بريطانيا من الإغلاق ... إلى العودة
- 3 عمليات إغلاق شاملة منذ 2020 وحتى يناير 2021
- 12 أبريل الجاري موعد إعادة فتح الأنشطة
- 31 مليوناً تلقوا الجرعة الأولى و600 ألف يتم تطعيمهم يومياً
- إنجاز تطعيم كل مَن تجاوزت أعمارهم 50 عاماً
- المصابون أقل بعشر مرات من العدد عند بداية العام
لجأت بريطانيا، إحدى الدول الأوروبية الأكثر تضرراً من فيروس «كورونا» المستجد، إلى ثلاث عمليات إغلاق شاملة منذ العام 2020 وحتى يناير الماضي، قبل أن يُعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون، أول من أمس، عن المرحلة التالية من تخفيف القيود، بعد إطلاق برنامج اللقاحات بوتيرة سريعة. وعلى الرغم من أن هذه المرحلة لن تشمل فتح الحدود أمام البريطانيين التائقين إلى السفر في عطلة الصيف بعد الإغلاق الشتوي الطويل، فإنها قد تخفف الخسائر المليارية التي تتكبدها المملكة المتحدة يومياً بسبب الإجراءات الاحترازية.
وأكد جونسون إعادة فتح المتاجر غير الضرورية وصالونات الحلاقة وأرصفة الحانات وقاعات الرياضة في إنكلترا اعتباراً من 12 أبريل الجاري، لكنه رفض إعلان موعد استئناف الرحلات نحو الخارج الممنوعة حتى 17 مايو المقبل باستثناء الحالات الضرورية. وقال رئيس الوزراء: «لا أريد أن أكون رهينة القدر أو أن أقلل من شأن الصعوبات التي نراها في بعض البلدان التي يريد الناس الذهاب إليها... لا نريد أن نرى عودة الفيروس إلى هذا البلد من الخارج. يتجدد تفشي (الوباء) في بعض أنحاء العالم».
السفر وفق نظام ألوان لتصنيف الدول
على الرغم من عدم سماحها بالسفر حالياً، لكن الحكومة أعلنت الخطوط العريضة التي ستؤطر السفر مستقبلاً، وهي تشمل نظام ألوان لتصنيف الدول وفقاً لدرجة تقدمها في مجال التطعيم ومعدل الإصابات ووجود متحورات مثيرة للقلق لديها.
وسيعفى المتوجهون إلى الوجهات الخضراء من الحجر الصحي عند العودة مع الإبقاء على ضرورة إجراء اختبار الكشف عن الإصابة قبل المغادرة وبعد الوصول، على عكس البلدان البرتقالية (اختبارات الكشف عن الإصابة وحجر منزلي) وتلك الحمراء (اقتصار السفر على المقيمين وحجر فندقي واختبارات الكشف عن الإصابة).
حالياً، يتعين على جميع الوافدين إلى المملكة المتحدة إكمال فترة من الحجر الصحي في فندق لمدة عشرة أيام إذا قدموا من بلدان تعرضهم لخطر الإصابة. ولا تستقبل البلاد غير المقيمين الآتين من دول مدرجة على القائمة الحمراء.
هكذا تمت السيطرة على الفيروس تخشى الحكومة من وصول نسخ متحورة من الفيروس مقاومة للقاحات المضادة له التي حقن بجرعة واحدة منها على الأقل 31 مليون شخص في بريطانيا، أي جميع من تتجاوز أعمارهم 50 عاما تقريباً.
وبفضل التقدم السريع في التطعيم والاحتواء، تسجل بريطانيا الآن أقل من 5 آلاف إصابة و50 حالة وفاة في اليوم. ويوجد حالياً 3500 مصاب بالفيروس في المستشفيات، أي أقل بعشر مرات من العدد عند بداية العام الجاري.
ولإبقاء الفيروس تحت السيطرة، تدرس الحكومة زيادة عدد الفحوص ورفعه إلى فحصين أسبوعياً لجميع السكان. وهي تخطط أيضاً لاختبار نظام شهادة أو جواز مرور صحي للمشاركة في التجمعات الجماهيرية في إنكلترا مثل مباريات كرة القدم وفعاليات داخل الصالات المغلقة.
وستشير هذه الشهادة إلى أن حاملها تلقى اللقاح أو أن نتيجة اختباره للكشف عن «كورونا» سلبية أو أن لديه أجساماً مضادة. ولكنها لن تُطلب في وسائل النقل العام والمتاجر الأساسية التي من المقرر إعادة فتحها في 12 أبريل الجاري في الوقت نفسه مع السماح للحانات باستقبال الزبائن في الخارج.
وسيُجرب ذلك اعتباراً من منتصف الشهر الجاري، لا سيما نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي في ملعب ويمبلي.
لكن مشروع جواز المرور الصحي يثير استياء البعض، وقد أعلن أكثر من 70 نائباً بريطانياً من جميع الأطياف السياسية اعتراضهم عليه ووصفوه بأنه «تمييزي». وهذا يكفي لإفشال المشروع في حال طرحه للتصويت في البرلمان.
التعامل مع اللقاحات
مع تزايد أعداد الإصابات والوفيات، في 8 ديسمبر 2020، كانت المملكة المتحدة أول دولة في العالم توافق على استخدام لقاح «فايزر- بيونتيك» الأميركي - الألماني، وهو أول لقاح تمت المصادقة على استخدامه في العديد من الدول الغربية في العام الماضي، وسمحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باستخدامه لمن تبلغ أعمارهم 16 سنة وما فوق.
في 4 يناير الماضي، أصبحت بريطانيا أول دولة في العالم تطعم شعبها بلقاح «أسترازينيكا»، الذي طورته جامعة أكسفورد وشركة «أسترازينيكا».
وتعد حملة التطعيم التي أطلقتها الحكومة في أوائل ديسمبر 2020، من أكثر الحملات تقدماً في العالم، وتهدف للانتهاء من تطعيم جميع الراشدين بحلول نهاية يوليو المقبل. وحسب البيانات، يقدر متوسط معدل التطعيم بـ602 ألف و266 جرعة في اليوم الواحد.
وكنتيجة مباشرة لتوسع التطعيم، لم تسجل بريطانيا في 29 مارس الماضي أي حالة وفاة بالفيروس، وكان ذلك للمرة الأولى منذ 6 أشهر.
كوكتيل اللقاحات
أطلقت بريطانيا في يناير الماضي تحديثاً جديداً لقواعد التطعيم بعد موافقتها على السماح بتلقي جرعتين مختلطتين من اللقاحات المعتمدة المضادة لـ«كوفيد - 19» من «أوكسفورد – أسترازينيكا»، تليها جرعة ثانية من لقاح «فايزر - بيونتك»، أو العكس.
وتتناقض التعديلات الجديدة في بريطانيا مع الإرشادات في الولايات المتحدة، حيث لاحظت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن اللقاحات المرخصة «غير قابلة للتبديل» في ما بينها للشخص الواحد، وأن «سلامة وفعالية الجرعتين المختلفتين لم يتم تقييمها حتى الآن»، إذ يشترط استكمال التطعيم بجرعتين من لقاح واحد.
مناعة القطيع وموجات الفيروسفي منتصف مارس 2020، ظهر مصطلح «مناعة القطيع» أو «المناعة بالعدوى»، وذلك بالتزامن مع دعوة جونسون إلى اتباع هذه الاستراتيجية في مواجهة «كورونا».
لكن تلك النظرية سرعان ما انهارت وسط الانتشار الواسع للفيروس، الذي أصاب جونسون نفسه، مع تحذيرات متزايدة صادرة عن أطباء وخبراء، من تطبيقها.
في يونيو 2020، أكد جونسون، عدم الحاجة لإغلاق آخر وذلك في خضم الموجه الأولى التي مرت بها المملكة، لكنه أعلن في سبتمبر من العام ذاته عن قيود جديدة استمرت أشهراً لمواجهة الموجة الثانية المرتقبة للوباء، بعد أن حذر علماء الحكومة من زيادة معدل الوفيات في حالة عدم اتخاذ إجراء عاجل.
واكتشفت في سبتمبر أيضاً سلالة جديدة للفيروس متحورة للمرة الأولى، في مقاطعة كينت جنوب شرقي إنكلترا، وتم الاستشهاد بانتشارها السريع على مدى الأشهر التالية، كسبب لفرض قواعد الإغلاق الجديدة في جميع أنحاء بريطانيا في يناير الماضي، كما كانت السبب في عزل بريطانيا عن العالم فور ظهورها.
ومع إطلاق برنامج اللقاحات بوتيرة سريعة في جميع أنحاء المملكة المتحدة وتراجع أعداد الإصابات، أعلنت الحكومة الانتقال للمرحلة الثانية من تخفيف الإجراءات وفقاً لخريطة الطريق التي وضعتها لوقف إجراءات العزل العام اعتباراً من 12 أبريل الجاري.