No Script

رؤية ورأي

نوّاب «وطنيّون» يحصّنون خرق سيادة الدولة

تصغير
تكبير

إبّان مرحلة الاحتقان الطائفي، التي واكبت حراك الربيع العربي في الكويت، قبل قرابة عشر سنوات، سقط العديد من السياسيين المقنّعين بالوطنية في وحل الطائفية، إما عبر المشاركة في المشاريع الطائفية الفتّاكة - كخطابات الكراهية الفئويّة - وإما من خلال موقف سلبي، كالتغافل عن تلك الفتن أو تعميم الإدانة على المعتدين والضحايا المدافعين.

وعندما قرر هؤلاء المقنّعون بالوطنية المشاركة في انتخابات مجلس 2020، استغلّوا تعافي النسيج الوطني من أضرار جمراتهم الطائفية، فأوهموا ناخبيهم أن تكتّلهم تخلّص من النفس الطائفي.

ولكن بعد أول نشاط سياسي للتكتّل، بعد نتائج الانتخابات، عند التنسيق لانتخابات مقاعد مكتب المجلس، تأكّد مرة أخرى صلابة القواعد الفئوية في هيكل التكتّل، وذلك عبر موقفه من ترشّح الدكتور حسن جوهر لمنصب نائب الرئيس. فالتكتّل الذي استنزف كل إمكاناته لاكتساب الرئاسة، وسعى جاهداً لكسب أكبر عدد ممكن من مقاعد مكتب المجلس، لم يتبن ولم يعلن موقفاً موحّداً في شأن منصب نائب الرئيس، رغم العلاقة الانتخابية المتينة بين مقعدي الرئيس ونائبه. والتكتّل الذي نجح في استبعاد سيد عدنان عبدالصمد عن موقعه التاريخي، عجز عن تسليم جوهر مقعد نائب الرئيس.

لا أتّهم كل أعضاء التكتّل بأنهم طائفيون، ولكن بالتأكيد مواقفهم - كلهم من دون استثناء أي نائب من بينهم - كانت طائفية، بين من كانت دوافعه طائفية وبين من تخاذل عن واجب التصدّي العلني الحازم لزملائه الطائفيّين.

العديد من النوّاب الذين يعتبرون أنفسهم «وطنيّين»، أداؤهم السياسي متنافر مع دستور الوطن وقيمه ومبادئه، إما من خلال مبادراتهم وإما بسبب سلبيتهم تجاه اختراقات خطيرة لقيم ومبادئ دستورية، كما في انتخابات مناصب المجلس. وهذه السلبية غالباً ما تكون ناتجة عن حصانة غير دستورية منحها طوعاً هؤلاء النوّاب «الوطنيّون» لعدد من زملائهم في المجلس. فتجدهم متسامحين معهم ويغضّون الطرف عن أخطائهم ولو كانت جسيمة وكارثية، بينما تجدهم مترصّدين لأخطاء الحكومة - الحقيقية منها أو التي يختلقونها - ويوجّهون خطاباتهم إلى الحكومة بشدّة وغلاظة، إلا إذا كان تقصير الحكومة لصالح الذين منحوهم الحصانة غير الدستورية.

قبل أيام أعلن الدكتور بدر الداهوم - عبر «تويتر» - عن تسلمه رسالة عبر منصة «واتساب» تشير إلى أن رئيس المجلس لمّح في ديوان البسام إلى أن المحكمة الدستورية ستقضي بإسقاط عضوية الداهوم. ورغم نفي الحادثة من قِبل كل من الرئيس وصاحب الديوان، إلا أن تفاعل رموز المعارضة مع الخبر المكذوب تفاقم إلى درجة الإعلان عن تنظيم وقفة تضامنية مع الداهوم. ثم تقرر استبدال الوقفة التضامنية بمؤتمر صحافي، مراعاة للقرارات الحكومية الاحترازية الأخيرة، وذلك بعد أنباء في شأن لقاء في ديوان النائب المطير جمع وزير الداخلية بمجموعة من نوّاب المعارضة. ولكن تفاجأ المواطنون أن الحضور في الفعّالية السياسية كان كثيفاً وغابت عنه السلطات الأمنية.

بغض النظر عن المفردات الهابطة التي استخدمها بعض الناطقين، وبعيداً عن الأطر الدستورية والسياسية والقانونية التي اخترقت، ما يهمني في هذه الفعالية هو موقف النوّاب الذين يعتبرون أنفسهم «وطنيّين» منها، وتحديداً سكوتهم عن ازدواجية الحكومة في تطبيق القانون، حيث إنها تهرّبت عن تطبيق القانون تجاه التجمّع، وفي المقابل أصرّت قبل أيام على إغلاق العديد من المهن والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، رغم نداءات الاستغاثة من أصحابها والعاملين فيها، بل إنها نشرت مقطع فيديو وثّقت فيه إدانة مواطن أزاح كمامته أثناء تذوّق تمرة.

لا أستبعد أن يتطرّق لاحقاً هؤلاء النوّاب «الوطنيّون» لتقاعس الحكومة تجاه جريمة التجمّع، ولكن بعد انجلاء الغبار السياسي عنها، ومن دون أن يدينوا صراحة النوّاب المخالفين. لذلك هؤلاء «الوطنيّون» غير مؤهلين ولا قادرين على تحصين الوطن... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتّباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي