No Script

سافر إلى ذاتك

داروا أموركم بالكتمان

تصغير
تكبير

أذكر ذلك اليوم جيداً، عندما التقيت بإحدى النساء وهي ابنة 39 سنة، تشكو لي عدم قدرتها على تحقيق نواياها التي لطالما حلمت بها طوال حياتها، ورغم شغفها وذكائها وتقدّمها العلمي وقوّتها التي تتعرف عليها بمجرد جلوسها أمامك، إلا أنني من الوهلة الأولى عرفت السبب، واضح وسهل الاكتشاف من دون أن أحتاج إلى تفاصيل أكثر منها، كانت كثرة حديثها عن نواياها، ورغبتها الشديدة بها، مسهبة بالشرح ومتعمقة بالتفاصيل مع سرد كامل للمشاعر المصاحبة للنية والرغبة.

سألتها سؤالاً: لماذا لم تنتهِ من البحث العلمي هذا؟ أجابت: لا أعلم لم أكمله

طيب: لماذا لم تترقي؟ أجابت؛ لا أعلم لا أحب عملي

لماذا ولماذا والكثير من الإجابات التي تثبت أنها لم تسعَ لنواياها بقدر ما تحدثت عنها.

فقد جهلت أنه كلما زاد تحدّثنا عن الأمر صدّقنا أننا أنجزناه، وأنه موجود فلا حاجة لدافعية تدفعنا ولا تقدّم نسعى إليه، لذلك كان عنوان المقالة يدعو إلى الكتمان وعدم التحدث.

عزيزي القارئ: انْو اقتناء منزل، انْو السفر للمكان الفلاني، انْو عمل هذا المشروع، انْو دراسة هذا التخصص، انْو جمع هذا المبلغ، لا تخبر أحداً عن نواياك، فالنوايا إن تكلمنا عنها يصّدق العقل أنك حققتها ولن تنجز فيها شيئاً، فأصحاب النوايا صامتون، تركيزهم عالٍ وأهدافهم دقيقة، وتفاصيلهم واضحة، يعرفون متى وقت الكلام وأين هي لحظة التوقف، ومن هو المُعنى بالإفصاح ومن لا يمكن الإفصاح له، ومتى يعلن ومتى يكتم؟

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، النوايا تكتب بالقلم وتتخيّل بالعقل وتدار بالفعل

لتتجلّى بالواقع، لذلك النوايا معادلة حسابية منطقية، تحسب بالمقدار الدقيق وتعطي نتيجة مثالية، لذلك افهم قانون النيّة جيداً، الذي ينصّ على: لا تخبر أحداً إلّا من تثق بمساعدته ودعمه، لا تؤجّل العمل بل ابدأ فيه على الفور، كن مرناً بالتغيير لتصل لما تصبو إليه، افعل بهدوء وقلّل الكلام، تجنّب المجالس التي تأخذ من وقتك الكثير.

وتذكّر: الناجح لا يتحدّث كثيراً لأنه يعمل أكثر، ولا يصاحب كثيراً لأنه قريب من نفسه أكثر، ولا يضيّع وقته فوقته ثمين بشكل أكبر.

Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي