No Script

إطلالة

«هزيمة ترامب»... هل هي نهاية المطاف؟!

تصغير
تكبير

كان يعتقد دونالد ترامب أنه قادر على قلب الحقائق، حينما دعا أنصاره إلى السير في اتجاه الكونغرس، لتوجيه رسالة احتجاجية قبل التصديق على فوز جو بايدن بالرئاسة، إلا أن خططه باءت بالفشل، بل بدلاً من السير بروح المواطنة الأميركية وبسلمية، تحوّلت المسيرة إلى تظاهرة عنف وأعمال شغب، لم يشهدها التاريخ أمام مبنى الكونغرس تحت شعار أوقفوا السرقة، تلك العبارة التي اتخذوها شعاراً لهم، منذ صدور نتائج الانتخابات الرئاسية، لتتحول اقتحامات فوضوية في باحات الكونغرس، في الوقت الذي كانت تعقد فيه جلسة التصديق على فوز الرئيس بايدن، فلم يتمكن رجال الأمن والشرطة من منعهم، حيث تسلّق العشرات منهم الأسوار الحديدية والمتاريس، التي وضعت أمام الكونغرس وصرخوا بصوت واحد: «إلى الأمام»... إلى ان وصلوا أروقة الكونغرس، حيث تم اختراق المكان بالكامل، وهو ما يعد تحدياً سافراً على الدستور وقوانين الدولة، من خلال تسلّق أنصار ترامب جدران السور الداخلي للكابيتول، والالتفاف على الحواجز الأمنية، ثم تحطيم النوافذ الكبيرة، التي أصبحت وسيلة للتسلل منها إلى داخل المبنى.

ولم تتمكن قوات الشرطة من إجلائهم بعد أن اختبأ معظمهم في مكاتب الأعضاء وتخريب مكتب رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي، والتمثيل والتصوير تحت قبة الكونغرس بشكل علني أمام مرأى العالم، وهذا الاختراق الكامل يثير مخاوف أمنية خطيرة في المستقبل، فكان بمثابة درس قاس للشرطة، بعد أن كانت تعاني نقصاً شديداً في أفرادها ما أثّر على خطة العمل للتعامل مع هذه الأحداث المفاجئة بحضور مجموعة أمنية بسيطة لحماية أعضاء الكونغرس ومبانيه، وبالتالي كان ظهور المتظاهرين أقوى، من خلال التسليح بعبوات من الرذاذ وارتداء أزياء عسكرية واقية ودروع بلاستيكية كبيرة، لذا لم تتمكن الشرطة من الإمساك بهم، وآثرت الفرار من أمامهم، وهذا يؤكد لنا عدم استعداد القوات الأمنية لحماية مبنى الكابيتول، إذاً أين الترتيبات الأمنية حول مبنى مقر الكونغرس بعد هذا الاختراق؟!

وكيف استطاع هذا الحشد الترامبي احتلال المبنى وتخريبه بكل بساطة؟ وهل تكفي استقالة ستيفن ساند رئيس شرطة الكابيتول بسبب اقتحام مناصري ترامب؟! إن ما شاهدناه قبل مصادقة الفوز هو عمل تخريبي منظم من ترامب وإدارته، واليوم يحاول هؤلاء إدانة تلك الأفعال التخريبية، التي حدثت في الكابيتول من أجل الهروب من المسؤولية، لأنها بكل بساطة تمثل مخالفة صريحة للقيم الأميركية، فيما تترقب الأوساط في واشنطن نتائج تصاعد الأصوات والمطالبات الجمهورية والديموقراطية بمحاكمة ترامب، بعد سقوط جرحى وقتلى في حادثة الاقتحام، وتعريض أعضاء الكونغرس للخطر، وعدم توفير الأمن الوطني الكافي.

الأمر الذي جعل العديد من الأشخاص - ومنهم الرئيس الأسبق جورج بوش الابن - يشبهون الولايات المتحدة «بجمهورية الموز»، فاستقال معظم الوزراء من إدارة ترامب إيماناً منهم بالمسؤولية، حيث يرون أن خطاب ترامب لأنصاره وتحريض حشده، كان استفزازياً وله تأثير بالغ على نتائج الفوضى في الكونغرس، كما دعا أعضاء ديموقراطيون بارزون ومنهم نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب وتشاك شومر زعيم الديموقراطيين مجلس الشيوخ إلى الشروع في إجراءات قانونية لمساءلة ترامب، بعرض عزله عن منصبه واستجوابه لضمان عدم ترشحه مستقبلاً أي «عزله سياسياً»، وبذلك لم يكن أمام الرئيس ترامب سوى الاعتذار والإقرار بهزيمته، ليقر للمرة الأولى بأن جو بايدن سيكون الرئيس القادم للولايات المتحدة، مضيفاً أنه يريد انتقالاً سلساً للسلطة، وسيتم تنصيب الإدارة الجديدة في 20 يناير المقبل، في ما اعتبر الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أن مقتحمي الكونغرس هم رعاع وإرهابيون محليون.

مؤكداً أن الرئيس دونالد ترامب - المنتهية ولايته - ليس فوق القانون كون العدالة هنا تطبق على الجميع ولا أحد يستطيع مصادرة إرادة الناخبين.

وفي هذا الصدد علّقت منظمة العفو الدولية على مجريات أحداث الاقتحام قائلة عبر «تويتر»: إن ترامب حرّض على العنف والترهيب، بعد رفضه قبول نتائج الانتخابات الرئاسية، وبالتالي هذه ليست أفعال قائد، وإنما أفعال محرّض!

وما نريد قوله هنا إن الاعتداء على الكونغرس، هو اعتداء سافر على تاريخ الديموقراطية الأميركية، وضربة قاسية لصورة أكبر قوة عظمى في التاريخ... ولكل حادث حديث.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي