No Script

إطلالة

«العلاقة ما بين كوفيد 19 وقوة الاقتصاد»

تصغير
تكبير

ما زال العالم يشهد الكثير من الصدمات الاقتصادية التي تهز البلدان، بسبب جائحة كوفيد 19، التي كانت السبب وراء هذه التغييرات الحياتية، فالجميع يراهن اليوم على بقاء وتعايش سلالات فيروس كورونا معنا مع تحوراته الجديدة إلى أزمات مقبلة، أي ربما تكون سلالاته بعيدة المدى وسط موروثات أخرى لا نعلمها، قد تؤثّر على النمو العالمي مستقبلاً لسنوات طويلة، رغم أن الاقتصاد العالمي في طريقه نحو التعافي من الركود، إلا أن حكومات العالم ما زالت متورّطة في كيفية التعامل مع شعوبها في وجود هذا الوباء القاتل.

وقد لاحظنا كيف تغيّرت حياة الأفراد مع تعامل حكوماتها ودورهم نحو فرض إجراءات مشدّدة عن طريق متابعة الأماكن التي يذهب إليها الأفراد منعاً للاختلاط والعمل على تحديد أعداد التجمّعات المسموح بها، سواء كان في مقرّات أعمالهم أو أماكن الترفيه والشراء، فضلاً عن الأماكن التعليمية كالمدارس والمعاهد والجامعات، وذلك لفرض حياة جديدة «معزولة»، ثم بعد ذلك امتدت هذه الإجراءات الاحترازية إلى مطارات العالم، التي أغلقت ومن ثم شلّ الطيران، وخلت شوارع بلدان العالم من الناس، حتى اختفت المركبات من الطرقات، بسبب الحظر المفروض على البشر على جميع الأصعدة، وبالتالي تعرّضت حكومات العالم إلى ضغوطات شعبية من كثرة القيود والاشتراطات الصحية، ولتخفيف حدّة هذه الضغوطات اتّجهت بعض الحكومات إلى تحمّل مسؤولية دفع مستحقات العاملين في الدولة، منذ بداية انتشار فيروس كورونا وحتى يومنا هذا.

غير أن بعض الحكومات فضّلت أن تكافئ مواطنيها من خلال تحمّل نفقات الأسر العاطلة عن أعمالها عن طريق برامج التحفيز أو التكريم، وهي خطوات تمويليّة ملزمة، قد تؤدّى إلى عجوزات مالية في الميزانيات العامة لهذه الدول حول العالم، فيما ذكرت شركة ماكنزي أند كو للاستشارات المالية والاقتصادية في تقرير لها، أن معظم البنوك في شتى أنحاء العالم قد تواجه أربع سنوات أخرى من انخفاض الأرباح، ضمن تبعات جائحة كوفيد 19، وأنه بحلول عام 2024 ستتطلّب الجائحة 2.7 تريليون دولار مخصّصات نفقات لخسائر القروض وستفقد 3.7 تريليون دولار من الإيرادات نهائياً، بسبب التحدّيات الاقتصادية واستمرار انخفاض أسعار الفائدة ناهيك عن وصول عجز الميزانيات الحكومية حول العالم ما يتراوح بين 9 تريليونات إلى 11 تريليون دولار في السنة الماضية 2020، وقد بلغ إجماليها التراكمي 30 تريليون دولار بحلول 2023 في ظل استمرار إنفاق حكومات العالم، والسؤال هنا إلى متى ستستمر هذه الحكومات الغنية في الإنفاق على شعوبها في ظل هذه الجائحة؟!

وكيف سيكون حال الحكومات إن لم تعيد البنوك المركزية إلى طباعة أموالها النقدية مجدّداً، مع خفض البنوك التجارية معدّلات فوائدها، وماذا إذا ظلّت أسواق العمل وأسواق المال مغلقة بسبب الأوضاع الصحية؟، ترى كيف ستكون الظروف الاقتصادية لحكومات العالم وسط تراكم عجز الميزانيات لديها؟!

وما السبيل عند ارتفاع مستويات ديون الشركات في دول العالم المتقدّم في ظلّ سلالات كوفيد 19 المستجد؟!

تلك هي تساؤلات منطقية يجب علينا طرحها اليوم لمعرفة ما يحمله المستقبل للاقتصادي في العالم.

ولكن يبدو لنا أن تاريخ امتداد سلالات هذه الأوبئة تشير إلى أن العالم حتماً سيشهد صدمات اقتصادية متفاوتة، قد تؤثّر على النمو والانتعاش العالمي مستقبلاً، وبالتالي على دول العالم أن تستعد لذلك للبحث عن بدائل تحفيزية، حتّى تغطّي احتياجاتها من جميع النواحي الاقتصادية، فآثار سلالات كوفيد 19 ما زالت تولّد مخاوف جديدة بين البشر، لاسيما وأن الحديث عن العودة إلى العمل الجماعي أصبحت شبه مستحيلة في الوقت الحالي، إن لم يتمّ تطبيق شرط التباعد الاجتماعي، وتخفيف ساعات العمل في جميع قطاعات العمل المنتجة في العالم.

وكلما طالت مدّة بقاء العمالة العاطلة زادت نسبة نفقات تلك الدول، وبالتالي على حكومات العالم أن تدعم مواردها الإنتاجية من خلال حماية الوظائف العامة في جميع القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة، فضلاً عن الحفاظ على مناخ شركات النفط ودعم الصناعات والمصانع، وإعادة النظر في اعتماد حكومات العالم على دولة واحدة مثل الصين، والحفاظ على سياسات البنوك المركزية قبل هروب رؤوس الأموال إلى أماكن أخرى أكثر أمناً.

ولكل حادث حديث.

alifairouz1961@outlook.COM

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي