No Script

قيم ومبادئ

ويلٌ للمُطففين؟

تصغير
تكبير

أحلَّ اللهُ البيعَ وحرّم الربا وفتح للتجار طرقاً كثيرة للكسب، وتنمية الأموال وكسب الأجور، إذا صَدَقوا وبيّنوا وأصلَحوا فلهم من الثواب أكثر من الصائم القائم!

والتجار اليوم وتحديداً القطاع الخاص عليهم واجب إعانة الدولة في مثل هذه الظروف (كورونا)، وعدم إرهاق الدولة بكثرة المطالبات غير المبررة، خصوصاً إذا سَعَوا في سدّ حاجة إخوانهم المسلمين، فمثلاً إذا جاءك الفقير ليشتري حاجته ولا يملك الثمن كاملاً فأعِنْه ليشتريها لقوله صلى الله عليه وسلم :(مَن نَفَّس عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا نَفَّس الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة)، وإذا جاءَكَ المستقرض فأقرضه ، واعلم أنّ (قرض درهمَيْن صدقة بدرهم)، بمعنى يجري لك شَطر القرض صدقة.

وفي يوم من الأيام تلاحى رَجلان في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بدَيْن كان لأحدهما على الآخر، فارتفعت أصواتهما فأشار الرسول -صلى الله عليه وسلم - لصاحب الدَّين أن ضع الشطر من دينك فقال: لبيك يا رسول الله فعاد الصفاء بينهما. وكذلك أمرت الشريعة بالسماحة في البيع والشراء ورحم الله رجُلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى. والناس اليوم باتوا بحاجة ماسّة للمال، لكن يجب أن يُحصل بطرق شرعية ولا يغامر بطلب الحرام. لقد أصبحنا في زمان لا يدري الإنسان من أين أخذ هذا المال؟ ولا من أي طريق لكثرة طرق الغش والتحايل فتضخّمت الأرصدة في البنوك العالمية والبشرية من حولنا، تموت جوعاً ومرضاً وسموماً لافحة وصقيعاً زمهريراً!

ومع هذا كلّه لا نقول إنّ التجارة هي أفضل الأعمال مطلقاً، ولكن التجارة إما أن تُطلب بها الكفاية وإما الزيادة على الكفاية، فإن كانت التجارة للزيادة عمّا يحتاج إليه الإنسان لكنز المال وتعطيله لا ليُصرف منه إلى الخيرات والصدقات للمحاويج، فهي مكروهة لأنّها إقبال على الدنيا التي هي رأس كل خطيئة، فإن كان مع ذلك ظالماً خائناً فهو فاجر وفاسق وإن زاد على ذلك بأن منع أداء الزكاة فهذه من الكبائر، إذا مات عليها الإنسان فإنّه يُعذّب بها في البرزخ قال تعالى: (يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ...).

وأما إذا طلب التجارة لكفاية نفسه وأهله وأولاده، فهذه أفضل أحوال الإنسان إذا قصد بها إعفاف نفسه وأهله عن السؤال.

وانحراف الإنسان في ماله يكون بأحد أمرين اثنَيْن.

إمّا أن ينفقه في الباطل الذي لا يُجدي نفعاً مثل المعاصي والشهوات التي لا تعين على طاعة الله، بل هي في الصدّ عن سبيل الله، وإما أن يُمسك ماله فلا ينفقه في الواجبات، وهذا مؤسف حقاً وله آثار سيئة على الجميع، فلو أخرج تجار المسلمين الزكاة الواجبة عليهم لفقرائهم فلن نجد محتاجاً ولا يتيماً ولا مسكيناً ولا عارياً ولا ملهوفاً، لكن آفتنا اليوم هي التنافس على الدنيا والتقاتل عليها مع الشُّح والحسد والبغضاء بين الأفراد والجماعات والدول فأهلكتنا كما أهلكت مَن قبلنا، ودبَّ فينا داء الأمم وهذه هي الحالقة لا أقول تحلقُ الشعرَ ولكن تحلقُ الدِّين. والحذر كل الحذر من أخلاق الأراذل مثل التعدي على الخلق في دمائهم وأعراضهم وأموالهم، خصوصاً إذا اشتروا من الناس مكيلاً أو موزوناً، فإنّهم يوفون لأنفسهم ولكنّهم إذا كالوهم أو وزنوهم يُخسرون، يعني إذا باعوا للناس مكيلاً أو موزوناً ينقصون في المكيال والميزان ويبخسون الناس أشياءهم؟

وهذا هو المُطفف الذي يأخذ لنفسه أشياء أكثر ما يستحقها، وعندما يقوم بإعطاء الناس يعطي لهم أقل ما يستحقون!

ثم تجده مع هذا الوصف جمع وصفاً آخر، أنهم كانوا إذا مرّوا بالضعفاء يستهزئون سُخريةً منهم وإذا رجعوا إلى أهليهم وذويهم تفكهوا معهم بالسخرية من المحاويج والفقراء.

وإذا رأَوْهم وقد اتّبَعوا الهدى والتزموا الصلاة قالوا عنهم إنّ هؤلاء لَتائهون في دينهم وأخلاقهم!

الخُلاصة:

قال صلى الله عليه وسلم: (قُمْتُ عَلَى بابِ الْجنَّةِ، فَإِذَا عامَّةُ مَنْ دخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وأَصْحَابُ الجَدِّ محْبُوسُونَ).

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي