No Script

المساهمون الحكوميون سجّلوا النمو المتصاعد بملكياتهم في 12 عاماً ضمن خانة الأرباح غير المحقّقة

يوم الحساب في المحفظة الوطنية... «البترول» و«الصندوق» يطلبان التخارج أو الاستقلال بحصتيهما

رأسمال المحفظة تحت مرمى الشركاء الحكوميين
رأسمال المحفظة تحت مرمى الشركاء الحكوميين
تصغير
تكبير

- 600 مليون دينار رأسمالاً مدفوعاً
- 1.25 مليار دينار القيمة السوقية حالياً
- تحديد الأرباح المحقّقة سنوياً ضمن تقرير اللجنة الإشرافية
- عدم توزيع «كاش» منذ 2008 فتح شهيّة الشركاء للأرباح المتراكمة
- التغيرات الجديدة بقرارات الملاك الحكوميين مدفوعة بملاحظات رقابية

بعد مرور أكثر من 12 عاماً على تأسيس المحفظة الوطنية، يبدو أن يوم الحساب قد بدأ بين الشركاء الحكوميين الذين ساهموا في ضخ رأس المال وقتها، بقرار من مجلس الوزراء.

وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» من مصادر مسؤولة أن مؤسسة البترول، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، طلبا من الهيئة العامة للاستثمار، في كتاب رسمي، توزيع جزء من الأرباح المحققة من استثمارات المحفظة الوطنية منذ تأسيسها، مع فتح النقاش حول إمكانية التخارج أو الاستقلال بإدارة ملكياتهما التي يُسجَّل نموها ضمن خانة الأرباح غير المحققة على مدار 12 عاماً، فما القصة من البداية؟

تأسيس المحفظة

في عام 2008، وعلى خلفية الأزمة المالية العالمية تأسست المحفظة الوطنية بقرار من مجلس الوزراء، بمساهمة 3 جهات حكومية، وهي بالمناسبة محفظة طويلة الأجل، برأسمال مصرح به يبلغ 1.5 مليار، وذلك لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني، وبهدف بناء الثقة ببورصة الكويت، والحفاظ على استقرار السوق وتحقيق النمو والربحية في أداء المحفظة على المدى الطويل.

وحسب هيكل الملكية، تملك الهيئة العامة للاستثمار حصة تقارب 60 في المئة، ونحو 12 في المئة لـ«صندوق التنمية العربية»، فيما تعود الحصة المتبقية لـ«مؤسسة البترول». وحسب المصادر ضخ الشركاء الحكوميون منذ تأسيس المحفظة الوطنية وحتى الآن 600 مليون دينار من رأس المال، وذلك كل حسب حصته.

لكن بعد 12 عاماً، قدرت المصادر القيمة السوقية للمحفظة بنحو 1.25 مليار دينار، ما يعني أنها حققت عائداً بأكثر من 100 في المئة، مشيرة إلى أن نمو أرباح المحفظة على مدار السنوات الماضية بهذه المعدلات العالية سيجعل عين المساهمين الحكوميين مفتوحة أكثر على القيمة الرأسمالية للمحفظة، وليس المدفوعة قبل 12 عاماً.

ميزانية المساهم

وبعيداً عن التمسك بالأدبيات التقليدية لأهداف المحفظة، كشفت المصادر أن هذه الأهداف لم تثن جهات الرقابة المحاسبية عن تسجيل ملاحظات على «مؤسسة البترول» و«صندوق التنمية العربية» حسب دفوعاتهما في هذا الخصوص، بذريعة أن استثمارهما بالمحفظة ليس خيرياً، بل في محفظة استثمارية، يتعين تسجيل أرباح محققة عليه. ومعلوم عن مثل هذه الأنشطة الاستثمارية أن لها معدلات أرباح أو نمواً رأسمالياً سنوياً، يتعيّن تبويبه في ميزانية المساهم، وإلا ستكون هذه الملكية منفلتة من العقال المحاسبي، فيما أوضحت المصادر أن الرأي الرقابي يدفع بوجود ملاحظات على عدم تحويل الأرباح المحققة المتأتية من المحفظة في ميزانيات الجهات الحكومية المساهمة.

فالتقليد المتبع بين الشركاء الثلاثة منذ تأسيس المحفظة، يتبنى إجراء عدم توزيع أي مبالغ من عوائد المحفظة، بغرض مواصلة دعم استقرار البورصة، ما جعلها تتراكم في القيمة السوقية للأسهم المستثمرة سنوياً، وبناءً على ذلك لم تسترد «مؤسسة البترول» أو «صندوق التنمية العربية» وحتى «هيئة الاستثمار» أي مبالغ «كاش» من استثماراتها حتى الآن، لعدم الحاجة إليها، مع الاكتفاء بحصول ممثلي تلك الجهات على تقرير يعكس نمو ملكياتها في المحفظة على مدار 12 عاماً ضمن الأرباح غير المحققة.

ضخ الأموال

وبخلاف التقرير السنوي الذي يتم خلاله استعراض نمو الأرباح، لم تسجل «مؤسسة البترول» أو «صندوق التنمية العربية» في بياناتهما المالية، حجم أرباح رأسمالية محققة من الاستثمار. وما يغذي قناعة «المؤسسة» و«الصندوق» في هذا الخصوص، تأكيدات اللجنة الإشرافية في غير مناسبة، أن عمل المحفظة الوطنية يستهدف دعم استقرار البورصة، دون أن يكون ذلك على حساب مبدأ الربحية، وباعتبار أنها لم تضخ أموالاً لدعم السوق مقابل تحملها جزءاً من الكلفة، فليس من توجهاتها العمل على «الإنقاذ»، لتكون بذلك المحفظة قد نجحت خلال السنوات الماضية في تحقيق أرباح.

جهات المحاسبة

إضافة إلى ذلك، طالبت «مؤسسة البترول» و«صندوق التنمية العربية» من «هيئة الاستثمار» السماح لهما بالتخارج من المحفظة الوطنية، أو أقله السماح، خصوصاً للصندوق بإدارة حصته مباشرة، لا سيما أنه معلوم أن ضمن أنشطته ما يسمح بإدارة محافظ الغير، ما يذكي أكثر فكرة الاستقلال بإدارة مساهمته، على أن يستمر ذلك وفقاً لأهداف المحفظة الأساسية دون الحياد عن الطريق الرئيس الذي رُسم لها منذ بداية تأسيسها.

وإلى ذلك، لفت المساهمان الحكوميان إلى أن جهات المحاسبة الرقابية أكدت ضرورة قيامهما بتبويب عوائدهما المحققة من المحفظة في ميزانياتهما السنوية، وإلا ستضيف مزيداً من الملاحظات عليهما، ما قد يستدعي من «هيئة الاستثمار» تغيير طريقة التعامل مع السيولة الرأسمالية للمحفظة، وتوزيعها لتفادي أي ملاحظات محاسبية مضاعفة.

توزيع الملكيات عينياً

لعل السؤال الذي يفرض نفسه أمام مطالبة «مؤسسة البترول» و«صندوق التنمية العربية»، يتعلق بما إذا كان بإمكان «هيئة الاستثمار» الرفض؟

من حيث المبدأ، لا تملك «هيئة الاستثمار» حق الرفض، فرغم إشرافها على إدارة المحفظة، إلا أنها تظل في النهاية مساهماً مثل بقية المستثمرين.

وأوضحت المصادر أن الهيئة سترفع إلى مجلس الوزراء الطلب باعتباره المعني، وعليه التقرير، سواء ببقاء «مؤسسة البترول» و«صندوق التنمية العربية» في هيكل الملكية، أو التخارج، أو الاستقلال، مع تحديد ما إذا كان مسموح لأي مساهم تسييل ملكيته مستقبلاً في حال تقرر التخارج، أو إلزامه باستمرار آلية الاستثمار نفسها ضمن أهداف المحفظة. وضمن النقاش نفسه، يدفع السؤال السابق بآخر، «إذا وافق مجلس الوزراء على التخارج، من أين ستموّل (هيئة الاستثمار) استردادات المساهمين، في وقت تشكو فيه من ارتفاع مخاطر نفاد السيولة لديها»؟ ومحاسبياً، لا تستطيع «هيئة الاستثمار» تمويل التخارجات المستهدفة نقداً من الاحتياطي العام، لكن بإمكانها توزيع حصص عينية، بما يقابلها من أسهم، وما يتوافر من نسب السيولة، ما يحافظ على وزن المحفظة استثمارياً كما هو دون أي تغيير إستراتيجي بالنسبة للسوق.

وعلى الأرجح لن يغير تفكيك المحفظة الوطنية، من إستراتيجية دعم البورصة التي تنفذها «هيئة الاستثمار» بحكم مساهمتها بالأغلبية.

خصم حصة «البترول» من أرباحها المحتجزة وارد

تبرز مع النقاش في هذا الخصوص الإشكالية الخلافية حول تحويل مبالغ الأرباح المحتجزة لدى «مؤسسة البترول» إلى «هيئة الاستثمار»، والتي تقارب 7 مليارات دينار، للاحتياطي العام.

وإلى ذلك، هناك سيناريو افتراضي قد تلجأ إليه «هيئة الاستثمار» التي تواجه أصلاً شحاً في «الكاش»، حيث يتوقع أن تُحتجز قيمة استثمار «البترول» السوقية، وتُخصم من التزاماتها، وفي هذه الحالة تكون «الهيئة» و«البترول» حققتا فائدة مزدوجة، فمن ناحية ضمنت الأولى استمرار الوزن الأكبر من المحفظة على حاله تحت إدارتها، ما يجعل أثر التفكيك المستهدف ورقياً أكثر.

ومن جهة أخرى، تكون حصّلت «الهيئة» جزءاً من استحقاقاتها على «البترول» التي قد تقبل بذلك، لخفض الضغوطات المالية المستحقة عليها، وفي المقابل تعيد توجيه أموالها المخصصة لدفع قسطها المستحق إلى «هيئة الاستثمار» لتمويل احتياجاتها الاستثمارية، وبالتالي سيكون التفكيك ورقياً مع الحفاظ على وزن المحفظة استثمارياً كما هو دون أن ينعكس على السوق أي تغيير، سوى في هيكل الملكية، وهذا لا يعني المستثمرين كثيراً ما دامت «هيئة الاستثمار» مستمرة في دعم البورصة.

الاستغناء عن مديرين بالمحفظة للنقاش

معلوم أن تداولات المحفظة الوطنية تدار من قبل 4 شركات مديرة تم اختيارها من شركات القطاع الخاص، تشرف عليها اللجنة الإشرافية المشكلة برئاسة «هيئة الاستثمار» وعضوية المساهمين، وهي الشركة الكويتية للاستثمار، و«الوطني للاستثمار» و«المركز المالي»، و«كامكو إنفست».

لكن وبافتراض تنفيذ سيناريو القبول بتخارجات «مؤسسة البترول» و«صندوق التنمية العربية» يستحق السؤال عما إذا كانت «هيئة الاستثمار» ستحتفظ بمديريها الأربعة بعد تخفيف وزن استثمارها، أم ستعيد هيكلة إدارتها؟

وفي هذا الخصوص، رجحت المصادر أن تعيد «هيئة الاستثمار» النظر في عدد مديري محفظتها، وهذا في الأغلب سيقود إلى الاستغناء عن بعضهم، بما ينسجم مع ترشيق حجم المحفظة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي