في جلسة يوم الثلاثاء الموافق 2 نوفمبر 1982، أثناء مناقشة تعديل البند الخامس من المادة رقم (1) من القانون رقم (20) لسنة 1981، بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية، الذي كان ينص - وفق مشروع القانون المعد من قبل اللجنة التشريعية - على حجب ولاية القضاء عن «مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين»، قدّم خمسة نوّاب اقتراحاً بتوسعة الحجب ليشمل القرارات الإدارية النهائية في شأن «تراخيص إصدار الصحف والمجلّات ودور العبادة».
فسارع النائب الوطني الدكتور عبدالمحسن جمال إلى الاستفسار عن المقصود بدور العبادة، فرد عليه أحد مقدمي الاقتراح بتعريف فضفاض، ولكن الدكتور جمال لم يكتفِ بالرد وطلب تفسيراً واضحاً، فرد عليه نائب آخر من مقدمي الاقتراح، ولكن ردّه وما تبعه من نقاش بينه وبين الدكتور - على مدى صفحتين ونصف الصفحة - تم شطبه من مضبطة الجلسة.
وتجدر الإشارة إلى أن الدكتور وثّق جزءاً من ذلك الحوار المشطوب في لقائه مع برنامج الصندوق الأسود.
وبعد تصويت المجلس بالموافقة على الاقتراح الأوّل، تقدّم النائب الوطني سيد عدنان عبدالصمد، باقتراح إضافة فقرة إلى نص الاقتراح الأوّل توضّح أن المقصود هو دور العبادة الخاصة بغير المسلمين، ولكن اقتراح السيد رفض.
بعد مرور ما يقارب ربع القرن، تمت استعادة ولاية القضاء على مسائل تراخيص إصدار الصحف والمجلّات من خلال تشريع القانون رقم (3) لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر، إلا أن ولاية القضاء على الفئات الثلاث الأخرى (دور العبادة، والجنسية، وإقامة وإبعاد غير الكويتيين)، ما زالت محجوبة عن ولاية القضاء إلى يومنا هذا.
قبل أيام تقدّم النائب الدكتور حسن جوهر - بمعية نائب أو أكثر - باقتراح بقانون بتعديل اختصاصات المحكمة الإدارية، لبسط ولايتها على قرارات سحب الجنسية.
ولكن استغرب مراقبون من توقيت ومضمون الاقتراح.
فمن حيث التوقيت، تساءلوا عن السبب الذي منع جوهر من تقديم الاقتراح ذاته خلال سنوات عضويته السابقة (1996 - 2012)، رغم معرفته الشخصية بعدد من حالات سحب وإسقاط الجنسية بدوافع سياسية وبصورة غير متسقة مع دفعات التجنيس في حينها.
ومن حيث المضمون، الاقتراح المقدّم مقتصر على استرداد ولاية القضاء على فئة واحدة (مسائل الجنسية)، من دون الفئتين الأخريين (مسائل إقامة وإبعاد غير الكويتيين وتراخيص دور العبادة)، رغم أن الفئات الثلاث متجاورة ضمن جملة واحدة في نص القانون.
فهل يدرك جوهر أن العديد من قرارات إبعاد غير الكويتيين كانت تعسّفية، وأن الحكومة كانت خلال مراحل سابقة ترفض من دون مبرر طلبات تخصيص أراضٍ لبناء مساجد على نفقة متبرعين؟ أليست الظروف العالمية والإقليمية والمحلية مهيأة - إن لم تكن مشجّعة وموجبة - لاستعادة ولاية القضاء على تراخيص دور العبادة ومسائل إقامة وإبعاد غير الكويتيين؟
لذلك أدعو جوهر إلى إعادة تقديم الاقتراح بقانون، بعد تعديله لينص على بسط ولاية القضاء على جميع الفئات التي تم استثناؤها في عام 1982، لأسباب كانت مرتبطة بتطورات إقليمية وتبعات دولية وإقليمية ومحلية آنذاك.
وله في ذلك أن يقتدي بنهج النائبين الوطنيين في مجلس 1981، الدكتور جمال وسيد عدنان، اللذين انخرطا في المعارضة في حدود المشتركات الوطنية، وكان من بينها التصدّي لمساعي الحكومة تنقيح الدستور، ولكنهما في الوقت ذاته واجها بثقة تحرّكات زملائهما النوّاب التي كانت تتضمن سلب مكتسبات دستورية، ومنها تلك المنصوص عليها في المادة (35) من الدستور التي تلزم «الدولة» حماية حرية القيام بشعائر الأديان.
باختصار وبوضوح، لا المبادئ الوطنية ولا قواعد العمل بالمشتركات مع الزملاء، تجيز للنائب التقاعس والتهرّب عن مكافحة التمييز الفئوي... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».
abdnakhi@yahoo.com