No Script

«كسرتُ القاعدة وقد أكون الممثلة السورية الوحيدة التي قدمت عملاً بطلته سورية وبطله لبناني»

سلاف فواخرجي لـ «الراي»: عشتُ خذلاناً شديداً لم يفاجئني... لكنه يؤلمني كثيراً

سلاف فواخرجي
سلاف فواخرجي
تصغير
تكبير

- ما الشعور الذي يعيشه مَن يقطع اليد التي تُمدّ له؟
- «هوا أصفر» مختلف وجريء وحقيقي... وإن كان لم يعرض بشكل جيد

«رغم الظلم الذي يقع على الشخص المعطاء أو الذي يُبادل بالخذلان، فإن المثل يقول إن من الأفضل أن يكون الإنسان مظلوماً على أن يكون ظالماً. ولكن ما يحز في النفس هو أنني أعطيتُ الكثير وقوبلتُ بنكران شديد».

الكلام للممثلة السورية سلاف فواخرجي، التي قالت في حوار مع «الراي» إنها تعاني من هذا الأمر... «الخذلان ثم الخذلان ثم الخذلان».

كررتها ثلاثاً، مستدركة «ولكن لن أتناول هذا الموضوع بشكل فردي أو شخصي، لأنه حالة عامة في مجتمعنا، ونحن كحالة إنسانية ومجتمعية نتراجع يوماً بعد يوم».

فواخرجي، التي حققت نجاحاً لافتاً في كل ما قدّمتْه، واستطاعت أن تحافظ على توهُّجها، بالرغم من الظروف الصعبة التي تعانيها الدراما السورية، تردّ ابتعادها عن الدراما اللبنانية - السورية التي تُنتج في لبنان، إلى عدم رضاها عن مشاريع عُرضت عليها، ولكنها كما تقول، نجحت في كسْر القاعدة عندما أطلت مع يوسف الخال في «هوا أصفر» واخترقت التركيبة النمطية في هذا النوع من الأعمال التي انتشرت على قاعدة بطلة لبنانية وبطل سوري.

• في رأيك هل أعادت الأعمال التي أُنتجت في العامين الأخيرين الألق إلى الدراما السورية وما الذي ينقصها كي تستعيد مجدها في ظل إنتاج الكثير من الأعمال غير المجدية بمضمونها وقصتها وتفاصيلها؟

- الدراما السورية تأثرت جداً كأي قطاع آخر نتيجة 10 سنوات حرب لا نزال نعيش تبعاتها حتى الآن، ولكن بالرغم من كل شيء فإن الإصرار على الحياة والإبداع رغم الظروف الصعبة، يدفعنا لمواجهتها وتجاوزها، كي نثبت أننا لسنا قادرين على العيش وحسب، بل على أن نحيا أيضاً.

لطالما كانت هناك محاولات، ولا يمكن لعمل أو عملين أن يعيدا الألق إلى الدراما السورية، بل نحتاج إلى إعادة إنتاج كما كنا سابقاً، على أمل أن يتحقق هذا الأمر.

عودتُنا اليوم إلى الدراما عكسية رجوعاً إلى مرحلة ما قبل ما كنا عليه سابقاً، لأن ما كنا عليه سابقاً كان هو الأفضل. في كل الأحوال، يجب أن نبقى إيجابيين وهناك محاولات عدة قُدمت وتتميّز بالمستوى الجيد.

في 2019 لم تكن هناك أعمال مهمة، و2020 كانت أفضل درامياً، ولكن هناك مَن يسعون ويعملون دائماً، وهذه تُعدّ نقطة إيجابية جداً.

ومع الاعتراف بأنه كانت هناك أعمال غير مجدية، وهذا الأمر يحزّ في القلب، لكن لا يمكننا أن نتحدث بطريقة مثالية، وأن ننتج مادة فنية تعكس الواقع لأنه غير جيد.

• وكيف بالإمكان عكس الواقع؟

- الدراما مرآة المجتمع، ونحن لم نتمكن من تقديم دراما تعكس الواقع، بالرغم من المحاولات، ولكننا مستمرون في المحاولة ما دام الفكر والإمكانات موجودان.

المرحلة صعبة جداً، ونحن نتجاوزها شيئاً فشيئاً، ولا يمكن أن يتحقق كل شيء بسرعة.

الدراما السورية تنقصها أشياء كثيرة، والتعويض يمكن أن يتحقق عندما نتمكن من أن نعيش إلى حد ما، الحياة الطبيعية والمعيشية التي كنا عليها في السابق، وربما هذا صعب ولكننا نتأمل ذلك.

الحرب والدمار والظروف القاسية مادة واقعية تخدم الدراما، كما أن الفن يخدمها ولا أقصد يوثّقها، لأننا من خلال الدراما نقدّم مواد مختلفة، وربما نحتاج إلى وقت كي نرى الحرب من بعيد - لأننا لا نزال في خضمها ونعيش تبعاتها - وتالياً لنتمكن من التحدث عنها. كما ينقصنا العامل المادي، لأن سورية تأثرت اقتصادياً إلى حد كبير، وبالرغم من مجد الدراما السورية العظيم، لكننا نحتاج إلى فكر إنتاجي مدروس ومنظّم وأكاديمي، يَعتبر أن الإنتاج هو فكر قبل أن يكون مالاً، وتنقصنا أيضاً أشياء أخرى لها علاقة بالتسويق والصناعة.

وبالرغم من المجد الذي صنعناه درامياً، والذي يقوم على مشاريع شخصية واجتهاد شخصي، لكننا قادرون على استعادته، وأنا متفائلة ما دامت هناك إمكانات بشرية.

صحيح أن ما يطفو على السطح هو السيئ، وهو الذي يُشاهَد أكثر، لكن الأعمال العميقة موجودة وهناك أشخاص جيّدون يعملون.

• في زمن البطولات المشتركة، هل رضختِ لهذا الواقع أم لا تزالين متمسكة بأن تكوني بطلة أعمالك؟

- زمن البطولات المشتركة لطالما كان موجوداً، ونحن لا نعيش هذا الزمن في هذه المرحلة وحسب، بل اعتدنا عليها في الدراما السورية، وهي كانت عنصراً أساسياً في نجاحها.

نحن ممثلون، ويجب أن نقدم أدواراً مختلفة وأعمالاً متعددة، ويجب ألا نفكّر بطريقة تؤذي العمل، لمصلحة شخصية، لأن التفكير بمثل هذه الطريقة سيؤثر على العام أولاً ومن ثم على الشخصي، وهذه قناعتي دائماً، فما الذي يهمّني من تقديم عمل عظيم لي ودور مهم في عمل جيد، أو دور من الجلدة إلى الجلدة، في حين أنني لا أقدّم المهمّ والجديد؟ ولكن في الوقت ذاته، يهمني كممثلة وكاسم وكصاحبة مسيرة فنية لا بأس فيها، أن أفكر بالبطولة وباسمي، وهذا أمر طبيعي وبديهي.

لنفترض أنني قدّمتُ دوراً كبيراً جداً، كاسم وكحجم، وتقاضيتُ عليه الملايين والكثير من المغريات الأخرى، ولكنه لا يقدّم الجديد، وغير مهم فكرياً ولا يحترم مسيرتي الفنية أو حالة فنية معينة، عندها لا ينفعني المال والاسم، وأي شيء آخر.

أنا أبحث عن النجاح العام أولاً ومن ثم عن الشخصي، لأنني عندما أحقق العام، فإنني أحقق الشخصي.

• رغم حرصك الشديد على أعمالك، فهل خذلك بعضها ولماذا؟

- أعاني من هذا الأمر حقيقة. الخذلان ثم الخذلان ثم الخذلان، ولكن لن أتناول هذا الموضوع بشكل فردي أو شخصي، لأنه حالة عامة في مجتمعنا، ونحن كحالة إنسانية ومجتمعية نتراجع يوماً بعد يوم. كقِيم أخلاقية، نحن في حالة تراجع، وهذا ليس بالأمر الجديد، بل هو لطالما كان موجوداً في التاريخ والحياة ومختلف القصص، ولن أكون الأولى أو الأخيرة التي تعاني الخذلان، ولكن الأمر يمكن أن يزيد عند بعض الناس أكثر من غيرهم، لأنهم شديدو الحساسية وأنا من بينهم، أو لأن عطاءهم أو تفاؤلهم زائد. هذا الخذلان لن يغيّر شيئاً من هذا التفاؤل أو العطاء أو الحب أو المبادرة، لكنه يشكل بعض النقاط السود في القلب.

إذ في مقابل الحرص على أن يكون القلب صافياً ومرتاحاً كي يتمكن من الاستمرار والعطاء، قد يأتي الخذلان من أشخاص في العمل ولن أقول من الأصدقاء، لأن الصديق الحقيقي لا يخذل أبداً، وأنا أصدقائي قلة ولا أتوقع منهم خذلاناً، أو من بعض الأشخاص المقربين، وهذا الأمر يحزّ في القلب، خصوصاً عندما نعطي من القلب ولا نتوقع خذلاناً.

أفكر دائماً ما هو شعور الانتصار الذي يعيشه مَن يرتكب فعل الخذلان، أو ما الشعور الذي يعيشه عندما يقطع اليد التي تُمدّ له.

• وكيف تتصرفين إزاء هذا؟

- رغم الظلم الذي يقع على الشخص المعطاء أو الذي يُبادل بالخذلان، فإن المثل يقول إن من الأفضل أن يكون الإنسان مظلوماً على أن يكون ظالماً. ولكن ما يحز في النفس هو أنني أعطيتُ الكثير وقوبلتُ بنكران شديد.

لا أنتظر شكراً أو مقابل لقاء عطائي، لأنني عندما أكون معطاءة لا يُطلب مني ذلك، بل أفعله من تلقاء نفسي وبقرارٍ لاشعوري، لأنه من طبيعتي.

الخذلان مزعج جداً، ولا سيما عندما نعطي من قلبنا في العمل، لكن القائمين عليه لا يستطيعون الاعتراف بنجاح الآخَر، وهذه مصيبة فعلاً كونهم يعجزون عن التفكير بالدراما كصناعة وبأننا يمكن أن نختلف، ولكن واجبنا جميعاً أن ندافع عن العمل الجيد وبالشكل الأمثل. عشتُ خذلاناً شديداً، لم يفاجئني ولكنه يؤلمني كثيراً.

• ما رأيك بالدراما المشتركة التي تُنتج في لبنان، وهل أنتِ مغيّبة عنها أم أنك اعتذرت عن بعض العروض؟

- تلقيتُ بعض العروض ولم أشعر بأن أياً منها، يمكن أن يضيف إليّ.

هناك أعمال جيدة، وأخرى غير جيدة، وهذا التفاوت الفني طبيعي وموجود في كل أنواع الدراما، المشتركة أو غير المشتركة.

العمل الذي يخاطب مشاعر الناس ويحبونه، يحقق النجاح، مهما كانت جنسيته، سواء كان مشتركاً أو غير مشترك. لكن غالبية تلك الأعمال غير حقيقية، ولا تصل إلى الناس ولا تخاطب قلوبهم وعقولهم وقناعاتهم ومنطقهم.

وفي المقابل، هناك أعمال لا يمكن أن نظلمها، ولن أقول إنها حققت مشاهدة، لأن المشاهدة العالية يمكن أن يحققها أي عمل وليس شرطاً أن يكون جيداً، فالمشاهدة لا تتعلق بالجودة، ولكن فيها متعة وهي عنصر ضروري في العمل الدرامي، ويمكن أن نهنئها لكنها أعمال لها وقتها، وأنا يهمّني أن أستمتع بالعمل الذي أشاهده، لأن العمل الدرامي يجب أن يجمع بين المتعة والفائدة، وهذا شرط أساسي.

• كيف تتحدثين عن تجربتك في الدراما المشتركة؟

- لطالما كانت هناك عناصر مشتركة في الدراما، ولطالما شاركتُ في أعمال سورية مشتركة، سواء مع لبنان أو مصر أو الخليج، ولطالما تشاركنا مع ممثلين عرب.

هذا الأمر كان قبلي في زمن الستينات والسبيعنات، وفي السينما أيضاً من خلال الأفلام اللبنانية السورية أو السورية المصرية.

شاركت في الكثير من الأعمال المشتركة المهمة، بينها «ملوك الطوائف» و«شهرزاد» و«أسمهان» وغيرها.

وبالنسبة إلى الدراما السورية اللبنانية المشتركة التي قُدمت في الفترة الأخيرة، فأنا قدمتُ عملاً سورياً لبنانياً أو لبنانياً سورياً، ولكن بشكل مغاير هو «هوا أصفر».

وقد درجت العادة في الفترة الأخيرة، أن يكون البطل سورياً والبطلة لبنانية، وأنا كسرتُ القاعدة، بطريقة شكلت لي تميّزاً بشكل أو بآخَر، وقد أكون الممثلة السورية الوحيدة، التي قدمت عملاً بطلته سورية وبطله لبناني.

التمازج والحياة المشتركة الموجودة في المسلسل، كانت منطقية وعادية، وهذا الأمر يُحسب لمصلحة العمل، وكان من دواعي سروري أن أشارك أنا والممثل يوسف الخال في «هوا اصفر»، وهو عمل مختلف، جيد وجريء وحقيقي، وليس عملاً لأجل الفرجة فقط، وإن كان لم يعرض بشكل جيد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي