No Script

خواطر صعلوك

لا تشرّعوا قانوناً للتحرّش... الأهم احتشموا!

تصغير
تكبير

كلمة «احتشموا» المذكورة في عنوان المقال أقصد بها أن تحتشموا فعلاً أنتم وآباؤكم وإخوانكم وأخواتكم وخالاتكم وعمّاتكم وإخوانكم في الرّضاعة... وفي المقابل لزاماً على أبنائنا وإخواننا وأخواتنا ومن حضر القِسمة، أن نذهب جميعاً إلى كلمة سواء في أنه على الجميع أن يحتشم فعلاً.

والحشمة فعل اجتماعي ليست في الملابس فقط، فحاء الحشمة هي حاء الاحترام والحرام والحرم وما لا يجب الاعتداء عليه.

كلمة حرام وعيب وغض البصر اختفت من النقاش المجتمعي.

بدأت حملة التحرش من حيث لا أدري، ربما بفيديو صوّرته إحدى الشابات تتهم فيه أحداً ما بالتحرش بها، ولكن الصحافة نزلت الميدان ورفعت كلتا يديها واحدة بالكاميرا والأخرى بالميكروفون، وقالت «أين المتحرشون؟»، فخلقت نقاشاً مجتمعياً سريعاً، وتم تقسيم المتحرشين والمتحرشات إلى أربع فئات حتى الآن حسب ما سمعت:

- هي راضية وأنا راضي... وانت مالك يا قاضي.

- من خرجت بنظرية الاحتمالات... ومن خرج بنظرية الصيد.

- من خرجت بمرحلتها العمرية.. ومن خرج بتنشئته الاجتماعية.

- من خرجت بدعاء الوالدين... ومن خرج كي يشتري أغراضاً من الجمعية.

بدأت الحملة بلوم الشباب، ثم حدث تحول درامي في القصة حيث دخلت بعض الشابات يلمن أخواتهن على اللبس والأماكن والماكياج والتفاصيل، ثم بدأ بعض المغردين بالهجوم على الزميلة المتألقة بيبي الخضري والتشكيك في مهنيتها حول تقريرها الذي قدّمته من الشارع، وتبادل الناس «سنابات» يظهر فيه المتحرش والمتحرّشة والإخوة الكومبارس المكملين للمشهد حولهما، ونقاش مجتمعي حاد لم ينته... وفجأة ومن دون سابق إنذار، وفي وقت مبكر للغاية يرفع مجلس الأمة يداً واحدة وينزل للميدان، عبر رغبته في تشريع قانون!

هيا نشرّع لظاهرة لا ندري ما هي مشكلتها الأساسية؟ ومن دون أن نسأل أنفسنا مجموعة أسئلة: ما علاقة ظاهرة التحرش بمشكلة العدالة الاقتصادية والتعليمية، وما يتعلّق بالصحة النفسية؟ ما علاقة ظاهرة التحرش بالقهر الاجتماعي في ظل ضعف تنفيذ السياسات السكانية والإسكانية، وفي ظل وجود 471 ألف كويتي مقترض، وفجوة تعليمية خمس سنوات، وضعف تفعيل المساحات الشبابية والأنشطة الطلابية؟ هل هناك علاقة ما بين ظاهرة التحرش وظواهر التنمر والعنف المنزلي وNetflix التي تصنع «بيئة إغرائية،» عبر أفلامها ومسلسلاتها التي لا يموت فيها الأشرار؟ ما المراحل العمرية للشباب والشابات التي يكثر فيها التحرش، وعلاقة ذلك بدور المؤسسات الفاعلة في تقديم الخدمات والدعم والفرص لهذه المراحل العمرية؟ لن تختفي الظواهر السلبية طالما هناك ردة فعل غير واعية، بينما لا تدرك جذور المشكلة.

إن تشريع القانون في ظاهرة التحرش ليس الحل، بل - غالباً - قد يكون المشكلة.

الوعي الاجتماعي والمبادرات المجتمعية وإشراك الناس والابتعاد عن الخطاب الفئوي وتنميط الحملة هو الخطوة الأولى.

لا تشرّعوا قانوناً... إنما اجعلوا الناس يشعرون بأهمية ما يتعرّض له بنات الأب وبنات العم وبنات الأخت، أو فتاة خرجت إلى الشارع من دون رغبة في أن يلاحقها البعض... وكأنها مستباحة.

‏هناك شبه إجماع مجتمعي أنه يوجد: «شباب يتحرشون وبنات يتحرشن»، المشكلة لو تم إقرار قانون من دون التحدث مع الشباب والشابات أنفسهم... وسماعهم والعمل معهم... ومناقشة وإيجاد حلول لجذور المشكلة، فإن القانون سيظلم ولن يعالج... وربما ينتج ردة فعل عكسية... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

قصة قصيرة: حملة الحكومة الإعلامية حول التطعيم وخطر الأرقام... ضعيفة رغم الجهود والنوايا الطيّبة.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي