No Script

«Geopolitical Monitor»: بسبب صدمات «كورونا» وأسواق الطاقة

الخليج يعيد توجيه فلسفة استثماراته السيادية

تصغير
تكبير

- فورة شراء خليجية أعقبت الوباء باستحواذات في السياحة والنقل
- اعتماد الخليج سيتزايد على الاستثمارات الدولية وتوسع التكتلات غير النفطية ومشاريع التحفيز
- تجنب «لعنة الموارد» يتطلب دفعاً كبيراً للخروج من الراحة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً

ذكر تقرير نشره موقع «Geopolitical Monitor»، أنه من خلال إنشاء وتحقيق النمو في الصناديق السيادية، سيعتمد مسار اقتصادات دول الخليج بشكل متزايد على 3 عوامل رئيسية، تتمثل في أداء الاستثمارات الدولية، إلى جانب التوسع الإقليمي للتكتلات غير النفطية، والتنفيذ الناجح لمشاريع التحفيز والبنية التحتية الطموحة المصممة لدعم القطاعات غير النفطية.

وأوضح التقرير أنه رغم أن الصناديق السيادية عادة ما تبحث عن استثمارات في الخارج وتنفذها، فإن الصدمات المصاحبة لوباء فيروس كورونا، والتقلبات في سوق الطاقة، أجبرت بعض بلدان المنطقة على إعادة التفكير وتوجيه عمل هذه الصناديق. ومع استمرار أسعار النفط في إرساء الميزانيات الحكومية، يرجح أن يتفاقم العجز المالي بين دول الخليج في ظل غياب الإصلاح المالي، أو وجود مصادر أكثر استقراراً وتنوعاً للإيرادات العامة.

وأكد التقرير أن المسؤوليات المنوطة بالصناديق السيادية تتماشى بشكل متزايد مع أولويات السياسة المحلية، لاسيّما مع تطوير القطاع الخاص، وقدرته على استيعاب العمالة من الوظائف المتضخمة والمكلفة في الخدمة المدنية التي يشغلها ويطمح إليها معظم مواطني دول الخليج.

صانعو السياسة

ولفت التقرير إلى أن تفاوت الأجور بين القطاعين العام والخاص لا يزال واسعاً ولا يمكن تحمله، وفي معالجة هذه المشكلة، لجأ صانعو السياسة إلى قواعد اللعب المعيارية الخاصة بهم خلال فترات الركود في أسواق النفط، من خلال حشد نشاط القطاع الخاص عبر مشاريع البنية التحتية التي ترعاها الدولة.

وبيّن التقرير أنه مع امتلاكها لأكثر من 3 تريليونات دولار من الأصول المدارة، تظل أكبر 10 صناديق سيادية في الخليج لاعباً أساسياً في الأسواق العالمية، مستحوذة على نحو 35 في المئة من المراكز في أعلى 20 تصنيفاً لهذه الصناديق.

وذكر أنه مع توقع تقلّص الفوائض المالية القائمة على النفط إلى الأبد، فإن تجنب «لعنة الموارد» المخيفة منذ فترة طويلة سوف يتطلب دفعاً كبيراً للخروج من منطقة الراحة الخليجية في مجالاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

ولفت التقرير إلى أنه تمت ملاحظة السخاء في فورة الشراء التي أعقبت الوباء، حيث استحوذت الصناديق السيادية الخليجية على حصص في الصناعات المتضررة بشدة مثل السياحة والنقل، وهما قطاعان تنظر إليهما دول المنطقة كمصادر محتملة للتنويع الاقتصادي.

وعلى سبيل المثال، كانت الرغبة في المخاطرة صعودية بما يكفي لضمان ضخ 40 مليار دولار أميركي في صندوق الاستثمارات العامة السعودي باستخدام الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي.

تقييمات حادة

ومع ذلك، أوضح التقرير أنه وسط معدلات فائدة منخفضة أو حتى سلبية بين الاقتصادات المتقدمة، إلى جانب التقييمات الحادة في أسواق أسهم عدة، أجبرت المنافسة على العائد بين المستثمرين المؤسسين العديد منهم على الذهاب نحو ديون الأسواق الناشئة الأكثر خطورة، أو توجيه الاستثمار في بدائل باهظة الثمن وغير سائلة مثل إيداعات الأسهم الخاصة وأسواق العقارات الأجنبية.

وأضاف التقرير «لعل المثال الأكثر تأثيراً هو التزام كل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة مبادلة للاستثمار في أبو ظبي، بمبلغ 60 مليار دولار أميركي لصندوق (سوفت بنك فيجن)، وهو صندوق رأس مال استثماري يركز على شركات التكنولوجيا الناشئة، ورغم الضجيج الذي يحيط به، عانى الصندوق من خسائر فادحة عندما خضعت بعض شركات المحفظة الأكثر شهرة التابعة له، مثل شركة (WeWork)، لتخفيضات حادة في قيمة العملات.

ومن دون وجود قطاع محلي جدير بالإشارة في مجال التكنولوجيا أو علوم الحياة، فإن لدى دول الخليج خيارات قليلة بخلاف إعادة رأس مالها الاستثماري إلى الوطن على أمل أن تتمكن من رعاية (أبطالها الوطنيين) في المنطقة.

التوسع الإقليمي

وبحسب التقرير، فإن أحد المجالات التي تمكنت فيها اقتصادات الخليج من الحفاظ على النمو غير النفطي، يكمن في التوسع الإقليمي والترويج للتكتلات التابعة لدول المنطقة، ورغم أن الشركات التي تركز على هذا المجال مملوكة ملكية خاصة، فإنها تحافظ عادةً على اتصال بجهاز الدولة بسبب تكوين المساهمين، بما في ذلك صناديق الثروة السيادية.

ومن خلال هندسة عمليات الاندماج والتوسع من خلال استثمارات المصب في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعمل التكتلات الخليجية، المدعومة برؤوس أموال صناديق الثروة السيادية، على توسيع نطاق حضورها بشكل متزايد من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجي في الدول المجاورة غير الخليجية، في قطاعات مثل البناء والتجزئة والزراعة والاتصالات.

ووفقاً للتقرير، تلعب كل من البنية التحتية المتعلقة بالتجارة والمدن الذكية ومناطق الجذب السياحي، أدواراً متكررة في الحيلة التي وضعها صناع القرار في الخليج، والتي تشمل خطط التنمية التي تمتد لعقد أو عقود. وكل هذه الرؤى التي أطلقت تلمح إلى الضرورة الملحة للحاجة إلى التجديد الاقتصادي، لكن الأهداف في كل خطة تظل سامية وغامضة، حيث يرفض النقاد مثل هذه المبادرات باعتبارها مشاريع جوفاء على نطاق واسع.

دول المنطقة لا تزال بحاجة المقيمين ذوي المهارات... العالية

أفاد تقرير «Geopolitical Monitor» بأن مؤشرات السياسات الأخرى، مثل ترحيل المهاجرين والإصلاحات المخطط لها لنظام الكفالة سيئ السمعة، والتي مكنت لعقود من استيراد العمالة الرخيصة منخفضة المهارة لتلبية متطلبات القوى العاملة في قطاعات مثل البناء والتجزئة، تظهر أن معظم دول الخليج تخطط لارتفاع كبير في سلاسل القيمة العالمية. وتشمل بعض أكثر القطاعات التي يتم الاستشهاد بها في وثائق رؤى دول الخليج، كلاً من السياحة والرعاية الصحية والإعلام والترفيه وتكنولوجيا المعلومات والنقل.

وبيّن التقرير أنه لتحقيق هذه الطموحات، ما يزال يتعين على دول المنطقة الاعتماد على العمالة الأجنبية، من ذوي المهارات العالية والخبرة الفنية اللازمة، إلى جانب تطوير مهارات مواطنيها. وفي الوقت الذي ما تزال فيه المنطقة مصدراً مهماً للطلاب الدوليين لمؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة وأوروبا، شهدت مؤسساتها التعليمية تدفقاً في التمويل، ويمكن أن تستفيد من الضخ المحلي من قبل صناديق الثروة السيادية.

من جانب آخر، لفت التقرير إلى أن التغلب على التحيزات الثقافية ضد أنواع معينة، وتعزيز مشاركة المرأة في العمل، والمحاولات الفاشلة لفرض حصص من المواطنين الذين توظفهم الشركات الخاصة، كلها أمور كامنة في صراع المنطقة للاحتفاظ بتماسكها الاجتماعي وأجندتها الاقتصادية الحديثة. وذكر التقرير أنه بعد أن نجحت في احتواء التكاليف البشرية لوباء فيروس كورونا، تجد دول المنطقة نفسها في منعطف حرج سيحدد مدى قابلية مستقبلها لما بعد النفط، مشيراً إلى أن تأجيل الضرائب على الشركات وانخفاض صادرات النفط، يستمران في الضغط على المالية العامة المنهكة بالفعل.

وعلى الرغم من الخلاف السياسي، فإن تدابير التقشف التي تم اتخاذها أثناء الوباء تشير إلى مستقبل أكثر استدامة لاقتصادات دول الخليج.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي