No Script

رؤية

الاقتصاد الوطني... الإنقاذ والعلاج

تصغير
تكبير

‏‪إن ما تطرحه الحكومة كحلول لمواجهة العجز في الموازنة، الذي فرضه الانخفاض العالمي الحاد في أسعار النفط العالمي، هي أقرب إلى الجباية من المواطن بإصدار تشريعات ضريبية، وتقليص للدعوم الحالية على السلع الضرورية، وهي حلول هامشية لن ينتج عنها دخلاً موازياً للدخل الرئيس للبلاد، وفي المجمل لا تشكّل تطويراً للاقتصاد ولا حلولاً ذكية لمشاكله مثل ما يحمله تنفيذ برنامج قومي لتنمية المشاريع الصغرى وبرنامج قومي للتصنيع، وإعادة تخطيط نظام التعليم لتخريج كفاءات وعمالة يتماشى تخصصها مع احتياجات التصنيع، وتقليص ساعات تدريس العلوم الإنسانية وتجييرها لصالح العلوم التطبيقية والتقنية والتوسع في الاستثمار، ودعوة وتسهيل مشاركة المستثمر الأجنبي في تحريك الاقتصاد المحلي، فهذه كلها حلول حقيقية كافية للعبور بالاقتصاد من ضائقته.

عندما واجهت لي كوان يو زعيم سنغافورة هذه المعضلة اتجه إلى التعليم، فطوره بما يناسب خطة النمو التي وضعها، ولجأت الهند - عندما اضطرها تعداد السكان الضخم وتعدد أنماط السلوك المجتمعي والديانات فيها - إلى إهمال الشعوب الهندية التي تفضّل العيش على التسوّل، وهو جزء من معتقداتها، فبعد محاولات متعددة فاشلة لتطويرها توقّفت الحكومة الهندية عن تنمية هذه الشعوب، وتركتها من دون خدمات الدولة، ووجّهت جهدها إلى الأقاليم التي يسكنها أكثر الشعوب الهندية إيماناً بالتعليم والعمل، فطوّرت التعليم فيها وفرضت توجيهه ليخدم أهداف الدولة في التصنيع المتنوع، ما استدعى تجميد تدريس العلوم الإنسانية مرحلياً والتركيز على العلوم التطبيقية، واليوم تتفوق الهند بمعدل نمو يبلغ 7 في المئة ومعدل للنمو الإنتاجي وصل إلى 4،5 في المئة‏ على العالم أجمع، فمعدل النمو في الولايات المتحدة يبلغ 4 في المئة‏ وفي الصين يبلغ 6،5 في المئة‏ بينما هو في المانيا 5، في المئة.

هذا هو النموذج الذي علينا أن نتبعه لا أن نهرول في جزع لنبيع البلاد ونجمّد بعثات التعليم العالي، لتوفير النقد للدولة فنجد أنفسنا في دائرة مغلقة، نستنزف فيها المواطن ونعطّل التنمية ولن نحقّق الدخل المطلوب.

فعلينا الاقتداء بالتجارب الناجحة والخروج بإستراتيجيتنا إلى خارج صندوق الفكر التقليدي، الذي يتطلّب وقتاً طويلاً لا نملكه ومراجعة تجارب ناجحة كالتجربة الهندية، وتلك في اليابان وسنغافوره وكوريا الجنوبية وفنلندا.

وفي تقديري أن الاستثمار في التعليم وتوجيهه يجب أن يستهدف أن تكون الكويت مركزاً للبحث العلمي، وذلك بإنشاء معاهد ومختبرات البحث العلمي، وفتحها أمام الباحثين والعلماء من كل العالم، للقيام بأبحاثهم فيها بحيث تساهم الدولة بجزء من تكاليف البحث، عبر السماح لهم - بالمجان - باستغلال مراكزها العلمية الحديثة.

إن اتباع هذه الإستراتيجية سيدعم الباحثين المحليين ويطوّر من جودة ونوعية الصناعات المحلية، ويجعل للبلاد دوراً فاعلاً في رفاهية البشرية فضلاً عن كونه مصدر دخل بديلاً لها، فالابتكارات العلمية ممكن أن تُطَوّر إلى صناعات متميزة ورائدة.

dralialhuwail@yahoo.como

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي