No Script

جودة الحياة

الإلهام يصنع الفارق

تصغير
تكبير

مُنذُ القدم ثَمة شخصيات مُلهمة مثلت نقطة تحوّل غيرت مجرى التاريخ، لطالما أحببت دوماً أن أكتب وأتعرّف على الشخصيات التي تلفت الانتباه، ُتثير الأسئلة وتحرّك عجلة التاريخ من نقطة الصفر والسكون.

وفي تقديري أن الفاعلية والتأثير في مجرى الحياة العامة وعلى المستوى الفردي، لا يأتي من فراغ، وإنما هو نتاج الإلهام والتطلّع بمعناه الواسع الذي يؤكد حضوره في الحياة بصيغ مختلفة من التربية والسلوك، وصولاً إلى الإبداع في الأدب والفن والثقافة والعلم والمعرفة.

ثَمة ارتباط وثيق للإلهام بالإبداع، فالإلهام يسبق الإبداع وهو التفرّد في مجال مُحدد ولا يمكن بأي حال الحديث عن الشخصية المُلهمة بمعزل عن الإبداع أو التميز، فكل متميز في حقل عمله وميدان تخصصه يمكن أن يكون ملهماً لغيره ومحفزاً للتفوق في الحقل ذاته أو غيره، فثَمة استحقاقات وشروط للتميز والقدرة على إعطاء الناس النموذج، والمثال الذي يُحتذى به، وهو مرتبط أيضاً بمدى القدرة على العطاء الإنساني، وهي عوامل ذات صلة بالثقافة والقدرات الذاتية والموهبة الشخصية التي هي هبة من الله.

على مستوى الأديان السماوية لن أضيف أي توصيف لحالة الإلهام، والقدرة على العطاء العظيم من فيض الرحمة والإنسانية التي حظي بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان لنا منذ بعثته الشريفة القدوة الحسنة والشخصية الأكثر إلهاماً على مدى التاريخ، وفي سيرته العطرة قدوة ومصدر إلهام ومنقذ لكل ذي بصيرة، فقد استطاع إحداث انقلاب كامل وتغير جذري في حياة المجتمعات.

إن الإلهام بهذا المعنى هو أن تكون عالماً في الحياة، تمهّد أو تشُقّ طريقاً لخير الإنسانية من دون تحيز لجغرافيا أو عرق أو سلالة، فالمثال والنموذج يكون قدوة بمقدار ما يكون مُلهماً للغير، نبراساً يُضيء العتمة للناس في كل الظروف والأحوال. وقد تجاوزت المجتمعات الإنسانية عبر الحُقب التاريخية المختلفة كثيراً من الحروب والصراعات الدموية، بفضل كاريزما القيادات الملهمة ذات النظرة الثاقبة المتبصرة بالمستقبل.

الإلهام موجود إذاً في مجالات لا تُحصى، ونجده حاضراً في المجتمعات كافة، وحتى على صعيد حياة كل فرد. فشخصية الأب أو الأم، مثلاً غالباً ما تكون مصدر إلهام للأبناء في عمر معيَّن، ولا نحتاج بالطبع إلى مراجع في علم النفس لنؤكد أن كثيراً من الطباع الفردية مثل الميل إلى الكرم أو البخل أو الشجاعة أو الجُبن، هي طباع مستلهمة من مصادر خارجية، قد تكون تأثرت في بيئة اجتماعية معينة أو ثقافة عامة أو قيم مستقاة من الأدب.

فجميل أن تكون ملهماً ذا أثر طيّب في حياة الآخرين، والأجمل أن تجد مَنْ يلهمك في الحياة لتستمر في تميّزك وإبداعك، وتظل شعلة الحماس موقدة لا تنطفئ رغم كل الظروف للوصول إلى ما تريد وتتمناه.

لذا،علينا البحث المستمر عن الشخصيات المُلهمة، ذات التأثير الإيجابي إن أردنا أن نحيا حياة من نوع آخر، حياة ملؤها التميز والإبداع.

Twitter: t_almutairi

Instagram: t_almutairii

talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي