No Script

رؤية

قراءة في وثيقة الغرفة 2020

تصغير
تكبير

نشرت غرفة تجارة وصناعة الكويت قبيل أيام ورقتها حول الأوضاع المالية المرتبكة، التي تمر بها البلاد وإرهاق اقتصادها بالعجز المتكرر في الميزانية للخمس سنوات الماضية على الأقل، وفسّرت هذه الحالة بقصور مستمر في إدارة الدولة رصدته الغرفة على مدى الثلاثين سنة الماضية ويعود لأخطاء مارستها مكونات المجتمع الثلاثة أي سلطتيه التنفيذية والتشريعية بضغوط ومطالب شعبوية، مشيرة إلى أن نموذج الدولة الرعوية، الذي تبنته الحكومات المتعاقبة في توزيع الثروة النفطية لم يكن محفزاً للتفوق الشخصي ولإنتاج أجيال مطورة ومبدعة وجادة.

يحسب للغرفة ابتعادها عن توجيه أي اتهامات لمجموعة النواب الجدد المناوئين لها، بالتسبب في تعطيل إنقاذ الاقتصاد بغرض إسقاط الحكومة الجديدة ورئيس البرلمان، رغم إعلان هؤلاء النوّاب عن نيتهم هذه.

إن العجز الذي تواجهه الدولة يعود - في حقيقته - إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط، بسبب مضاعفة الركود الذي أصابه بركود/ كساد كوڤيد 19، ما أدى إلى انخفاض أسعاره بالتبعية، التقى هذا محلياً بعجز مطرد في الميزانية ناشئ عن تكلفة الرواتب والدعوم المتصاعدة - وهي حقوق مكتسبة للأفراد لا نكوص فيها - وعليه فلا بد من أن تكون الغاية الأولى هي سد العجز وضخ السيولة في السوق المحلي، ترقباً لانتعاش السوق العالمي، ويكون ذلك عبر الاقتراض، مستفيدين من خفض سعر الفائدة عالمياً ومحافظين بذلك على موجودات الصندوق السيادي من البيع بأسعار متدنية.

أما على المديين المتوسط والدائم فعلى الدولة أن تعمد إلى تنويع مصادر الدخل بالتوسع في الصناعات النفطية والتحويلية، وتبنّي اقتصاد المعرفة، وتكويت القطاع الخاص لخفض المصروفات (متوسط راتب العمالة الوافدة يبلغ 700 دك)، ولقد أوردت «ستاندرد اند بورز» في تقرير لها مطلع العام الماضي أن كل هذه الإجراءات مجتمعة قد لا تكون كافية لإنقاذ الاقتصاد الكويتي بسبب التأخير في تنفيذ حزمة الإنقاذ المطلوبة على المديين العاجل والآجل، وحتى في ظل الاكتشافات النفطية الجديدة، وتأخذ الغرفة على الدولة الناشئة توزيع الثروة بأسلوب الدولة الرعوية انذاك، وهو ما استفادت منه الغرفة ومؤسسات القطاع الخاص المالية وغيرها إلى اللحظة.

رغم أسبقية الكويت نشأة وثروة، فقد تمكّنت الإمارات من خفض اعتمادها على بيع النفط غير المُصنع إلى 40 في المئة فقط ومضاعفة دخلها القومي ليتجاوز 600 مليار دولار، وانخفض دخل الكويت إلى 110 مليارات دولار خلال الفترة نفسها (2015 حتى اليوم)، وانخفض اعتماد المملكة العربية السعودية على مبيعات النفط غير المُصنع إلى ما دون الـ50 في المئة.

إن مطالبة الغرفة بدور لها في تسويق أو في كل عمليات ما بعد الإنتاج لثروة البلاد القومية، التي تشير إليها وثيقتها، تصطدم بالدستور الذي يسبغ على الثروات القومية حمايته (في المادة 21 منه) من أي عبث، كما وأن تجارب الدول الثلاث المشار إليها تؤكد أن الكويت قادرة على تجاوز الأزمة إذا ما تبنّت مشروعاً موحداً عملاقاً للدولة، يتبنى التنمية الشاملة والحداثة في مواجهة الأزمة مع الشفافية في المنهج والتنازل مرحلياً عن المصالح الضيقة لصالح المصلحة العامة ضمن القناعة الراسخة بأن رفاه الأفراد جزء من رفاه المجتمع يتحقق بتحققه، وأن يسيطر أصحاب الرأي على الشطط السياسي الدائر حالياً ونزع فتيله مع الالتزام بالحكمة في مواجهة الخلافات السياسية والشخصية.

يبقى أن الدولة مسؤولة بالدرجة الأولى عن تنفيذ هذا المشروع القومي وفرضه، فالأمر لا يحتمل التأخير ولا التسويف والاعتداد بالرأي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي