No Script

الدولة تضخ مئات ملايين الدنانير سنوياً في مؤسسات خاسرة

شركات غادرت الحكومة قفزت للعالمية وأخرى عالقة في شجرة ملكيتها... تتكبد الخسائر

تصغير
تكبير

- 2.64 مليار دينار أرباح 5 شركات كبرى بالقطاع الخاص في 3 سنوات وتوزيعاتها فاقت المليار
- التدخلات السياسية والتوظيف الزائد يُرهقان الشركات الحكومية دون أي اعتبار للتنافسية والربحية

في ظل الحديث الدائم عن ضرورة تنويع مصادر الدخل في الدولة، والعجوزات المتتالية في الموازنة، يبرز تساؤل مستحق حول السبل الكفيلة التي يمكن أن تعتمدها الجهات المسؤولة في الدولة لتحقيق نتائج إيجابية من الشركات الحكومية، كالخطوط الجوية الكويتية و«النقل العام» و«المشروعات السياحية» وغيرها، بدلاً من اضطرار الحكومة لضخ الأموال في الكثير من شركاتها التابعة بشكل متواصل لسداد خسائرها؟

ولعل مقارنة بين أداء شركات كانت تحت إدارة الحكومة، ثم غادرتها للقطاع الخاص، مثل «زين» و«أجيليتي»، تظهر بوضوح أن تغير أسلوب الإدارة أدى إلى تحسن كبير في أداء تلك الشركات وتحقيقها إيرادات مرتفعة وتوسعها في العديد من أنحاء العالم، إضافة إلى ما يجنيه مساهمو تلك الشركات سنوياً من توزيعات سنوية نقدية وأسهم منحة، في حين أن العديد من الشركات التي لا تزال إداراتها حكومية، عالقة في شجرة ملكيتها وتتكبد الخسائر، وسط عوامل عدة تجعلها غير قادرة على المضي قدماً دون أن تضخ الحكومة فيها أموالاً بين الحين والآخر، على رأسها التدخلات السياسية والتوظيف الزائد عن الحاجة، دون أي اعتبار للتنافسية والإدارة الرشيدة وترشيد المصروفات، وصولاً إلى تحقيق الأرباح.

وتظهر مقارنة بسيطة بين أداء شركات كبرى في القطاع الخاص بين عامي 2017 و2019، الفارق الكبير في الأداء المالي لها عن نظيرتها الحكومية، فوفقاً لإحصائية أجرتها «الراي» بلغ إجمالي أرباح 5 شركات، هي بنك الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي «بيتك» و«زين» وأجيليتي وشركة مشاريع الكويت القابضة «كيبكو» خلال آخر 3 سنوات ما قبل «كورونا» نحو 2.64 مليار دينار، مع تحقيقها نسب نمو متواصلة ومتفاوتة فيما بينها.

وعلى صعيد التوزيعات النقدية الخاصة بمساهمي الشركات المذكورة، بلغت بين 2017 و2019 أكثر من مليار دينار. في المقابل، فإنه وفقاً لما هو متوافر من أرقام، بلغت الخسائر التي سجلتها شركة الخطوط الجوية الكويتية خلال العام 2017 نحو 106 ملايين دينار، فيما وصلت إلى 131.9 مليون في نهاية 2018، ليبلغ إجمالي خسائرها المتراكمة مع نهاية ذلك العام نحو 416 مليون دينار، بينما سجلت شركة المشروعات السياحية خسائر بقيمة 12.2 مليون دينار في 2017، وتحوّلت إلى أرباح في 2018 و2019.

فيصل صرخوه: الخصخصة طريق رئيس لتوسيع نطاق الاقتصاد

قال الرئيس التنفيذي لشركة كامكو إنفست، فيصل صرخوه، إنه بدلاً من النظر إلى الخصخصة من منظور واحد هو الكفاءة، يجب النظر إليها على أنها ستكون إحدى أهم الطرق الرئيسية لتوسيع نطاق الاقتصاد، بإشراك القطاع الخاص وتنميته ليشمل قطاعات مختلفة، تدعم إستراتيجية النمو الاقتصادي، مع وضع رقابة داعمة ومحترفة. وأشار صرخوه إلى قيام الحكومات عادة بخصخصة القطاعات غير الإستراتيجية وتلك التي يمكنها بسهولة أن تكرر النجاحات التي حققتها دول أخرى في البنوك وقطاعات النقل والاتصالات والسياحة والصناعة، وحتى المرافق العامة. ولفت إلى أن الكويت شهدت أخيراً نجاح عمليتي خصخصة، إحداهما تعود إلى «بورصة الكويت» التي شهدت نقلة نوعية في أدائها خلال فترة قصيرة نسبياً منذ خصخصتها، مع دعم ورقابة من جهاز محترف مثل هيئة أسواق المال.

وتوقع صرخوه أن تكون مجالات مثل البحث والتطوير والفضاء والتعليم والتكنولوجيا والزراعة، بعض قطاعات النمو القادمة التي تحتاج إلى تعاون نشط من القطاع الخاص، بالمساهمة في رأس المال، وبدعم إستراتيجية الابتكار وتطوير الممارسات الإدارية فيها.

علي البدر: لتبتعد الحكومة عن المنافسة... ربحت الشركات أو خسرت

رأى عضو المجلس الأعلى للتخطيط، علي رشيد البدر، أن الأساس يقوم على أن تبتعد الدولة عن منافسة القطاع الخاص في الشركات التجارية بالسوق المحلي، سواءً كانت رابحة أو خاسرة، إذ يجب ترك هذا الأمر للمستثمرين من مختلف الفئات، بعيداً عن إيقاعهم في شرك البيروقراطية الحكومية.

وبيّن أنه كمثال على ذلك، فإن طرح «أجيليتي» للقطاع الخاص ساهم في إدخال آلاف المواطنين إلى قائمة مساهمي الشركة، وأراح الدولة من عبء الرواتب الباهظة التي كانت تدفعها، والأمر نفسه تكرر مع شركة زين للاتصالات، وغيرها، وهو ما يجب أن يتكرر حالياً مع العديد من الشركات التي تملكها الحكومة مباشرة، بما يؤدي إلى حماية المواطنين من انتظار الرواتب، وتعزيز أدائهم والمردود المالي الذي يحصلون عليه. ولفت البدر إلى أنه يمكن للدولة حماية ماليتها العامة من خلال ضخ الأموال والاستثمارات عبر صندوق الاحتياطي العام في الشركات الخارجية وليس المحلية، منوهاً إلى أن من شأن هذا الأمر المساعدة على توفير السيولة عند حصول الأزمات المالية، مثل تلك التي يعيشها العالم اليوم بسبب تدني أسعار النفط وتداعيات جائحة «كورونا» المستمرة.

جاسم السعدون: سر فارق الأداء بين الشركات بالإدارة

أشار رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية، جاسم السعدون، إلى أن سر فارق الأداء بين الشركات بعد انتقالها من الحكومة إلى القطاع الخاص يكمن في الإدارة، لافتاً إلى أنه عندما كانت الحكومة هي من تدير «زين» و «أجيليتي»، كان هدفها العمل على توظيف المواطنين بعيداً عن أي اعتبار للتنافسية والإدارة الرشيدة وترشيد التكاليف وتحقيق الأرباح، في حين أن القطاع الخاص يحرص على توفير أفضل خدمة وسعر في السوق بأقل تكلفة ممكنة، مع تحقيق إيرادات كبيرة وبالتالي تسجيل أرباح مرتفعة.

وأشار إلى أن التغير في عقلية الإدارة بين القطاعين، الحكومي والخاص، أدى إلى انعكاس النتائج المالية وتحقيق «أجيليتي» و «زين» وغيرهما من شركات القطاع الخاص لأرباح قياسية خلال السنوات الماضية، مقابل خسائر كبيرة للشركات التي مازالت تحت إدارة مباشرة من الدولة، سواءً تحت سلطة وزارة المالية أو غيرها من الجهات المعنية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي