محافظ «المركزي» أكد لـ «ذي بانكر» وضعها المريح في مواجهة «كورونا»

محمد الهاشل: متانة بنوك الكويت تمكّنها... من التعافي

محمد الهاشل
محمد الهاشل
تصغير
تكبير

- التوقعات الاقتصادية ضبابية وعودة الأمور إلى وضعها الطبيعي ستستغرق وقتاً
- التدخلات المبكرة للسياسات النقدية منعت تضرر الطاقة الإنتاجية بشكل حاد
- اختبارات الضغط الأخيرة أدل على سلامة واستقرارالمصارف
- لا تحول كبيراً في سياسة «المركزي» مع الاستمرار بتهيئة الظروف الملائمة لمسار الأزمة
- نمو الائتمان في 2021 بمستوى 2020 مع عودة الأعمال وارتفاع الإنفاق الرأسمالي
- القروض المتعثرة قد ترتفع خلال الشهور المقبلة بوتيرة بطيئة

أكد محافظ بنك الكويت المركزي، الدكتور محمد الهاشل، أنه رغم الشك الذي يغلب على التوقعات، لا يزال لدى القطاع المصرفي الكويتي القوة والمتانة اللتان تجعلانه في مركز يمكنه من الاستفادة من الفرص الاقتصادية، التي ستظهر بعد تعافي النشاط الاقتصادي، موضحاً أنه ليس أدل على سلامة واستقرار القطاع المصرفي الكويتي من نتائج اختبارات الضغط التي أجريت أخيراً.

وبيّن الهاشل في مقابلة مع مجلة «ذي بانكر» أن حالة من الضبابية تكتنف التوقعات الاقتصادية في 2021 /2022، حيث مازلنا في خضم جائحة «كورونا»، لافتاً إلى أن الموجة الأخيرة من انتشار الفيروس في الكويت منذ بداية مارس الماضي أدت إلى إعادة فرض الحظر الجزئي.

وقال الهاشل «رغم أن التفاؤل الناتج عن توافر اللقاحات وبدء حملة التطعيم قد حسّن من المزاج العام ورفع التوقعات في شأن الأوضاع الاقتصادية، إلا أن عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الجائحة أو حتى لما يعرف بالوضع (الطبيعي الجديد) سيستغرق وقتاً».

وأضاف أنه مع ما أدى إليه الإغلاق الجزئي والكلي وهبوط أسعار النفط إلى جانب خفض الإنتاج، من تراجع الناتج المحلي الإجمالي في القطاع النفطي وغير النفطي، وبصفة خاصة في النصف الأول من عام 2020، إلا أنه يتوقع عودة تلك الأنشطة للنمو الإيجابي هذا العام، موضحاً أنه ما يدعو للتفاؤل أن التدخلات المبكرة للسياسة النقدية والتحوطية منذ بداية الجائحة قد حالت دون تضرر الطاقة الإنتاجية للدولة على نحو حاد، وفي ذلك مبعث للأمل في التعافي السريع بعد السيطرة على الجائحة.

وبيّن الهاشل أنه حتى قطاعات الأعمال التي تعتمد على الاتصال المباشر مع عملائها، بدأت في التكيف مع الظروف التشغيلية المتغيرة قدر الإمكان، مشيراً إلى أنه «يمكن لنا أن نأخذ الارتفاع الملحوظ في مبيعات المطاعم عبر الإنترنت كمثال على ذلك، كما أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط، وهو أعلى مستوى له خلال سنة واحدة، يبشر بنمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي وغير النفطي في الكويت».

حماية البنوك

وحول الخطوات التي يتخذها «المركزي» لحماية القطاع المصرفي في السنة المقبلة، أفاد الهاشل بأن «المركزي» قام بالفعل بتطبيق العديد من الإجراءات الداعمة لترسيخ متانة القطاع المصرفي وسلامته، بحيث يظل قادراً على تزويد قطاعات الاقتصاد الوطني بمختلف الخدمات والمنتجات المالية بكفاءة عالية دون انقطاع في هذه الظروف الضاغطة.

ونوه إلى أنه على صعيد السياسة النقدية، بادر «المركزي» إلى خفض سعر الفائدة بمعدل تراكمي 1.25 نقطة مئوية خلال مارس 2020، لينخفض بذلك من 2.75 إلى 1.5 في المئة، وهو المستوى الأدنى تاريخياً، كما خفّض البنك معيار تغطية السيولة ونسبة صافي التمويل المستقر من 100 إلى 80 في المئة، ورفع حد الإقراض من 90 إلى 100 في المئة، مع الإفراج عن المصدات الرأسمالية التحوطية البالغة 2.5 في المئة، وخفض وزن المخاطر الخاص بالانكشافات على المشروعات الصغيرة والمتوسطة ليصبح 25 بدلاً من 75 في المئة.

وتابع الهاشل «فضلاً عن ذلك، سُمح للعملاء المتضررين من تداعيات كوفيد-19 بتأجيل الاستحقاقات المترتبة عليهم لمدة 6 أشهر دون تطبيق أي رسوم جزائية، حيث ساعد هذا الإجراء الشركات والأفراد على تجاوز المرحلة الأسوأ من التراجع الاقتصادي نتيجة الجائحة»، مؤكداً أنه نظراً لهذه التدابير، فإنه لا يتوقع تحولاً كبيراً في السياسة خلال هذا العام، إذ يهدف «المركزي» للاستمرار في تقديم كل الدعم المطلوب وإبداء المرونة الكافية عن طريق تهيئة الظروف اللازمة والملائمة لمسار الأزمة، وبحسب ما تقتضي الأحوال الاقتصادية.

وأضاف «مع حالة الضبابية التي تشوب التوقعات، فمن نافلة القول التأكيد على ضرورة المراقبة اليقظة للتطورات وسرعة الاستجابة لمواجهة أي تداعيات محتملة».

نمو الائتمان

وقال الهاشل «شهد معدل نمو الائتمان المحلي في 2020 مستوى صحياً مسجلاً 3.5 في المئة، مقارنة بالعام السابق. وواقع الأمر أن هناك بعض القطاعات سجلت نمواً مضاعفاً في الائتمان، ومنها القروض الاستهلاكية (11.2 في المئة) والخدمات العامة (11.4 في المئة) والزراعة والصيد (15.2 في المئة)، وإن كان القطاعان الأخيران انطلقا من مستوى منخفض للغاية. ومن بين القطاعات الأخرى التي سجلت نمواً ملحوظاً قطاعات النفط الخام والغاز (8.4 في المئة) والقروض المقسطة (6.3 في المئة) والقروض العقارية (3.5 في المئة)، حيث يتمتع القطاعان الأخيران بالحصة الأكبر في الائتمان المصرفي عموماً. ووفقاً لهذه الأرقام، فإن معدل نمو الائتمان لم يكن جيداً فحسب، وإنما كان واسع النطاق أيضاً».

وتوقع الهاشل استمرار نمو الائتمان بالمستوى الجيد نفسه في 2021 نظراً لعودة الأعمال إلى نشاطها والارتفاع المتوقع في الإنفاق الرأسمالي، ما سيؤدي إلى زيادة الطلب على الائتمان، كما رجح أيضاً أن يواصل الائتمان المقدم للأفراد - وخاصة للمواطنين - نموه، بفضل الأمن الوظيفي ومعدلات الفائدة المنخفضة حالياً.

القروض غير المنتظمة

وعن توقعاته للقروض غير المنتظمة، أفاد الهاشل بأنه رغم الصدمة المركبة بجوانبها الصحية والنفطية والاقتصادية، وما استتبعته من تراجع اقتصادي حاد، إلا أن جودة أصول البنوك على مستوى مجمع شهدت تراجعاً طفيفاً في 2020 بزيادة نسبة التعثر 50 نقطة أساس لتصل إلى 2 في المئة، مشيراً إلى أن تأجيل أقساط القروض وتدابير السياسة النقدية الداعمة ساعدا على إبقاء معدلات التعثر عند مستويات منخفضة.

ولم يستبعد الهاشل أن ترتفع نسبة القروض غير المنتظمة خلال الشهور المقبلة، لكنه أوضح أنه إن حدث ذلك فسيكون بوتيرة بطيئة ومن مستويات متدنية تاريخياً، مضيفاً «في نهاية الأمر، فإن تطور الجائحة وطول الأزمة وعمقها سيحددان درجة التعثر في السداد ووتيرته، ويمكنني أن أشير إلى أن بنوكنا في وضع مريح يمكنها من مواجهة هذه الأزمة، حيث يوفر معدل تغطية القروض غير المنتظمة الحالي البالغ 222 في المئة المصدات اللازمة لمواجهة أي صدمات محتملة».

السلامة المالية

وذكر الهاشل أن البنوك حافظت على مستويات وفيرة من السيولة خلال الأزمة، ووصل معدل تغطية السيولة ومعدل صافي التمويل المستقر إلى 184.2 و114.3 في المئة على الترتيب بنهاية 2020 مقارنة بالنسبة المقارنة المطلوبة عند مستوى 100 في المئة، كما بلغت نسبة السيولة الرقابية 27.5 في المئة مقابل المستوى المطلوب (18 في المئة)، وزاد في الوقت نفسه معدل كفاية رأس المال للبنوك خلال العام ليصل إلى 19 في المئة.

وبيّن الهاشل أنه بمجرد تخفيف القيود وعودة النشاط الاقتصادي للنمو، ستخف الضغوط على الأرباح التشغيلية للبنوك، لاسيما بعد ارتفاع الائتمان، الذي سيعود جزئياً إلى الإنفاق الرأسمالي الحكومي، كما أن انخفاض أسعار الفائدة مع تراجع إيرادات الفوائد يساعد على إبقاء تكاليف خدمة الدين في مستويات منخفضة، وهو ما يساعد على احتواء مخاطر الائتمان والسيطرة على مخصصات خسائر القروض.

سابق لأوانه تقييم صفقة «بيتك - الأهلي المتحد»

حول الوضع الراهن لصفقة استحواذ بيت التمويل الكويتي «بيتك» على البنك الأهلي المتحد، قال الهاشل إنه وفقاً لقرار مجلس إدارة «المركزي» بتاريخ 5 مايو 2020، طُلب من «بيتك» إجراء دراسة شاملة لجدوى الاستحواذ بعد عودة الأمور إلى سابق عهدها قبل انتشار جائحة كوفيد-19 وما أعقبها من تداعيات.

وأكد أنه نظراً لاستمرار الجائحة، فإن الحديث عن البدء في أي تقييم لهذه الصفقة سابق لأوانه.

121 في المئة قفزةبقيمة المدفوعات الإلكترونية بـ 2020

أشار الهاشل إلى أنه منذ اندلاع جائحة كوفيد-19، شهدت تطبيقات واستخدامات المدفوعات الرقمية طفرة غير مسبوقة، ما يدل عليه النمو في قيمة وعدد المعاملات من خلال بوابة المدفوعات الإلكترونية، مقارنة بالمعاملات التي تمت من خلال أجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع.

وأوضح أن معاملات الدفع من خلال بوابة المدفوعات الإلكترونية في 2020 قفزت مقارنة بالعام السابق، سواء من حيث قيمة تلك المعاملات التي ارتفعت بنحو 121 في المئة، أو من حيث عددها الذي ارتفع بنحو 90 في المئة، ونتيجة لذلك، فإن المعاملات من خلال بوابة المدفوعات الإلكترونية تمثل نحو 20 في المئة من المدفوعات الإجمالية التي تشمل العمليات من خلال بوابة المدفوعات الإلكترونية وأجهزة الصرف الآلي وأجهزة نقاط البيع، وذلك من حيث القيمة الإجمالية للمعاملات، وكذلك من حيث عددها.

ولفت الهاشل إلى أنه خلال الفترة نفسها، تراجع النمو إلى حد بعيد في عدد وقيمة وحصة المعاملات من خلال أجهزة الصرف الآلي، مرجعاً ذلك جزئياً إلى محاولة الجمهور الحد من مخاطر العدوى المحتملة جراء التعامل بالأوراق النقدية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي