No Script

الراعي يمْضي برفْع الصوت «البلاد دخلت مدار الانهيار النهائي»

لبنان بين الإنهاك بالأزمات ومحاولات إنهاء تكليف الحريري

حاجز تفتيش للجيش اللبناني في مدينة صور لمتابعة تطبيق إجراءات الوقاية من كورونا
حاجز تفتيش للجيش اللبناني في مدينة صور لمتابعة تطبيق إجراءات الوقاية من كورونا
تصغير
تكبير

مع دخول البلاد اليوم المرحلة المُمَدَّدة من الإقفال الشامل التي تستمر مبدئياً حتى 8 فبراير المقبل، تتعاظم مؤشراتُ الإنهاكِ الكبير الذي أصاب الشعب اللبناني بفعل «الأزمات الأخطبوطية» المالية والاقتصادية بتداعياتها المعيشية المدمّرة والتي فاقم من وطأتها مأزق تأليف الحكومة المتمادي منذ أغسطس الماضي.

وفيما لم يَبْرز أي معطى، أمس، لإمكان احتواء جرعة التصعيد العالية على جبهةِ ما بات يجري التعاطي معه على أنه محاولةٌ لـ«إنهاء» تكليف الرئيس سعد الحريري تستنبطها الحملةُ المُتَدَحْرِجَةُ ضدّه من فريق رئيس الجمهورية ميشال عون متكئةً على عدم ممانعة «حزب الله» تمرير «الوقت المستقطع» الفاصل عن ترتيب إدارة جو بايدن ملفاتها ذات الصلة بقضايا المنطقة ولا سيما النووي الإيراني، فإن إشاراتٍ عدة ارتسمت في الساعات الماضية إلى أن «الإقفال الشامل – 2» (في 2021) سيكون مصحوباً بارتفاع الصراخ في الشارع، من مجموعات ارتبط اسمها بانتفاضة 17 أكتوبر، وأخرى يحرّكها الجوع وعدم القدرة على الصمود في ظلّ الـ«LOCKDOWN» والثغر التي تشوب الخطة الاجتماعية الهادفة لمساعدة الأُسر الأكثر فقراً في زمن فيروس «كورونا» المستجد، سواء لناحية البطء في التحرّك الرسمي أو شبهة المحسوبيات التي ظلّلتها وأضاءت عليها قوى سياسية.

وإذ جاء أول غيث اعتراضات الشارع على تمديد الإقفال وغياب شبكة أمان فعلية قادرة على حماية الفئات الأكثر تأثراً من طرابلس التي شهدت (السبت) قطع الطريق مع بيروت وصولاً إلى تحركات ولو موْضعية أمس في البقاع (تعلبايا)، تدافعت أسئلةٌ حول إذا كان الغضب الشعبي الذي خمد منذ أشهر بعد تَطايُره إبان انتفاضة 17 أكتوبر 2019 سيفرض نفسه مجدداً على الواقع اللبناني الذي تزداد معه مَظاهر تَحَلُّل الدولة والتي انكشفت خصوصاً مع «كورونا» وكيفية إدارة هذا الملف البالغ الخطورة.

وفي موازاة «لهو» السلطة في معاركها، وطغيان الحسابات الإستراتيجية لبعض الأفرقاء الوازنين على أولوية وقف الانهيار الشامل، والمخاوف من رغبةٍ في ترْك «الهيكل» يقع لمعاودة بنائه مجدداً وفق موازين القوى الداخلية الجديدة وما سيترتّب على صراع ترسيم النفوذ في المنطقة، لم تعُد أوساطٌ مطلعة تُخْفي أن علاماتِ الاهتراء في آخر الطبقات التي تفصل الواقع الاجتماعي عن السقوط المريع صارت تشكل قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر تلقائياً أو تُستثمر في توقيتٍ معيّن لدفْع الوضع الداخلي «على الحامي»، سواء في ما خص الملف الحكومي أو مقتضيات بدء «الكلام الجدي» في أزمات المنطقة، نحو فوهة البركان.

وبمعزل عن هذه القراءة، فإنّ الحقائق المخيفة ذات الصلة بالواقع المالي – الاقتصادي – المعيشي أصبحت تثقل يوميات اللبنانيين المسكونين أصلاً بـ«رعب» كورونا، الذي تتذبذب أرقام إصاباته في الأيام الأخيرة صعوداً وهبوطاً بما عَكَس صعوبة استشراف إذا كان الإقفال التام سيؤدي النتيجة المرجوة في وقف زحف الوباء الذي استنزف طاقة القطاع الطبي وأسرّة المستشفيات، وسط تَحَوُّل الأزمة المالية عنصراً «مُقاوِماً» لمحاولات التصدي للفيروس في ظلّ فقدان أدوية حيوية وأجهزة أوكسيجين ومستلزمات أخرى تحتاج إليها المستشفيات كما المرضى في المنازل، وازدهار سوق سوداء للحصول عليها وبعضها بالدولار الطازج.

وفي حين أشارت «وكالة الأنباء المركزية» إلى أن الخارجية اللبنانية طلبت من السفارات والقنصليات التواصل العاجل مع سلطات الدول المعتمدة لديها ومع أبناء الجاليات اللبنانية ومؤسساتها لتوفير اللقاحات وأجهزة التنفس وغيرها من المستلزمات الطبية لا سيما المستخدمة في غرف العناية الفائقة أو للاستعمال الفردي في المنازل لمواجهة تفشي كوفيد - 19 في لبنان بسلالاته المتحورة، لم تقلّ خطورةً التقارير المتداولة عن نقص في حليب الأطفال الذي صار متوافراً بالقطّارة ويحتاج الحصول عليه إلى عملية تقصٍّ طويلة في أكثر من صيدلية وسوبرماركت بفعل آلية الاستيراد وتمويلها عبر مصرف لبنان بالدولار المدعوم، من دون أن تنجح كل الأصوات العالية في وضع حدٍّ لتهريب مواد أساسية مثل المازوت والبنزين إلى سورية أو ضبْط السوق السوداء التي تزدهر كلما أدت تعقيدات استيراد المحروقات إلى نقص في الأسواق.

وعلى وهج «كرة النار» الاجتماعية، أطلق البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مواقف بدت برسْم كل الطبقة السياسية وطاولت شظاياها ضمناً فريق عون بعدما اعتُبر تصعيده بوجه الحريري تقويضاً لمسعى بكركي المتجدد الذي كان تمنى فيه على رئيس الجمهورية المبادرة في اتجاه الرئيس المكلف لعقد لقاء يمحو مفاعيل فيديو الإساءة بحق الأخير من عون الذي اتّهمه بـ«الكذب».

وسأل الراعي في عظة الأحد، «كيف يمكن الإمعان في المواقف السياسية المتحجرة الهدامة للدولة كياناً ومؤسسات دستورية؟ بأي ضمير وطني، وبأي مبرر وبأي نوع من سلطان وحق، وبتكليف ممّن؟، لماذا لا تؤلفون حكومة والشعب يصرخ من الوجع ويجوع، والحدود سائبةٌ والتهريب جارٍ على حساب لبنان والسيادة منقوصةٌ والاستقلال معلّق والفساد مستشرٍ؟ لماذا لا تؤلفون حكومة والبلاد دخلت مدار الانهيار النهائي؟».

وأضاف: «هل من عاقل يصدق أن الخلاف هو في تفسير مادة من الدستور واضحة وضوح الشمس؟ أمام التحديات المصيرية ترخص التضحيات الشكلية، ويكفي أن تكون النية سليمة.

وفي كل حال، المبادرة في هذا الاتجاه ترفع من شأن صاحبها في نظر الناس والعامة، وتدل على روح المسؤولية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي