No Script

شعبويّة ترامب تهدّد ديموقراطية أميركا

تصغير
تكبير

لم يكن متوقّعاً أن يتعرّض مبنى الكونغرس الأميركي إلى اقتحام من قبل مؤيدي الرئيس ترامب، احتجاجاً على هزيمته في انتخابات الرئاسة، وتصديقاً لادعاءاته الكاذبة بتزييفها من قبل الديموقراطيين.

كانت صدمة داخل الولايات المتحدة تردّدت أصداؤها في الخارج.

وربما يتساءل المرء كيف يحدث مثل هذا الاعتداء على مبنى السلطة التشريعية في دولة عظمى مثل الولايات المتحدة التي تتباهى بديموقراطيتها أمام دول العالم؟

الحقيقة أن الشعب الأميركي لا تزال فيه رواسب عنصرية، منذ نشأة الولايات المتحدة التي قامت على اقتصاد استيطاني عبودي لا يحترم إنسانية السود.

والمعروف أن هزيمة الكونفيديراليين الجنوبيين الانفصاليين في الحرب الأهلية الأميركية كانت من أجل إلغاء عبوديتهم للسود، وتحرير القطاع الزراعي الأميركي من الاعتماد على العمالة السوداء التي كانت تجلب من أفريقيا.

ليس من السهل التخلّص من إرث هزيمة الكونفيديراليين العنصريين لدى أحفادهم حتى أن ولاية كارولينا الجنوبية احتفظت بعلم الكونفيديرالية الانفصالية إلى ما بعد الحرب الأهلية، ولم تَزِلْه من نصب الجندي الكونفيديرالي إلّا في العام 2015، كبادرة للحد من انتشار المشاعر العنصرية في المجتمع الأميركي.

لا شك أن مجيء ترامب كرئيس شعبوي غير سياسي، يعتمد أسلوباً عنصرياً ضد السود والأقليات الأميركية من غير البيض، في خطاباته العامة وادعاؤه بأن الانتخابات الرئاسية قد زوّرت، بعث من جديد النفس العنصري وشعار تفوّق المستوطن الأبيض وشجّع مؤيديه - وغالبيتهم منحدرون من الأجداد الكونفيديراليين - على اقتحام مبنى الكونغرس، شوهد بعضهم رافعاً العلم الكونفيديرالي، والعبث بمكاتب أعضائه ومنهم مكتب بيلوسي زعيمة الأغلبية الديموقراطية في مجلس النواب.

ولا يخفى أنه سلوك تمرّد على الديموقرطية الأميركية، لا يختلف عن سلوك تمرّد الانفصاليين الكونفيديراليين على السلطة المركزية للولايات المتحدة، وإشعالهم الحرب الأهلية في ستينات القرن التاسع عشر.

التحقيق في قضية الاقتحام سيدور حول أسبابه وتقصير الأجهزة الأمنية في التصدي له، وهي سابقة خطيرة لم تحدث في التاريخ الأميركي.

ولحسن حظ الولايات المتحدة أنها لا تنتمي إلى دول العالم الثالث التي تمزقها الانقلابات والإعلام المضلّل، إذ لم تنطل على الإعلام الأميركي أكاذيب ترامب، التي يبثها في تصريحاته، بل وقف له بالمرصاد يفنّد أكاذيبه أمام الشعب الأميركي، كما بادرت منصّات التواصل الاجتماعي كتويتر والفيسبوك وإنستغرام إلى منع بث تغريداته المحرّضة على التمرّد وإثارة البلبلة في المجتمع الأميركي.

وكما قالت بيلوسي: (إنه رجل خطير)، وهو ما دعى الديموقراطيين إلى التعجيل في إقالته من منصبه، قبل أن يرتكب حماقات جديدة، قبل تنصيب الرئيس المنتخب بايدن في العشرين من الشهر الحالي، خصوصا أن ظروف العزل مواتية بعد حصولهم على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي