No Script

نظرة توعوية من زاوية طبية... بعيداً عن تشكيكات وتهويلات نظريات المؤامرة

لقاح «كورونا» متى تتفاداه؟... ومتى تتلقّاه؟

تصغير
تكبير

صحيح أن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد قد باتت متاحة في دول كثيرة حول العالم بما في ذلك الكويت، لكنها قُوبلت في كل مكان تقريباً بتوجسات ومخاوف تصل أحياناً إلى اعتناق نظريات تشكيكية تروج أن هناك ثمة «مؤامرة عالمية» تكمن وراء تلك اللقاحات.

وعلى الرغم من أن هناك إجماعاً بين أهل الاختصاص في المجال الطبي حول العالم على أن تلك النظريات لا تستند إلّا على خرافات رائجة، فإنه من المستحيل تقريباً إكمام معتنقيها بالتخلي عن أفكارهم.

لذا، فإننا لن نُهدر الوقت هنا في محاولة تفنيد تلك النظريات، بل سنركز على معالجة جانب آخر مهم يتلخص في التساؤل ذي الوجهين التالي:

متى ينبغي (أو يُستحسن) أن يتفادى الشخص التطعيم بلقاح كورونا، ومتى ينبغي (أو يُستحسن) أن يتلقاه؟ التقرير التجميعي التالي يجيب عن جوانب هذا التساؤل من خلال تقييمات وتوصيات أعلى طبية في الولايات المتحدة، وعلى رأسها هيئة مكافحة الأمراض المعروفة اختصاراً بـ«CDC».

بشكل عام، يوصي خبراء واستشاريو الهيئة الأميركية لمراكز السيطرة على الأمراض (CDC) بأن يكون التطعيم بلقاحات «كورونا» لجميع لأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً فما فوق، ولكن مع ضرورة توخي الحذر والاحتراز عندما يتعلّق الأمر بفئات أشخاص معينين ينبغي إما عدم تطعيمهم نهائياً أو تأجيل تطعيمهم إلى حين زوال السبب.

• المصابون بـ «كوفيد- 19»

إذا كنت مصاباً حالياً بفيروس كورونا فينبغي عليك الانتظار حتى تتعافى بعد أن تستوفي جميع المعايير والاشتراطات المطلوبة لإنهاء فترة العزل الصحي. وتشير الأدلة الحالية إلى أنه بمجرد التعافي من غير المحتمل أن تُصاب بالعدوى مرة أخرى في غضون 90 يوماً بعد الإصابة الأولية.

• المتعافون من «كوفيد- 19»

من غير المعروف حتى الآن على وجه الدقة المدة التي قد تستمر فيها المناعة الطبيعية التي يكتسبها جسم الإنسان بعد أن يتعافى من إصابته بمرض كوفيد- 19. ورغم ندرتها، فإن نتائج الدراسات التي أُجريت حول هذا الأمر تُشير إلى أن الإصابة بـكوفيد- 19 «لا تعود مرة أخرى قبل مرور 3 إلى 6 أشهر على التعافي.

وتُظهر بيانات موثوقة أن اللقاح آمن ومن المرجح له أن يكون فعالاً لدى الأشخاص الذين سبق لهم أن أصيبوا بالفيروس. ونتيجة لذلك، يقول العديد من الخبراء إنه حتى إذا كنت قد أصبت وتعافيت، فإنه يُستحسن لك أن يتم تطعيمك باللقاح لمزيد من الحماية».

لكن هيئة مراكز مكافحة الأمراض لم تُصدر حتى الآن توصية بشأن متى يجب تطعيم الشخص الذي سبق له أن أصيب بالفيروس. لكن الأدلة الحالية تُشير إلى أن الإصابة مرة أخرى غير شائعة في غضون 90 يوماً على الأقل بعد الإصابة الأولية، ولا بأس في تأخير التطعيم حتى اقتراب نهاية هذه الفترة.

• المخالطون لمصابي «كوفيد- 19»

يوصى لأفراد هذه الفئة بالانتظار وعدم تلقي التطعيم حتى انتهاء فترة العزل الصحي الاحترازي، وذلك حرصاً على تجنيب تعريض الآخرين للعدوى. ولا توجد بيانات حتى الآن حول ما إذا كان تلقي اللقاح خلال فترة العزل الاحترازي يمكن أن يوقف حدوث الإصابة بعد مخالطتك لشخص مصاب بفيروس كورونا.

وينبغي توضيح أن اللقاح لا يمنح حماية فور تلقيه. فلقاح فايزر - على سبيل المثال- يتطلب تلقي جرعتين منه تفصل بينهما ثلاثة أسابيع، ويستغرق الأمر من أسبوع إلى أسبوعين بعد الجرعة الثانية قبل أن يتم اعتبارك«محصناً بالكامل».

ومع ذلك، إذا كنت تعيش أو تعمل في مكان يمكن أن تتعرّض فيه مراراً وتكراراً لمصابين بالفيروس (مثل مراكز الرعاية الصحية أو مرافق الرعاية طويلة الأجل أو ما شابه ذلك) فيُستحسن أن يتم تطعيمك حتى إذا كنت قد خالطت مصابين.

• مرضى نقص المناعة... ومتعاطو مثبطات للمناعة

لا توجد بيانات كافية حتى الآن لتحديد ما إذا كان اللقاح آمناً وفعالاً للأفراد الذين يعانون من مشاكل نقص المناعة، ولكن هيئة مراكز مكافحة الأمراض تقول إنه لايزال بإمكانهم أن يتلقوا التطعيم المضاد لفيروس كورونا المستجد إذا لم يكن لديهم مشاكل صحية أخرى تمنعهم من القيام بذلك، مثل تاريخ من الحساسية الشديدة أو المفرطة.

لكن يُستحسن القيام أولاً باستشارة طبيبك المعالج عن الجوانب المضاعفات والأعراض المحتملة التي قد يستثيرها اللقاح لدى مرضى نقص المناعة، فضلاً عن احتمال انخفاض الاستجابة المناعية. وحتى إذا تلقيت اللقاح، فيستحسن جداً لك أن تستمر بعد تلقيه في اتباع التدابير الوقائية الأخرى كارتداء الكمام والتباعد الاجتماعي.

• أصحاب الأمراض المزمنة

من خلال التجارب البحثية التي أجرتها شركة فايزر، اتضح أن اللقاح فعّال لدى المصابين بأمراض أو حالات طبية مزمنة (كالسكري وارتفاع ضغط الدم) بالقدر نفسه لدى نظرائهم الذين لا يعانون من تلك الأمراض.

لذا، يمكن لأصحاب تلك الأمراض أن يتلقوا التطعيم إذا لم يكن لديهم أي مشاكل طبية مانعة أخرى.

• الحمل... والرضاعة

تنقسم هذه الشريحة العريضة إلى الفئات التالية: الحوامل فعلياً استناداً إلى البيانات المتاحة حتى الآن، يعتقد الخبراء أنه من غير المرجح أن تُشكّل اللقاحات خطراً على النساء الحوامل أو على أجنتهن، لكن يُستحسن للمرأة الحامل أن تتناقش مع طبيبها قبل أن تتلقى التطعيم.

وصحيح أنه لم يُسمح للحوامل بالمشاركة في الدراسات والتجارب السريرية التي أُجريت خلال تطوير اللقاحات، لكن حوالي عشرين امرأة ممن شاركن في تلك التجارب وتلقين اللقاح أصبحن حوامل بشكل عارض أثناء مشاركتهن ولم تظهر على أي واحدة منهن أي مضاعفات نتيجة لحقنهن بجرعات من اللقاحات التجريبية. ويتم التخطيط حالياً لإجراء مزيد من الدراسات المستقبلية حول هذا الجانب.

وقبل اتخاذ قرار التطعيم وتنفيذه، يُستحسن أن تتشاور المرأة الحامل مع طبيبها حول اعتبارات من بينها: مستوى تفشي العدوى في المجتمع، ومخاطر الإصابة الشخصية بالفيروس، والمخاطر المحتملة على الجنين، ومدى فعالية اللقاح وتأثيراته الجانبية، والجوانب التي مازالت مجهولة عن تأثير اللقاح على الحوامل والأجنة.

وإذا أصيبت المرأة الحامل بالحمى بعد تلقيها التطعيم، فقد يكون من المناسب عندئذ اللجوء اضطرارياً إلى معالجتها بأدوية مخفضة الحرارة - كالاسيتامينوفين مثلاً – لتفادي بعض التأثيرات الجانبية، حيث إنه من الثابت بحثياً أن الحمى قد تتسبب في تأثيرات سلبية على الجنين. قد يُنصح باستخدام الأسيتامينوفين لتأثيرات جانبية أخرى أيضا.

الراغبات في الحمل إذا كانت المرأة ترغب في الحمل قريباً أو تسعى إلى حدوثه حالياً، فإن المعطيات الحالية تُشير إلى أنه لا خطر من أن تتلقى اللقاح المضاد لمرض «كوفيد- 19» ، طالما أنها ليست من بين الفئات التي لديها إحدى المشاكل الصحية المانعة.

كما أنه ليس هناك ما يدعو إلى الانتظار وتأجيل الحمل لفترة معينة بعد تلقي التطعيم.

المرضعات

لم يتم حتى الآن إجراء أي دراسات حول تأثير لقاحات «كوفيد- 19» على المرضعات، وما إذا كانت تلك اللقاحات تتداخل مع وتؤثر على حليب الأم أو على الرضيع.

ومع ذلك فإن لقاحات شركتي«فايزر» و«موديرنا» مصنوعة من خلال تقنية تعتمد على استخدام مكونات الـ mRNA التي لا يعتقد أنها تشكل أي خطر على الأطفال الذين يرضعون طبيعياً من أمهات تم تطعيمهن بتلك اللقاحات.

لذا، يمكن القول إنه من الآمن بشكل عام أن تتلقى الأم المرضع لقاح كورونا إذا اطمأنت إلى أنها غير مصابة بأي واحد من الموانع الطبية الأخرى.

• اليافعون

صحيح أن أجسام المراهقين واليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً تتمتع بكفاءة مناعية قوية تجعلهم قادرين على النجاة والتعافي بسهولة إذا أصيبوا بمرض «كوفيد- 19» ، لكن من الأفضل للمجتمع أن يتلقوا التطعيم إذا أتيحت الفرصة، حيث إن من شأن ذلك أن يمنع إصابتهم وبالتالي تقليص احتمالات انتقال العدوى منهم إلى آخرين. وضمن هذه الفئة العمرية، شارك 153 متطوعاً في التجارب السريرية التي أجرتها شركة فايزر (من بين إجمالي بلغ 44 ألف متطوع تقريباً)، ولم تظهر أي مشاكل أو مضاعفات صحية على أي واحد منهم.

وعلى الرغم من أن البيانات المتعلقة بسلامة وفعالية اللقاح لدى هذه الفئة العمرية مازالت محدودة نسبياً، فإن هيئة مراكز مكافحة الأمراض لا ترى حتى الآن أي أسباب للاعتقاد بأن اللقاحات ستؤثر عليهم بشكل مختلف عن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 18عاماً.

• المراهقون الأقل من 16 سنة

منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إي) موافقة مشروطة على استخدام لقاحات «كوفيد- 19» في حالات الطوارئ فقط على الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 كحد أدنى، ما يعني أنه غير مسموح بإعطائه لأي شخص تحت تلك السن.

ومازالت شركات إنتاج اللقاحات في المراحل المبكرة من أبحاث تسعى ساعية إلى تطوير لقاحات «كوفيد- 19» ملائمة لمَنْ هم أقل من 16 سنة وللأطفال.

أعراض اللقاح الجانبية... هل تدعو إلى القلق؟

بطبيعة الحال، من الوارد أن تتسبّب لقاحات «كوفيد- 19» في ظهور أعراض وتأثيرات جانبية على الشخص الذي يتم تطعيمه بها، لكن هناك إجماع بين الخبراء في هذا المجال على أنه لا داعي للقلق منها ولا ينبغي مطلقاً أن تكون سبباً كافياً لاتخاذ قرار بالإحجام عن تلقي التطعيم، مؤكدين على أن من شأن مثل هذا القرار أن يكون ضاراً، وذلك لأن عواقب وآلام تلك الأعراض الجانبية هي في كل الأحوال أخف بكثير من العواقب التي تنجم عادة عن الإصابة بمرض «كوفيد- 19».

ووفقا لتوصيات وإرشادات هيئة مراكز مكافحة الأمراض في الولايات المتحدة، إذا ظهرت أي أعراض فإنها تكون في معظم الحالات خفيفة أو معتدلة، ولا تشكّل خطراً حقيقياً، وتتلاشى تدريجياً في غضون يوم أو يومين.

ومن بين الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن: الشعور بألم وتورم خفيف حول موضع الحقن، والصداع، والتعب، وارتفاع درجة حرارة الجسم، وآلام في العضلات. لكن نادراً ما تحدث تأثيرات عكسية سلبية خطيرة إلا إذا كان الشخص لديه أصلا أحد الموانع الطبية لكنه لم يفصح عنه لدى تطعيمه.

ولتخفيف مخاوف الناس من لقاحات كورونا، من المهم التوعية بأنه من الطبيعي أن يشعر الشخص بعد تلقيه اللقاح ببعض الألم الموضعي أو العضلي أو السخونة، وأنه لا مبرر للقلق عند الشعور بأعراض الأنفلونزا على مدار بضعة أيام بعد التطعيم.

ولكن ينبغي السعي فوراً إلى طلب مساعدة طبية إذا بدأ تزايد التورم والإحمرار أو الألم في موضع حقن اللقاح بعد 24 ساعة، أو إذا استمرت الأعراض الجانبية لأكثر من أسبوع.

وسواء ظهرت أو لم تظهر عليك أي أعراض جانبية بعد أن تتلقى الجرعة الأولى من اللقاح، فإنه يبقى عليك أن تتلقى الجرعة الثانية بعد مرور المدة المقرّرة، ما لم يرشدك مزوِّد التطعيم أو طبيبك إلى خلاف ذلك.

التطعيم ومشاكل الحساسية

بشكل عام، يُنصح جميع الأشخاص الذين يعانون من أي نوع من مشاكل أو أمراض الحساسية بأن يستشيروا أطباءهم المعالجين أولاً بشأن التطعيم قبل أن يتلقوه.

ومن المفيد هنا توضيح أن هيئة مراكز مكافحة الأمراض في الولايات المتحدة تُصنِّف الإرشادات الخاصة بأصحاب مشاكل الحساسية إلى الفئات اللونية الثلاث التالية على غرار ألوان إشارة المرور الضوئية:

أحمر:

ممنوع التطعيم إذا كان لديك تاريخ من الحساسية الشديدة أو الحساسية المفرطة إزاء أي مكون من مكونات لقاح «كوفيد-19» الذي أنت بصدد تلقيه، فلا ينبغي أن يتم تطعيمك بأي حال من الأحوال.

أصفر:

التطعيم بحذر إذا كان لديك تاريخ من الحساسية الشديدة أو الحساسية المفرطة ضد أي لقاحات آخر (وليس ضد لقاح كوفيد-19) أو ضد العلاجات التي تؤخذ عن طريق الحقن، فإن هيئة مراكز مكافحة الأمراض تنصح بضرورة استشارة طبيب أو مزود رعاية طبية متخصص لتقييم المخاطر الخاصة بك، وربما تأجيل التطعيم حتى تصبح ظروفك مواتية.

أخضر:

انطلق إلى التطعيم يمكن لأصحاب هذه الفئة أن يتلقوا التطعيم إذا كانت مشاكل الحساسية لديهم تندرج ضمن الأنواع التالية:الطعام، أو الحيوانات الأليفة، أو الحشرات، أو التغيرات البيئية، أو مادة اللاتكس، أو أنواع الحساسية الأخرى التي لا تتداخل مع اللقاحات عموماً، أو العلاجات التي تؤخذ بالحقن أو الأدوية الفموية البديلة لها.

وبشكل عام، إذا كان لديك تاريخ عائلي من أحد أنواع الحساسية المفرطة التي لا علاقة تداخلية لها باللقاحات التي تؤخذ عن طريق الحقن، فمن الممكن تطعيمك أيضاً.

وفي جميع تلك الحالات، يُوصى بالاستلقاء والاسترخاء لمدة 15 إلى 30 دقيقة بعد تلقي اللقاح حتى تزول أي تأثيرات لحظية محتملة قد تؤثر على الاتزان أو التركيزالذهني.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي