No Script

مكاسب وخسائر أنقرة وتل أبيب وطهران... هل يذهب بايدن للحرب أم ينسحب؟ (3 - 3)

المُكاسَرة الأميركية - الإيرانية ... باقية ومرشّحة للتمدد

السفينة الحربية «مكران» الإيرانية الصنع (أ ف ب)
السفينة الحربية «مكران» الإيرانية الصنع (أ ف ب)
تصغير
تكبير

استنفذت إسرائيل والولايات المتحدة، كل المحاولات والسبل لتغيير النظام في إيران منذ العام 1979 وحتى العقد الماضي، بمحاولة تقسيم العراق والحرب على كل من سورية و«حزب الله» ودعم «القاعدة» في سورية والسماح لـ«داعش» بالنمو والانتشار، وبالضغط والعقوبات القصوى، في محاولاتٍ لم تتوقف لهزيمة طهران. فأين وصلت هذه المحاولات وهل نجحت؟ استطاعت أميركا خفض بيع النفط الإيراني إلى 20 في المئة، وتالياً حرمان طهران من 200 مليار دولار، كما قال الرئيس حسن روحاني، وهذه نتيجة مؤلمة لإيران واقتصادها خصوصاً أثناء «جائحة كورونا». وقررت الإدارة الأميركية قبل أيام من مغادرتها، أن القطاع المالي يشكل تهديداً، ما أجبر جميع المصارف الدولية خصوصاً الأوروبية على وقف التعامل مع إيران.

وكانت واشنطن، اتهمت طهران، بتخريب ست ناقلات نفط في محيط مضيق هرمز، بينما أسقطت إيران، الطائرة الأميركية المسيّرة والأغلى في العالم بصاروخها «خورداد-3» محلي الصنع.

وقال الرئيس دونالد ترامب، حينها، إنه ألغى انتقاماً عسكرياً في اللحظات الأخيرة، وذلك بعدما أرسلت إيران تحذيراً بقصف القواعد العسكرية الأميركية، إذا هوجمت.

إلا أن ترامب تجرأ على اغتيال قائد «محور المقاومة» اللواء قاسم سليماني، وكانت ضربة قاسية لإيران التي تجرأت على ضرب أكبر قاعدة أميركية بعشرات الصواريخ الدقيقة. وامتنع ترامب عن الرد لقناعته بأن حرباً مع إيران ستوقع خسائر بشرية أميركية (وإيرانية طبعاً)، لا يستطيع تحملها إذا أراد إعادة انتخابه، مع العلم أن أميركا تستطيع بدء الحرب في أي مكان، إلا أن إنهاءها لم يكن يوماً في يدها.

وبعدما أعلنت طهران، رفع مستوى التخصيب إلى 20 في المئة، كان لترامب العذر الكافي ليشن حرباً في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، ليترك لجو بايدن أرضاً محروقة وحرباً لإدارتها. وهنا كشفت طهران عن وجود قواعد تحت الأرض جديدة ومتعددة لتقول لترامب إنها لا تريد حرباً ولكنها ستخوضها إذا فُرضت عليها.

من ناحيتها، استهدفت إسرائيل، علماء إيرانيين وآخرهم محسن فخري زاده، مدير برنامج الأبحاث النووية. وفي المقابل، جنّدت إيران وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي السابق غونين سيغيف، الذي سافر إلى طهران مرتين بجواز سفر إيراني وتم اعتقاله وإدانته بالتجسس ونقل معلومات استخباراتية إلى طهران خلال ست سنوات من التعاون مع الاستخبارات الإيرانية.

ولم تصبح إيران قوة إقليمية موجودة في بلدان عدة فحسب، بل أنشأت علاقة مع الصين التي وقّعت معها اتفاقاً بقيمة 400 مليار دولار لتطوير الاقتصاد والأمن والنقل والطاقة والموانئ. وجلبت إلى المحيط الهندي (خليج عُمان حتى باكستان) البحرية الروسية والصينية بمناورة مشتركة أطلقتها للمرة الأولى لاثبات قدرتها على كسر العزلة وتعميق علاقتها مع شركاء إستراتيجيين جدد.

وتمكّنت من تحويل الضربات إلى فرص بنشر نفوذها في أماكن مختلفة من العالم، وهو القرار الذي أعلنه السيد علي خامنئي في آخِر تصريح له، اعتبر فيه دعم الحلفاء «واجب». فذهبت طهران، ليس فقط إلى الشرق الأوسط بل أيضاً إلى أميركا اللاتينية حتى فنزويلا، لتمدّها بالنفط وقطع الغيار، وكل ما تنتجه.

وتريد طهران من بايدن أن يبدأ برفع العقوبات أولاً ومن ثم يعود إلى الاتفاق النووي. وهذا لا يعني «شهر عسل» مع إيران ولا سنوات صافية، بل أن إيران وأميركا تعتبران أن كلاً منهما، عدو للآخَر.

ولم يتم توقيع الاتفاق النووي للتقرب من إيران بل لاحتواء قدرتها النووية ومراقبتها عن كثب. ولذلك فإن العداء سيستمر، ولكن في حال توقيع الاتفاق ورفْع العقوبات، فإن مستوى الحدة في العلاقة، سيتفاوت.

مهما كانت النتائج، فإن طهران ستواصل مسعاها لخروج جميع القوات الأميركية من بلاد ما بين النهرين، وهو الوعد الذي أعطاه خامنئي على قبر سليماني. وهذا سيؤدي حتماً إلى توتر العلاقة بين البلدين خصوصاً إذا اختار بايدن البقاء في العراق وقتال المقاومة المصممة على رؤية آخر جندي أميركي يغادر.

لكن إذا قرر بايدن سحب كل القوات، فإنه سيتجنب حرباً مؤكدة. وليس لإيران أوهام بشأن تغيير الإدارة الأميركية، مهما كان رئيسها، سلوكها وسياستها تجاهها. ولذا فهي تستعد للعدو الدائم، لتجابه أميركا في الشرق الأوسط وفي مواقع مختلفة منه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي