No Script

رؤية ورأي

ثلاثة مشاهد من مسرحيّات المعارضة

تصغير
تكبير

تعتبر المعارضة الكويتية في مجملها من الأسباب الرئيسة لاستدامة الفساد في الكويت، لأنها تعاني من صور الفساد التي تدعي أنها تحاربه. لذلك التصريحات والأنشطة السياسية التي يمارسها رموز المعارضة أشبه بنصوص ومشاهد من مسرحيّات غير واقعية تحظى بإقبال جماهيري كبير، سأكتفي بالإشارة إلى ثلاثة منها: كوميدي وهزلي وتراجيدي.

في المشهد الكوميدي يتّهم أحد نوّاب المعارضة رئيس الحكومة بالعبث في المال العام والصناديق السيادية، ويؤكّد فشله كرئيس للحكومة المستقيلة في حماية المصالح العليا للدولة وافتقاره لرؤية صالحة لمستقبل الكويت، ويحمّله مسؤولية تعطيل اجتماعات مجلس الأمّة لمدّة شهر بحجّة أنه مقدّم طلب التعطيل إلى حضرة صاحب السمو أمير البلاد. ولكنه بعد كل ما سبق من اتهامات جسيمة «بالعبث والفشل والإخفاق»، يكتفي في نهاية المشهد بتقديم نصيحة إليه بعدم العودة لأن المجلس لن يتقبّله. فضحك الشعب لأنه كان يتوقع أن ينتهي المشهد الثوري بإعلان النائب تقديم استجواب للرئيس، أو على أقل تقدير تأييد الاستجواب المقدّم من النائب مساعد العارضي.

وأما المشهد الهزلي فهو من مسرحية «رسالة إلى الأمّة»، حيث وجّه أحد النوّاب السابقين مجموعة أسئلة إلى الرئيس مبطنة باتهامات التطاول على مواد الدستور وحقوق الشعب وحرمة المال العام. حيث سأله في شأن دوره في اتفاقيتي المنطقة المقسومة الأخيرتين، ودوره في قضايا الفساد والتطاول على المال العام الأخيرة، وهل تمكّن من استرجاع دينار واحد منها إلى المال العام، وعن دوره في سحب الجنسية الكويتية بدوافع سياسية.

الجانب الهزلي في المشهد يتجلّى عندما نشاهد نوّاباً سابقين مشاركين بالمسرحيّة يستحقون توجيه الأسئلة ذاتها إليهم، ولكنه لم يوجهها إليهم لا في هذا المشهد، ولا في غيره من مشاهد هذه المسرحية، ولا المسرحيّات الأخرى.

فمن بينهم نوّاب سابقون أقرّوا في مجلس 1999 اتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة، التي حُدّدت فيها حدود جديدة، بميل حاد في اتجاه الشمال، تلتقي مع حدود مجموعة جزر فيلكا، في منطقة فائقة الغنى بالحقول الغازية والنفطية، بعد تحديد المداخلات بالمداولة بأربعة نوّاب فقط، بواقع 5 دقائق لكل منهم، تمحورت مداخلاتهم حول ضرورة تمديد مدّة المناقشة من دون الولوج في تفاصيل الاتفاقيّة.

كما يستحق هؤلاء النوّاب مساءلتهم في شأن دورهم في كارثة «داو كيميكال»، التي كبّدت المال العام مليارات الدولارات بين غرامة إلغاء العقد وبين العوائد التي حققتها الشركة في السنوات اللاحقة. وهل نجح هؤلاء في استرجاع دينار واحد إلى خزينة الدولة خلال عشرات السنوات التي تبنّوا فيها ملاحقة سرّاق المال العام؟

وأما سحب الجناسي بغايات سياسيّة، فماذا كان موقفهم من قرارات سحبها في أجواء سياسية محتقنة في القرن الماضي؟ المراد أن المشهد لو لم يكن هزلياً لسأل النائب السابق هؤلاء النوّاب السابقين: هل احترموا مواد الدستور وحقوق الشعب وحرمة المال العام في تلك القضايا والأحداث؟

وأما المشهد المأسوي، فبطله نائب مخضرم متكسّب من استدامة معاناة «البدون»، دعم بتطرّف مقترح جمعيّة المحامين لإنهاء أوضاع «البدون»، فساهم بشكل مباشر في تضييع الفرصة الذهبية لإنهاء معاناتهم، التي جاءت برغبة أميرية من قائد الإنسانية،طيب الله ثراه. ثم تخلّى عن قضيتهم في التكتلات البرلمانية المتعددة التي شارك فيها، ابتداء بتكتل 43 وانتهاء بتكتل 16، فغابت قضيتهم عن أولويّات تلك التكتّلات، واكتفى بتصريحات واقتراحات بقوانين ولدت ميتة، لأنه سبق وأدها في العديد من المجالس السابقة. وبعد كل ما سبق، حرص هذا النائب على التكسّب في حادثة انتحار طفل «بدون» المأسوية، حيث طالب بإقالة قياديي الجهاز المركزي لشؤون «البدون» والجميع يعلم أن تغييرهم آتٍ.

المشاهد الثلاثة تشترك في كونها باسم الشعب والأمة، ومن أجل الإصلاح والتنمية، ولكنها أخرجت وأنتجت لصالح نخبة سياسية... «اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي