يقول غوستاف - لوبون: إن دخول الطبقات في الحياة السياسية وتحوّلها التدريجي إلى طبقات قائدة، يمثل إحدى الخصائص الأكثر بروزاً لعصرنا، عصر التحول.
أليس صحيحاً أن معظم الحضارات التي عرفها تاريخ البشرية، بُنيت ووجّهت من قِبل إرستقراطية مثقّفة قليلة العدد، ولم تُبنَ قط من قِبَلِ علماء باحثين أو جماهير.
العلماء لأنهم مستبعدون من منصّة القرار.
والجماهير لأنهم منهمكون في تأمين لقمة العيش والأمان.
ولا أحد ينصت إليهم.
أما الجهلاء أو المتخلفون حضارياً - الذين أتيحت لهم فرص القرار بسبب الطبقة الاجتماعية أو سلطة العائلة والثراء... وليس الفكر والخبرة والحنكة - فقد ساهموا في التأخّر والرجعية والتدمير أكثر من البناء والتطور.
فالحضارة تتطلّب قواعد ثابتة، ونظاماً محدّداً، والمرور من مرحلة الفطرة إلى مرحلة العقل، والقدرة على استشراف المستقبل، ومستوى عالياً من الثقافة.
وكل هذه العوامل غير متوافّرة لدى الجماهير المتروكة لذاتها، بلا علم أو ثقافة أو تنوير.
تتخبّط كالنعام باحثة عن سبل العيش الكريم.
محبطة لتراكم الهموم.
خائبة لعجزها عن تحقيق أمنياتها وتطلّعاتها.
ثم حين نتغنّى ونكتب في أمنيات تحقيق السلام، في الحقيقة... ما السلام ؟
السلام هو أن تنعم بالطمأنينة الداخلية.
أن تبتسم من دون سبب.
أن تحبّ وتطرد الكراهية من ذاتك.
أن تتمنّى للكل الخير كما تتمنّاه لنفسك.
السلام أن تقنع بما لديك ولا تحسد
وهل يأتي من العقل أم من القلب... السلام يأتي من كليهما.
سلام القلب ألّا تكره أو تحقد وأن تحب الخير للجميع كما تحبه لنفسك.
وسلام العقل أن تتقبل الرأي الآخر والنقد الموضوعي.
ألّا تكون متعصباً أو عنصرياً.
فهل نحن قادرون على السلام.
أليس هو أصعب التحدّيات.
أليس هو ما نحاول تحقيقه في كل حياتنا.