No Script

قيم ومبادئ

ركلة جزاء دستورية

تصغير
تكبير

يتوالى مسلسل الفشل للمعارضة يوماً بعد يوم ويتهاوى البناء الذي شيّدوه بالصراخ والحماس الفارغ، وأوهموا الشباب بسقف عالٍ من الطموح الذي لا يسعفه مستوى وعي الشباب، كما لا يسعفه الواقع الأليم الذي نعيشه اليوم بل تعيشه الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع.

بل لم تتمكن حتى المعارضة برموزها أن تقدم تصوراً شاملاً وواضحاً لخارطة الطريق، على الأقل لأعضائها المنضوين تحت لوائها، بل تركت الحبل على الغارب - كما يُقال - لكل مَن سنحت له فكرة أو هاجس للإصلاح المزعوم!

فكانت النتيجة توالي الانحدار بصورة حادة، وخيبة أمل لأبناء الدوائر الانتخابية، اللهم إلا ما كان من استمرار مسلسل المصالح المتبادلة وإنجاز المعاملات!

وبذلك عدنا إلى المربع الأول بعد ركلات دستورية عدة، كما عاد بعض النواب قديماً وحديثاً خصوصاً الدكاترة منهم إلى مقاعد الدراسة، حيث أدب العلم والحوار الهادف المبني على حقائق وأرقام وليس حسابات شخصية ولا فئوية، وهذا أسلم وأحكم وأنفع لهم، والبعض الآخر من النواب الذين تركوا العمل السياسي أو تركهم العمل السياسي، انكفأوا على مصالحهم الخاصة التي جنوها في ما مضى! وتلاشت صيحات التحذير للحكومة أدراج الرياح! ومنهم من فرّ هارباً خارج البلاد! ومنهم مَن لفظتهم الساحة لجمودهم على العهد البائد في تاريخ العمل السياسي، ونرجسيتهم التي جعلتهم يتعالون على الجميع ويتغنّون باحترام الدستور!

وبذلك ضاعت الحقوق والحريات التي طالما تغنوا بها وانحرف العمل السياسي عن مواضعه، فأصبح تجارة باسم الوطنية وهذا من شأنه اضمحلال المصالح العُليا للبلاد على صخرة المصالح الشخصية الخفية، والنتيجة الحتمية لهذه المقدمة فقدان مجلس الأمة قوته والشعب وحدته، لذلك كله كان لا مفر من الاتعاظ بتجارب الدول الأخرى في هذا المجال، والخروج بالقدر اللازم في أدبيات النظام البرلماني بركلة جزاء لترجيح الكفة وإعادة التوازن إلى رمانة ميزان هيبة الدولة ونظام الحكم، وتطبيق القانون على الجميع (الموس على كل الروس)، أما عن حكم المحكمة الدستورية الأخير، فقد جاء مؤكداً لما جاء في المذكرة التفسيرية وهي تتحدث عن كفاية الاستقرار في مؤسسة الحُكم وتضع المُشرّع أمام تحدٍ كبير فتبرز جانب المشقة في الاستخلاص النظري، والتماهي بمشقة وزن مقتضيات المرحلة والواقع العملي في الحياة السياسية وأولهما معضلة فقهية وثانيهما مشكلة سياسية، وحسناً فعلت في التوفيق بين هذَيْن الأمرين.

وثالثة الأثافي - كما يُقال - مراعاة الدستور مسألة إسقاط الوزارة في الحكم، وذلك متمثلاً بأمور عدة أذكر منها مثلاً عدم النص على إسقاط الوزارة بكاملها بقرار عدم الثقة الذي يصدره المجلس، والبديل هو التحكيم الخاص الذي يحسمه الأمير بما يراه محققاً للمصلحة العامة، وإن شاء أخذ برأي المجلس وأعفى الوزارة وإن شاء احتفظ بالوزارة وحلّ المجلس، وإذا ما استمر رئيس الوزارة المذكورة في الحكم وقرر المجلس مع الغالبية عدم التعاون معه، اعتبر معتزلاً عن منصبه من تاريخ قرار المجلس الجديد في هذا الشأن وتشكل وزارة جديدة.

وكل عاقل يدرك مدى أهمية استقرار الوزارة في مجموعها رئيساً وأعضاء، كما أن رئيس مجلس الوزراء الذي يصل تبرّم مجلس الأمة به ومعارضته لسياسته حدّ تعريض المجلس نفسه للحل ومعاناة خوض المعارك الانتخابية وتكاليفها.

إذ ليس من الصالح العام تحصينه أكثر من ذلك أو كفالة بقائه في الحكم إلى أبعد من هذا المدى، وهذا ما جاء في المذكرة التفسيرية ولكن بطبيعة الحال هذا إذا كان مجلس الأمة متجرّداً وموضوعياً ورشيداً.

الخُلاصة:

ضربة مُعلم تتطلّب معرفة أين تطرق المِطرقة، وأين تبذل الجهد وهذا بداية النجاح.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي