No Script

قيم ومبادئ

الوزير الإصلاحي وينه؟

تصغير
تكبير

لا يمكن لمجلس الأمة منفرداً التمكّن من الإصلاح المالي والسياسي بمعزل عن الإصلاح من داخل الوزارة والوزراء تحديداً، ومنذ أوّل تشكيل حكومي سنة 1962م - بعد انتخابات المجلس التأسيسي، ثم توالت الحكومات إلى أن وصلنا إلى آخر تشكيل عام 2021 م، مع استحداث حقائب وزارية جديدة - يحقّ التساؤل ماذا عن الإصلاح الوزاري؟ والإصلاح من الداخل؟ لماذا لا نسمع سوى تصريف العاجل من الأمور؟ فهل تعذّر سبيل الإصلاح؟ وليس في الإمكان أبدع ممّا كان؟

لقد بحث فقهاء الإسلام قديماً مسألة الوزارة وقسّموها إلى قسمَيْن، وزارة تفويض ووزارة تنفيذ، وحدّدوا المراد من الوزارتين ولم يدُر في خَلَدهم نوع ثالث وهو وزارة التنفيع! التي انتشرت عندنا اليوم وتسابق الناس إليها بكل سبيل، ويتهافتون عليها تهافت الفراش على النار؟، فكل مَنْ حمل حقيبة الوزارة إذا قصد نفع شركته وطائفته دون الصالح العام، لم يُحالفه التوفيق، وتجده مضيّعاً للأمانة لا يَصدق في حديثه وتجده طمّاعاً شَرِهاً قد أعمل العداوة بينه وبين الناس، يدلّس الأمور فتشتبه على الناس، ليس عنده حزم للإصلاح ولا عزيمة على الرشد، قد غلبه الهوى وصرفه عن الصواب، وهمّه رضا الناس ولو بسخط الله (حرامي أبو طير)، ولذلك صدر قانون 88 لسنة 1995 م في شأن محاكمة الوزراء، بعدما شاع وذاع الاختلاس والنهب!

بل لقد أصبح المنصب الوزاري أداة سياسية فعّالة أحياناً لضرب النواب، ويتحوّل النائب بها من مهاجم للحكومة إلى مُدافع عنها ويعيش بينهما، ولا ندري متى كان صادقاً في هجومه من الصفوف الخلفية في المجلس، أم دفاعه من الصف الأمامي!

والغريب أننا لا نلمس التكامل في الأدوار بين النائب الإصلاحي والوزير الإصلاحي إن وُجدا؟

ولا نُنكر أنه قد لمع في سماء الوزارة نجوم وطنية أبلت بلاءً حسناً خلال عملها وتركت إرثاً وتاريخاً ناصعاً في تطبيق القانون، والعمل للصالح العام مع إنكار الذات، بحيث خرج من الوزارة مثلما دخلها بثوب أبيض!

الحكومة الحالية تحمل رقم 38 منذ تشكيل 1962 م، فلو توفّر في كل حكومة من الحكومات المتعاقبة وزير واحد إصلاحي، لحصلنا على عدد 38 إصلاحاً حقيقياً في مختلف وزارات الدولة!

ولكن ما لا يمكن تجاهله أن الوزير مهما كان تخصصه وخبرته ووطنيته، ما إن يحمل مسند الوزارة حتى يتكشف أمامه واقع مرير ماله من دافع! وسدود تُكبّل يديه، أولها ارتباط الوزارة بعقود قانونية لا يمكن بحال تخطّيها! وهذه صالحة طويلة الأجل ومرسومة سَلَفَاً للمستفيدين منها! وثانيها المناصب الإشرافية والقيادية في الوزارة، استولت عليها «غروبات» نتيجة توازنات خارج الوزارة! لا يملك الوزير حيالها شيئاً!

وثالثها، اللوائح المُنَظّمة للقرارات والتعاميم، مُجيّرة لخدمة فئات تمّ تحديدها مُسبقاً وهي قابلة للطرق والسحب حسب تبادل المصالح، وهي كفيلة في حال وجود وزير إصلاحي بعرقلته مع قراراته ولجانه ومكتبه الفني! وإخراجه من الحسبة وبالتنسيق مع مجلس الأمة! وقد شاهدنا وشاهد غيرنا قوة المصالح خارج المجلس، هي التي تُسيطر على المشهد الوزاري.

وأخيراً... همسة في أذن معالي الوزير: الإصلاح يتطلّب نفوساً صافية شفّافة تحبّ الخير وتسعى إليه بكل طريق، تراعي جانب الإخلاص لله وحده ولا تخاف لومة لائم، وليست تابعة لهواها وحبها للشهرة أو القيادة أو الأضواء.

الخُلاصة:

المصالحة طريق الإصلاح ولا تعني التبعية أو الاحتواء أو الإذعان لرأي واحد!

كما لا تعني بالضرورة ثورة تعصف بالاستقرار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي