No Script

تغطي بالكاد 35.5 في المئة من عجز الموازنة

«أخذ» مليارات «الأجيال» استنفاد للحلول قبل الأموال

تصغير
تكبير

- لماذا 5 مليارات تحديداً؟ ومَن سيُعوض الصندوق عن فرص ضائعة نتيجة السحب؟
- 7.3 مليار دينار المبلغ المسحوب من «الأجيال» سنوياً باحتساب وقف التحويلات
- خفض النفقات «أكذوبة»... 71.6 في المئة من المصروفات غير قابلة للمس
- كيف تُقلّص المصروفات في ظل ظروف «كورونا» والتعويضات المستحقة للمشاريع المتضرّرة؟
- الإيرادات غير النفطية ضئيلة... فهل ستتجه الحكومة إلى فرض الضرائب والرسوم قريباً؟
- ما الذي ستفعله الحكومة إذا رفضَ مجلس الأمة قانوني «السحب» والدّين العام... والضرائب؟

تشهد الأوساط الاقتصادية امتعاضاً شديداً حيال مشروع القانون الذي أحالته الحكومة إلى مجلس الأمة، بخصوص السماح لها بسحب 5 مليارات دينار سنوياً من صندوق احتياطي الأجيال لتمويل الموازنة.

هذا التوجه الحكومي، أفرز العديد من التساؤلات، حول مدى جدواه، قياساً بالتأثيرات السلبية الكبيرة له على متانة الكويت مالياً واستثمارات الصندوق السيادي، وما الذي استندت عليه الحكومة بتحديد المبلغ بـ5 مليارات، ولماذا «الأخذ» من «احتياطي الأجيال»، وليس الاقتراض منه؟

وفي ما يلي غيض من فيض التأثير المتوقع للخطوة الحكومية، في حال إقرارها من مجلس الأمة، وكذلك في حال رفض المجلس لذلك الإجراء، لا سيما مع الانتقادات النيابية الكبيرة لهذا التوجه.

لماذا 5 مليارات؟

تحديد مشروع القانون الحكومي 5 مليارات دينار لسحبها من «احتياطي الأجيال» سنوياً، يطرح تساؤلاً حول الآلية التي تم فيها تحديد المبلغ، وما الذي استندت عليه الحكومة في ذلك؟ وهل هناك دراسات أجريت بهذا الخصوص؟

وإذا كان أن الـ5 مليارات ستؤخذ من الأرباح السنوية التي تحققها استثمارات الصندوق السيادي، غير المعلن حجمها أصلاً، فإن ذلك بلا شك سيقلص من أموال الصندوق المستثمرة، وبالتالي يُفقد الصندوق عوائد استثمار الـ5 مليارات في الأسواق العالمية.

7.3 وليس 5

بحساب التحويلات من الموازنة إلى صندوق «الأجيال» خلال السنوات المالية الست الأخيرة، وتحديداً منذ 2014 /2015 وحتى 2019 /2020، فإنها بلغت نحو 13.8 مليار دينار (تم استرداد 3.7 مليار منها عن السنتين الماليتين 2018 /2019 و2019 /2020)، بمعدل سنوي يبلغ 2.3 مليار دينار، ما يعني أن قرار وقف استقطاع حصة «الأجيال» من الموازنة يُفقد الموازنة هذا المبلغ سنوياً، أي أن «احتياطي الأجيال»، سيفقد 7.3 مليار دينار سنوياً، هي إجمالي الـ5 مليارات التي سيتم سحبها، والـ2.3 مليار التي لن يتم تحويلها إليه.

لماذا «الأخذ» وليس الاقتراض؟

يطرح مشروع القانون الحكومي الجديد، تساؤلاً حول عدم لجوء الدولة إلى الاقتراض من «احتياطي الأجيال»، بدلاً مما نص عليه مشروع القانون من «أخذ» واستيلاء على أموال الصندوق.

فالاقتراض من الصندوق هو أهون الشرين، إذا صح التعبير، وهو ما لجأت إليه الحكومة مرة واحدة سابقاً إبان معالجة أضرار الغزو العراقي.

35.5 في المئة فقط

الـ5 مليارات التي تريد الحكومة «أخذها» سنوياً من «احتياطي الأجيال»، لا تغطي أكثر من 35.5 في المئة من العجز المقدر لهذا العام، البالغ نحو 14.05 مليار دينار، في حين أن أثره المالي كبير، بالسحب من صندوق كان الهدف من إنشائه توفير مستقبل أفضل للأجيال القادمة، لا الحالية.

هذا الأمر، يطرح تساؤلاً حول جدوى المخاطرة بالانقضاض على صندوق سيادي، كان دائماً العنوان الأبرز لوكالات التصنيف العالمية في احتفاظ البلاد بتصنيف سيادي مرتفع لعقود من الزمن، إذ ان هذا التجاسر الحكومي على المصدات المالية التي يشكلها الصندوق من شأنه أن يقلص التصنيف السيادي بشكل أكبر، بعد تراجعه أخيراً لمشاكل السيولة.

تقليص المصروفات... غير ممكن

رغم التوجيهات الحكومية لمختلف الجهات الحكومية، العام الماضي، بإجراء تخفيضات على مصروفاتها المقدرة للسنة المالية الحالية 2020 /2021 بنحو 20 في المئة، إلا أنه بمقارنة المصروفات المقدرة في الموازنة الحالية بنظيرتها الفعلية في السنة المالية السابقة 2019 /2020 نجد أنها زادت، ولم تنقص، إذ ارتفعت بنحو 415 مليون دينار، من 21.14 مليار دينار إلى 21.555 مليار.

ولعل في ذلك دليل واضح، على أن خفض وترشيد النفقات بشكل كبير ومؤثر من شأنه تقليص العجز، أمر غير ممكن من الناحية العملية، لا سيما أن أكثر من 70 في المئة من المصروفات غير قابل للمس، تتمثل في نفقات الرواتب والدعوم.

ووفقاً للموازنة المقدرة للسنة المالية المقبلة 2021 /2022، فإن الرواتب والدعوم تلتهم نحو 71.6 في المئة من المصروفات، بإجمالي مصروفات على البندين يبلغ 16.509 مليار دينار، من أصل مصروفات إجمالية تبلغ 23.048 مليار دينار.

وفي حين أن الإنفاق الرأسمالي، يبلغ 3.466 مليار دينار، تشكل نحو 15 في المئة فقط من مصروفات الموازنة، فإن أي مساس بذلك الإنفاق نحو خفضه سيكون له تأثير اقتصادي سلبي، إذ ان الإنفاق الرأسمالي هو المحرك الأساسي لأي اقتصاد في العالم، لا سيما في ظل الأزمات، وهو ما نشهده جلياً في الاقتصادات العالمية التي تخصص جزءاً كبيراً من ميزانيتها للإنفاق الاستثماري كمحرك للاقتصاد.

وبذلك، يبقى 12 في المئة من مصروفات الموازنة المقبلة، أي نحو 3.073 مليار دينار، منها مصروفات يصعب تقليصها أيضاً، بل ان الحاجة تستدعي زيادتها، مثل مصروفات وزارة الصحة، لا سيما في ظل الإنفاق المتنامي لمواجهة أزمة «كورونا» وشراء اللقاحات، إضافة إلى مصروفات إضافية أفرزتها أزمة الإغلاقات، ستحتاج الحكومة إلى إنفاقها لتعويض المتضررين، لا سيما ما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة. في ظل هكذا أوضاع، فإن التخفيض بالمصروفات الذي أكد عليه مشروع القانون الحكومي الأخير، حدوده ضيقة، وبلا جدوى كبيرة يمكن أن تشكل أثراً ملموساً.

هل اقتربت الضرائب... أكثر؟

الحديث عن تنويع مصادر الدخل قديم، يظهر عند كل انخفاض في أسعار النفط وعجز بالموازنة، لكننا لا نرى تطبيقاً له على أرض الواقع، لناحية زيادة الإيرادات غير النفطية بشكل مؤثر في موازنة الدولة، فتلك الإيرادات، مثلاً، ووفقاً للموازنة المقدرة للسنة المالية المقبلة 2021 /2022 تبلغ نحو 1.802 مليار دينار فقط، مقابل 9.152 مليار إيرادات نفطية. وأمام عدم استطاعة الحكومة تحقيق طفرة قريبة في الإيرادات غير النفطية لسنوات طوال، فإن تنويع مصادر الدخل، الذي أكدت عليه الحكومة في مشروع قانونها للسحب من «احتياطي الأجيال»، قد لا يتأتى إلا باللجوء إلى التعجيل بفرض ضرائب على شاكلة ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية وغيرها وزيادة رسوم بعض الخدمات، فهل سيكون ذلك توجه الحكومة في القريب العاجل؟

ماذا لو رفض مجلس الأمة القانون؟

تعالت انتقادات الكثير من نواب مجلس الأمة معبرين عن رفضهم لمشروع القانون الحكومي بسحب 5 مليارات دينار سنوياً من «احتياطي الأجيال»، فما الذي ستفعله الحكومة إذا ما رفض المجلس إقرار القانون؟ وكيف ستسير الأمور إذا اقترن ذلك برفض البرلمان قانون الدين العام وفرض الضرائب؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي