No Script

خواطر صعلوك

تجربة مع «التّجميل»...!

تصغير
تكبير

أشارت دراسة للدكتور حمود القشعان أن 90 في المئة من الكويتيات غير راضيات عن أشكالهن وأجسامهن، بعد إجرائهن عمليات تجميل، وأشارت الدراسة إلى ما يسمى بمتلازمة ما بعد عمليات التجميل، وهي مرحلة اكتئاب صامتة تخفيها صاحبة الشأن عن المحيطين.

وتفاعلاً مع مقالي «الرضا... الاكتفاء بعدم الاكتمال» المنشور سابقاً في جريدة «الراي»، أرسلت إحدى القارئات هذه الخاطرة، وأنا بدوري أمررها لكم لما فيها من فائدة وصدق في التعبير وخروج عن المألوف، ووعي بالذات وإدراك لمكامن الجمال الحقيقي.

تقول في خاطرتها: «هل أحتاج عمليات تجميل؟ سألتني إحدى صديقاتي أخيراً، وكنت قد سألت نفسي هذا السؤال من قبل عشرات المرات... ماذا أحتاج؟ وهل ينبغي للآخرين أن يحددوا لي احتياجي؟ ما المهم والأكثر أهمية، ما يرى الآخرون أم ما أنا حقاً أحتاجه وما أشعر به؟!

وخلال رحلتي في العلاج - 17 عاماً - كنت أشعر بالكثير من الحزن والغضب والاستياء والملل، من كل هذا الروتين بين طبيب ومستشفى وتحليل وأشعة، انتهيت من آخر عملية جراحية/ تجميلية في سن الـ17 - سن المراهقة المقبلة على الشباب - وأجمع أطبائي على أنهم قاموا باستكمال كل العمليات التي يرون أنها ناجحة في إطار عملهم الطبي الجراحي... ثم قالوا لي بأن لي الحق الآن - مقبلة على عمر 18 عاماً - بأن أقرر عمل أي عملية أو إجراء تجميلي إضافي مثل عمل ليزر لإزالة العلامة التي تعلو شفتي، أو عمل جراحة لأنفي لأُقوّم إعوجاجه، أو أي ما أراه ضرورياً بالنسبة لي (لا بالنسبة لهم)».

تسارعت الحياة وتناسيت الأمر ورفضته، خوفاً واكتفاء بكم الإجراءات الطبية السابقة من حياتي... درست سنوات الجامعة الـ5 بين خجل وتردد وعدم تصالح مع ذاتي «شكلياً» بشكل أدق... بعد تخرجي وعودتي إلى وطني صُدمت بالكم الهائل من الإقبال غير المنطقي والمخيف لعمليات التجميل، خصوصاً لمنطقتي الشفاه والأنف وهما تحديداً ما اُبْتليت بهما لا حول لي ولا قوة!

أعدت النظر في الموضوع مرة بعد مرة... هل فعلاً أحتاج عمليات تجميل؟ هل فعلاً سأكتمل إن قمت بها؟! ما الجمال حقاً؟! هل هو ما يراه الآخرون؟! أم ما أشعر به أنا حقاً وما الذي أراه؟ وإذا تنكّرت لذاتي وتفاصيلي التي رسمت بقدر الله، فهل سأرضى؟ عزمت على زيارة طبيب تجميل وسألته: «برأيك ماذا أحتاج صدقاً؟»، في دقائق مرّت كالدهر... قرّر تغيير ملامح وجهي كاملة من رفع الحاجبين، تصغير الأنف، تكبير الخدود، تفتيح ما تحت العيون، شد الجبهة، تنحيف الحنك، شفط الرقبة... وبعد أن انتهى من سرد «مينو» العيادة، سألت نفسي: أين وجهي؟! من أنا؟! ومن هذا الذي أمامي؟! وكيف وصلت إلى هذا المكان؟! هل أحلم.؟! يجب أن أستيقظ الآن... في الكوابيس ننفث ثلاثاً ونتعوذ من إبليس... ولكني لم أكن أحلم... الشيطان متمثلاً أمامي بصورة طبيب يريد تغيير خلق الله... مقابل: «هل تملكين المال؟ إن كنت لا تملكينه، لا تضيعي وقتنا» قالها! من بعد هذه اللحظة عزمت أمري وقررت ألّا أجري أي تدخّل جراحي غير ضروري لمجرد التجميل.

علامتي المميزة في وجهي أحببتها وتصالحت مع وجودها، إذ هي أصبحت من علامات جمالي الخاصة بي أنا فقط.

نظرت إلى مرآتي وقلت: «هي علامة صغيرة طفيفة تكاد لا تُلاحظ، وهي تحمل ذكريات سنوات من التعب والألم والحزن، إذ كان وجودها يعني عدم اكتمالك... فلتكن إذاً كذلك! ولتريني وتُري العالم حولك كيف نكتمل من الداخل إلى الخارج وليس العكس... شدي رحالك فالرحلة للتو بدأت».

في الختام أسأل: ما الجمال؟ أُجيب: الجمال في عدم الاكتمال!

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي