No Script

مطالبات بوضع حلول جذرية لتجاوزات بعضهم واستغلال مناصبهم

جرائم العسكريين... حالات فردية وانحراف عن القاعدة

تصغير
تكبير

وقعت في الآونة الاخيرة بالكويت جرائم عدة ارتكبها عسكريون، مثل السرقة أو الاتجار في المخدرات أو الأعمال المخلة بالآداب العامة والاختلاس، ناهيك عن المشاجرات والضرب، وانتهاء بجرائم القتل، وسط تساؤل ما الذي يدفع شخصاً بدرجة أو رتبة عسكرية إلى ان يرتكب مثل هذه الجرائم المتنوعة، وما الحلول للحد من هذا الاستهتار، خصوصاً أن لديه عقيدة في حماية أمن الوطن والمواطنين؟

«الراي» فتحت هذا الملف بعد تكرر العديد من الجرائم التي ارتكبها عدد من العسكريين، وتطرقت إلى النواحي النفسية والقانونية والأمنية المتعلقة بهذه القضية التي تتطلب حلولاً ومعالجة جذرية.

ودعا خبراء ومتخصصون عبر «الراي» إلى ضرورة أن يحصل العسكري على دورات نفسية أثناء فترة عمله، خاصة لمن تتكرر مشاكله مع زملائه أو من يتعامل معهم من المراجعين، من أجل تعديل سلوكه، وتجنب ارتكاب أي جرائم تطيح بمستقبله وتدمر أسرته، وقد تتسبب في إيذاء أو قتل أشخاص لا ذنب لهم.

وذكروا أن مثل هذه الجرائم ليست إلا حالات فردية وشخصية، ولا تمثل إلا من يرتكبها، وتعد انحرافاً عن القاعدة، ولا ينبغي تعميمها على المؤسسات العسكرية أو الأمنية في البلاد، منادين بضرورة تطبيق القانون على من يرتكب مثل هذه الجرائم، وموضحين أن ثمة من يستغل سلطته أو رتبته العسكرية في ارتكاب مثل هذه الجرائم، اعتقاداً منه أنه فوق القانون وأنه بعيد عن المحاسبة والمساءلة، مشيرين إلى أن هذه الجرائم تهز الهيبة العسكرية، وتدفع بصاحبها في النهاية إلى خلف القضبان.

الحويلة: التشدد بشروط قبول العسكريين وإخضاعهم لاختبارات صحة نفسية

دعت عضوة هيئة التدريس في قسم علم النفس في جامعة الكويت الدكتورة أمثال الحويلة إلى تشديد شروط القبول في السلك العسكري للضباط والأفراد، واعتماد اجتياز اختبار الصحة النفسية مع خضوعهم لدورات تأهيل نفسي على يد متخصصين، أثناء فترة العمل وخاصة لمن تتكرر مشاكله مع زملائه أو من يتعامل معهم من المراجعين.

وأشارت الحويلة في تصريحات لـ «الراي» إلى أنه متعارف عالمياً أن الوظائف العسكرية المختلفة تعتبر وظائف ضاغطة على منتسبيها بسبب تعاملهم مع مختلف الحوادث والجرائم والأشخاص غير الأسوياء، مما يخلق لهم حالة نفسية تسمى «الاضطرابات التالية بعد الصدمة» والتي تجعل من هذا العسكري شخصاً عصبياً وسريع الاستفزاز، نتيجة تأثير تلك المشاهد المؤلمة عليه، كالقتل والحرق وغيرها، فقد تؤثر سلباً على نفسيته وعلى من يتعامل معه من عائلته أو زملائه وحتى أصدقائه.

وأوضحت أن المشاهد القاسية التي يراها العسكري أثناء عمله تبقى في ذاكرته وقد يتذكرها من حين إلى آخر، ما يؤثر على نفسيته ونومه ويزيد الألم أكثر القرارات والقوانين الصارمة التى تطبق عليه من مسؤوليه، في حال ارتكاب اي خطأ، داعية الى ضرورة اخضاع العسكري المخطئ الى دورة نفسية تعدل من سلوكه، لتقويم حالته النفسية وكذلك مشاركته في دورات لكيفية التعامل والتفاوض مع الآخرين لاعطائه مرونة أكثر وألا يكون سريع الانفعال.

وطالبت الحويلة المسؤولين بزيادة رواتب العسكريين حتى لا يكونوا عرضة للإغراء ومخالفة القانون مع التخفيف من فرض عقوبة السجن والخصم عليهم وتعويضها بأن يقوم العسكري بالشراكة المجتمعية من خلال خدمة ذوي الاعاقة والمسنين لتهذيب سلوكه، والتخفيف من الضغوط التي يتعرض لها.

فيصل العنزي: العسكري بشر... يُخطئ ويُصيب

أكد المحامي الدكتور فيصل العنزي أن العسكري يعتبر خط الدفاع الأول عن الوطن والمواطن وفي رؤيته بزيه العسكري يضفي الشعور بالامن والامان والهيبة العامة للدولة، الا انه بشر وقد يخطئ وقد يصيب، لافتاً إلى أن المُشرّع الكويتي وضع نصوصاً وعقوبات قد تصل للاعدام مثل إدخال العسكري مخدرات الى السجون أو التعذيب حتى الموت، وعقوبات بالسجن لمدد مختلفة مثل الاحتجاز القسري واستغلال السلطة.

وأشار العنزي إلى ان هناك القانون العسكري الذي يعاقب من خلاله العسكري، في حال مخالفته للأوامر والقوانين العسكرية، لافتاً إلى أن القانون العسكري مختلف عن قانون الجزاء. وأكد أن مشاركة بعض العسكريين في بعض الجرائم المختلفة تعتبر حالات فردية، ولا تؤثر في العلاقة ما بين المواطن والوافد ومنتسبي المؤسسات العسكرية الاخرى، مشيراً إلى أن الأمن متوافر بشكل كبير جداً في الكويت بفضل الله والقيادة السياسية التي توصي في كل خطاباتها بتوفير أقصى الأمان والاطمئنان للشعب.

خبير أمني: الفساد يدفع بعض العسكريين لارتكاب جرائم

أكد أحد الخبراء الأمنيين المتقاعدين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الشاب الذي يلتحق بالسلك العسكري يكون «نظيفاً» عند التقدم للوظيفة حيث يتخرج في الثانوية العامة بعمر 18 عاما، ويتم التحقق من ملفه الجنائي والامني وسلوكه العام، من خلال مقابلته الشخصية، للتأكد من قدرته على تحمل الاعمال العسكرية ومتاعبها، لافتاً إلى أن الدورة العسكرية التي يلتحق بها الطالب سواء كانوا أفراداً أو ضباطاً كافية لمعرفة سلوكه من خلال انضباطه، وتلبيته للأوامر التي تأتي له من رؤسائه.

وأشار الخبير الأمني إلى أن الفساد يتعزز لدى بعض العسكريين خلال عملهم، بعد أن تصبح لهم القوة والسيطرة والتحكم في الناس من خلال ممارستهم لعملهم وغرورهم بهيبة زيهم العسكري والشعار الذي يحملونه، فمن هنا يبدأ فساد البعض منهم، خاصة إذا التف عليه بعض المفسدين فمنهم من يتعاطى المخدرات أو يتاجر بها أو يقوم بأمور أخرى مخلة بالآداب العامة وكلها سبب رئيسي لمعظم الجرائم التي يرتكبها او يشارك بها العسكريون.

وأوضح أن العسكريين الذين يشاركون في الجرائم المرتكبة تجد لهم خدمة طويلة في السلك العسكري، وبعضهم من الرتب العليا ويتبوأون مناصب كبيرة ولا يمكن الشك في سوء سلوكهم، لكنهم قد يقعون في المحظور، وبالتالي فإن المطالبة بالتشدد في شروط القبول وجعلها تعجيزية ليست الحل الأمثل خاصة أن الدولة بحاجة لابنائها لحفظ الامن الداخلي والخارجي.

وأشار إلى أن مجرد اقتراف أحد العسكريين جريمة، فهذا لا يعني أن جميع العسكريين فاسدون، فهناك عسكريون مشهود لهم بالتضحية والفداء وحسن السيرة والسلوك والتفاني في العمل، وألا يكون الشواذ منهم هو العنوان لهم، مؤكداً ان تلك الأفعال والأعمال هي قضايا شخصية ولكل واحدة منها ظروفها والقضاء هو الحكم بها، سواء بالإدانة أو البراءة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي