No Script

اتجاهات

بايدن ومعضلة تايوان

تصغير
تكبير

حماية تايوان... التزام تاريخي يقع على عاتق أميركا، وإن لم يُختبر هذا الالتزام جدياً حتى الوقت الراهن. فتايوان من أبرز الملفات التاريخية الشائكة بين أميركا والصين.

ففي خضم انفتاح أميركا على الصين في السبعينات، تبنّت واشنطن سياسة الصين الواحدة ذات النظامين، إرضاءً لبكين، وتحوّلت تلك السياسة إلى تقليد أو التزام أميركي راسخ.

إذ بمقتضى تلك السياسة حرصت واشنطن على ألّا تزيد دعمها وتعاونها - خصوصاً العسكري - لتايوان إلى حد يغضب الصين نظراً لحساسية تايوان لبكين.

فقد اتخذ ترامب سياسات أحادية داعمة لتايوان، ربما انحرفت قدراً ما عن الالتزام الأميركي بالدعم المحدود لتايوان، فإدارة ترامب السابقة قد وافقت رسمياً على بيع أسلحة متطوّرة لتايوان، وهي الخطوة التي أغضبت بكين بشدة إلى جانب التهديدات المتكرّرة بالتخلّي عن سياسة الصين الواحدة.

وبالتالي أظهرت إدارة بايدن مبكراً إشارات عدة مهمة تفيد بأنها بصدد استئناف سياسة ترامب الأحادية تجاه تايوان، بل ربما ضاعف بايدن من تلك السياسة.

بتعمّده أن يكون مندوب تايوان لدى واشنطن ضمن الحضور في مراسم تنصيبه في الرئاسة.

وفي خطوة أخرى أكثر دلالة، أشار وزير الخارجية الأميركي بلينكن إلى دعم واشنطن من خلال زيادة مساحة الاتصال مع تايوان، وينظر إلى هذه الخطوة على أنها تمهيد لإرسال واشنطن لكبار مسؤوليها السياسيين والعسكريين لإجراء محادثات مع المسؤولين في تايوان، وذلك على غرار ما فعلت إدارة ترامب.

لم تتأخّر بكين سريعاً في الرد على إدارة بايدن، حيث قامت باختراق المجال الجوي لتايوان بأعداد غير مسبوقة من المقاتلات الجوية من بينها عدد من القاذفات.

ثم كان رد إدارة بايدن سريعاً ومديناً بشدة لما أسمته الضغط الشامل على تايوان، معربة أيضاً عن التزامها الصارم تجاه تايوان، وعن أملها أن تنخرط الصين في حوار بنّاء مع قادة تايوان، الذين تم انتخابهم بشكل ديموقراطي. وفي رسالة تحذيرية أيضاً أمر بايدن بعبور سفينة حربية إلى مضيق تايوان.

كما تشدّد إدارة بايدن المبكر تجاه تايوان يوحي وكأن ترامب لا يزال في البيت الأبيض، ما يعطي دلالة واضحة على أن سياسة التصعيد ضد الصين قاسم مشترك في جميع الإدارات الأميركية، أو توجّه ثابت لواشنطن رغم إشارات بايدن المبكرة أيضاً باتباع نهج مغاير تجاه الصين، يرتكز على التحالفات وتجنّب الصدامات المباشرة.

من المبكر للغاية التكهّن بما ستسفر عنه سياسات بايدن تجاه تايوان.

فمن الواضح أنه لا يريد مطلقاً خيار المواجهة العسكرية مع الصين، لأسباب عدة أهمها التكلفة الباهظة له.

وربما دفع بايدن بسياسات متشدّدة تجاه تايوان كورقة ضغط ليس أكثر على الصين في شأن ملفات أخرى.

لكن في ظل إدارة الرئيس شي جين بينغ قد تنزلق إدارة بايدن في صدام عسكري في شأن تايوان أو بحر الصين الجنوبي.

ففي ظل بينغ، قد تتحول قضية تايوان إلى معضلة لواشنطن لسببين رئيسيين: الأول والأخطر، تشدد بينغ واضح على ما يسمى حماية «المصالح الأساسية» للصين - على رأسها تايوان - بما في ذلك اللجوء إلى الخيار العسكري ضد أي محاولة للمساس بها.

فقد شهدنا كيف دفعت بكين بحشود عسكرية ضخمة على حدود هونغ كونغ، كادت أن تخترق الحدود لإخماد التظاهرات المعارضة لبكين.

والثاني، وهو تنامي النزعة الاستقلالية في تايوان عن بكين، التي عزّزتها سياسات ترامب الأحادية، وقد تنمّيها أيضاً سياسات بايدن.

مجمل القول، إن التزام واشنطن التاريخي بحماية تايوان، قد ينزلق في اختبار حقيقي خلال إدارة بايدن أو بعده، وهذا ما لا تريده بالفعل واشنطن في ظل القوة الرهيبة المتنامية للصين، لا سيما وأن عودة تايوان إلى الوطن الأم باتت أمراً محسوماً للصين، التي تنتظر فقط الوقت المناسب لتفعيله.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي