No Script

خواطر صعلوك

اصبري يا أم عبدالعزيز!

تصغير
تكبير

لديّ العديد من الأصدقاء الروائيين، القادرين على تفكيك وتركيب الكلمة وإظهار المعنى وخلق «الحدوتة» ونقدها في الوقت نفسه... ولكنهم لا ينشرون رواياتهم... يخافون.

ومنذ عشر سنوات تقريباً، ظهر روائيون قادرون على كتابة الكلمة وإبقاء المعنى ووضع أي «حدوتة» وتمجيدها في الوقت نفسه... وقد انتشرت رواياتهم في كل معارض الكتاب... يتجرأون.

فمع ظهور المدونات، وشبكات التواصل الاجتماعي، والكتابة عبر الاختصار في الواتساب وتويتر، وضعف لياقة الكتابة الطويلة التي تُخرج الرواية، انتشرت كتب الخواطر والقصص القصيرة جداً وسلاسل المقالات، والتوسع في الدورات التدريبية المتعلقة بالأدب «كيف تكتب رواية؟» وكيف تصبح شاعراً، وكثير من الحجج التي تدعم أهمية الإبداع في الرواية وأخذها لمساحات جديدة، وقد رأينا نتائجها في معارض الكتاب خلال العشر سنوات الماضية، ووجود دور نشر ذلّلت كل العقبات والأسعار من أجل مزيد من البيع، ودخول أصحاب الصوت والصورة إلى ميدان الكلمة، وخروج أصحاب سعة الحرف إلى ضيق الشاشة... كل ذلك قسّم كتاب الرواية إلى قسمين... يخافون، ويجرؤون.

لا شك أن القراءة أصبحت أكثر انتشاراً مما كانت عليه قبل ثلاثين سنة، ولكن لا شك أيضاً أن القراءة وحدها لا تكفي لتجعل منك روائياً... فهناك ما هو أهم، وهذا الأهم لا يُعطى لك في الدورات التدريبية، التي تُعطيك وعداً بـ 70 ديناراً على أن تخرج روائياً بعد ثلاثة أيام.

وإذا فعلت كل الأمهات كما تفعل أم عبدالعزيز، فهذا يعني أن فن الرواية سيتم القضاء والإجهاز عليه خلال عشر سنوات من الآن، وبالتأكيد أنك تتساءل عن ما فعلته أم عبدالعزيز... لقد وجدت عبدالعزيز يقرأ ثاني كتاب اشتراه من المكتبة، بعد أن أنهى الأول في يومين، فقالت له بصوت مليء بالثقة والإقناع:

- ليش ما تكتب رواية نفس بنت خالتك.

لا أقصد أن أحتكر شيئاً على أحد، ولا أن أضرب الإبداع الأدبي في مقتل، ولا أن أمنع الناشئة من المحاولات الأولى والتعلم بالتجربة والخطأ، ولا أن أعطّل حركة النشر الأدبية في الكويت... كل ما في الأمر أني أريد أن أقول لأم عبدالعزيز:

- ادعي لعبدالعزيز أن يكون «روائياً كبيراً»، ولكن بوظيفة جيدة بجانب هذا اللقب، واصبري قليلاً، فإن من لم تُدفن بذرته لا يخرج ثمره... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي