياتها واختصاصها بأن تبطل استبعاد الجمعيات التعاونية المرخص لها قبل سنة 2016 من الاستثناء الوارد لصالح الشركات والأفراد المرخص لها قبل 2016، وبذلك تكون المحكمة قد أضافت إلى ذلك الاستثناء – بمفهوم المخالفة – الجمعيات التعاونية تلك، وهو ما لا يجوز للمحكمة الدستورية باعتبارها سلطة قضائية، وذلك لكونها قد تحولت بذلك إلى سلطة تشريعية، حيث لم تكتف بإبطال التشريع بل قامت بالإضافة إليه.

رابعا: نرى أن التفسير الأقرب إلى قصد المحكمة لمنطوق حكمها، هو أنها جعلت صيدليات الجمعيات التعاونية المرخص لها قبل صدور القانون 28 / 1996 في حكم الشركات والأفراد المرخص لها قبل ذلك التاريخ، وبالتالي فإن الإلزام الوارد في القانون بوجوب تشغيل صيدلي كويتي يسري أيضا على صيدليات الجمعيات التعاونية تلك.

خامسا: في حال لم تقم الشركات أو الأفراد أو الجمعيات التعاونية المرخص لها قبل سنة 1996، بتجديد تراخيصها بشكل مستمر، بحيث يعتبر الترخيص المجدد امتدادا للترخيص السابق له، أي في حال إذا انقطع تسلسل تجديد التراخيص، فإن الفئات تلك سوف تخسر حقها المكتسب على تلك التراخيص، وتصبح ملزمة باستصدار الترخيص الجديد باسم صيدلي كويتي.

رفض الطعن بالمادة 2 تجدر الإشارة إلى أنه وفي ذات الجلسة، التي أصدرت فيها المحكمة الدستورية حكمها سالف الذكر وذلك بتاريخ 24 مارس 2021، أصدرت حكما آخر في الطعن المباشر المقدم من إحدى الشركات، بعدم دستورية الفقرة قبل الأخيرة من المادة 2 من القانون 28 / 1996 المعدلة بالقانون 30 / 2016، والبند 3 من المادة الثانية من اللائحة التنفيذية للقانون الأخير والبند 4 من المادة 46 من قرار وزير الشؤون الاجتماعية والعمل 66 ت/ 2016.

ومصب هذا الطعن وغايته وخلاصته، أن الشركة الطاعنة، أرادت أن تتخلص من الإلزام الوارد في النصوص المطعون فيها على الشركات المرخص لها بتراخيص فتح صيدليات قبل صدور القانون 28 / 1996 بتشغيل صيدلي كويتي فيها. وكذلك التملص من اشتراط قرار وزير الشؤون أن يكون مستثمر الصيدلية حاصلاً على شهادة بكالوريوس الصيدلة معتمدة ورخصة بمزاولة مهنة الصيدلة.

وقضت المحكمة برفض الطعن، بما معناه أن الحكم كان مقبولاً شكلاً، وقد فصلت المحكمة في موضوع الطعن، بما يؤكد دستورية النصوص القانونية واللائحية المطعون فيها، أي دستورية إلزام الشركات والجمعيات التعاونية بتشغيل صيدلي كويتي واحد على الأقل في كل صيدلية، ودستورية اشتراط أن يكون مستثمر صيدليات الجمعيات التعاونية التي تطرح بعد عام 2016 صيدلياً كويتياً.

5 ملاحظات على حكم «الدستورية»

1 - لم ينسف المادة 2 وبالتالي لم يعد على الجمعيات أن توفق أوضاعها باستصدار ترخيص باسم صيدلي

2 - أضاف إلى الاستثناء «بمفهوم المخالفة» الجمعيات التعاونية وهو ما لا يجوز لها باعتبارها سلطة قضائية

3 - حول المحكمة إلى سلطة تشريعية حيث لم يكتف بإبطال التشريع بل قام بالإضافة إليه

4 - جعل الإلزام الوارد في القانون بوجوب تشغيل صيدلي كويتي يسري على صيدليات الجمعيات التعاونية

5 - إذا انقطع تجديد التراخيص تخسر الفئات حقها بها وتصبح ملزمة بترخيص جديد باسم صيدلي كويتي

عيب واضح في التعديل التشريعي

ألزم القانون 30 / 2016 بتعديل المادة 2 من القانون 28 / 1996، الجمعيات التعاونية أن تستصدر الترخيص باسم صيدلي كويتي، وهو عيب واضح في التعديل التشريعي، إذ إنه لم يبين ما إن كان الترخيص الصادر للجمعية التعاونية يصدر باسم الجمعية التعاونية أم الصيدلي أم كليهما، وإن كان يصدر باسم الصيدلي أصبح ذكر الجمعيات التعاونية كفئة من الفئات التي يحق لها استصدار الترخيص، لغواً تشريعياً، حيث إنه قد سبق وذكر أن لكل صيدلي كويتي الحق في استصدار رخصة واحدة.

سؤال للنقاش: هل يجوز لغير الصيادلة استثمار صيدليات الجمعيات؟

لا يمكن القول، بأن اشتراط وزير الشؤون أن يكون مستثمر الصيدلية صيدلياً كويتياً حاصلاً على بكالوريوس الصيدلة، ومرخصا له بمزاولة المهنة، مخالف للاستثناء الوارد في شأن الجمعيات التعاونية المرخص لها قبل سنة 2016، لأن هذا النص اللائحي لا يمكن أن يتصور بأنه يسري بأثر رجعي، لعدم إمكانية طرح الصيدليات القديمة للاستثمار مجدداً.

إلا أن ثمة سؤال جدير بالنقاش، وهو ما إن طرحت الجمعيات التعاونية المرخص لها قبل 1996 تراخيص الصيدليات للاستثمار من قبل الغير، فهل يجوز لغير الصيادلة أن يتقدموا لذلك الطرح؟ نرى أن ذلك غير جائز، عملاً بقرار وزير الشؤون الذي قررت المحكمة دستوريته.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي