No Script

اتجاهات

بايدن وأولوية قضية التغيّر المناخي

تصغير
تكبير

حظيت قضية التغير المناخي بأولوية كبرى لبايدن إبان سباق ترشحه للبيت الأبيض. وكان قرار العودة إلى اتفاقية باريس للمناخ - التي انسحب منها ترامب - من أوامره التنفيذية الأولى التي أصدرها فور تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة.

لم يكتف بايدن بذلك وبحسب، بل اتخذ قرارات عدة مهمة غير مسبوقة في شأن التغير المناخي، تشير إلى مدى أولوية تلك القضية في أجندة بايدن الداخلية والخارجية، أهمها تعيين وزير الخارجية السابق جون كيري مبعوثاً خاصة لأميركا في شأن التغير المناخي.

وتعيين فريق خاص من القانونيين لتنفيذ رؤيته الطموحة في شأن البيئة، التي تتضمن تكثيف الاستثمار في التكنولوجيات الخضراء لتحويل اعتماد أميركا على الطاقة النظيفة تماماً بحلول 2035، وصفر انبعاثات غازية بحلول 2050. وأخيراًً أصدر بايدن قراراً تنفيذياً بتعليق التنقيب عن النفط والغاز داخل أميركا، وهو القرار الذي أثار جدالات واسعة داخل واشنطن، لما له من تبعات شديدة السلبية على قطاع النفط الصخري الأميركي.

بجملة هذه القرارات، لن تحظى قضية التغير المناخي لدى بايدن بأولوية قصوى بحسب، بل ذهب بعض المراقبين إلى القول إن بايدن يسعى بقوة إلى أن يتصدر القيادة العالمية في شأن قضية التغير المناخي.

وهذه الأولوية القصوى التي يوليها بايدن لقضية التغير المناخي، لها شق عقلاني أخلاقي بالطبع، وذلك بالنظر إلى المخاطر البيئية الجسيمة على البشرية جراء استمرار درجات الحرارة على وتيرتها الحالية، النابعة في الأساس من الانبعاثات الكربونية الدفينة.

وهذا يتسق مع أجندة الديموقراطيين، بعكس الجمهوريين الذين يعكسون أجندة رأسمالية ضيقة للغاية لصالح أباطرة شركات النفط الصخري.

وإن كان بايدن أكثر رؤساء أميركا الديموقراطيين اهتماماً بقضية التغير المناخي، فلا بد وأن هناك أبعاداً ومتغيرات أخرى قد ألحقت بالشق الأخلاقي العقلاني. فالقرار التنفيذي لبايدن بتجميد وتعليق التنقيب عن النفط والغاز، على سبيل المثال، والذى سيتسبّب في خسائر بالمليارات لهذا القطاع وفقدان آلاف الوظائف، لا بد أنه يتضمن أبعاداً أخرى تتجاوز البعد الأخلاقي إلى أبعاد أخرى سياسية واقتصادية أكثر عمقاً وربحية على المدى الطويل.

كما أن قضية التغيّر المناخي لم تعد قضية ذات منطلقات أخلاقية وبحسب، بل أيضاً اقتصادية، تجلب أرباحاً بمليارات الدولارات سنوياً وتوافر الآلاف من الوظائف.

فمع اهتمام الدول بتخفيض نسبة الانبعاثات الدفينة، تنشط بالتوازي وبقوة استثماراتها وتجاراتها في الطاقة النظيفة والبديلة، وهي التجارة التي أصبحت تدرّ مليارات الدولارات في ظل التحول العالمي المتصاعد نحو الطاقة البديلة.

وفي ما يبدو أن بايدن يعي ذلك جيداً، وهذا ملاحظ بشدة من الأجندة الطموحة للبيئة التي تستهدف تكثيف الاستثمار على الطاقة البديلة.

وفي ما يبدو - أيضاً - أن قضية التغير المناخي قد أضحت أحد القضايا الرئيسية في سياق التنافس الأميركي الحامي ضد خصومها من القوة الصاعدة، لا سيما الصين، للحفاظ على وضعها كقوة قادة في النظام الدولي.

فالصين على وجه التحديد، لديها أجندة طموحة للغاية في شأن التحول للطاقة البديلة، وتوسيع استثماراتها الخارجية فيها أيضاً.

لذلك، فاستمرار الصين في أجندتها الطموحة تلك - والتي برزت ثمارها في العديد من دول العالم، بما في ذلك حلفاء واشنطن الأوروبيون - لم يحرم أميركا من مليارات الدولارات سنوياً فقط، بل سيقلص مساحة نفوذها الدولي لصالح الصين.

فالتغيّر المناخي ستظل أولوية قصوى لدى بايدن، خلال حقبته الرئاسية الأولى انطلاقاً من ثلاثة بواعث رئيسية: أخلاقي، اقتصادي، ترسيخ القيادة الأميركية في النظام الدولي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي