خواطر صعلوك

خيري ورشاد وبدوي... كظاهرة!

تصغير
تكبير

حنفي الأُبّهة فيلم مصري من إنتاج عام 1990 بطولة عادل إمام، كان في هذا الفيلم ثلاث شخصيات تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتمعن، وهم «خيري ورشاد وبدوي»، وهم وزملاء العمل وأفراد العصابة اتفقوا على هدف مشترك، من أجل الحصول على الثروة عن طريق اللف والدوران، وأقسموا لبعضهم البعض بأغلظ الإيمان أنّهم على العهد والميثاق سائرون، وتميّزت الشخصيات الثلاث طوال الفيلم بالصوت العالي، والاعتراض من أجل الاعتراض، والتأكيد على الوفاء والإخلاص والمصلحة العامة، وبعد مرور الأحداث في الفيلم تصل الحقيبة التي فيها الثروة إليهم، ويقوم خيري بخداع زميليه رشاد وبدوي ويقتلهما ويحاول الهروب بالحقيبة، ولكن يظهر حنفي الأبهة في أرض المعركة، ويستعيد الحقيبة ويقتل خيري.

كانت مشكلة خيري ورشاد وبدوي تتمثل في أنّهم رغم اختلاف أعمارهم البيولوجية، إلا أنّهم ظلوا حبيسين لفترة عمرية واحدة لم يخرجوا منها، الطيش واللاعقلانية وعدم إدراك عواقب الأمور.

حسب وليام شكسبير فإنّنا جميعاً نمر بأعمار الإنسان السبعة، نكون أطفالاً نصرخ ونبصق لُعابنا بين يدي مرضعتنا، ثم نصبح تلاميذ في المدرسة رغماً عنا حاملين حقائبنا والبكاء يملأ عيوننا، ثم نصبح عاشقين متيّمين في أتون الحب الذي نكنه للمحبوب، بعد ذلك نلعب دور المُقاتل الذي يسعى لاقتناص الفرص والمكانة الاجتماعية والشرف، والشهرة التي سرعان ما تتبخر بعد أن تكون أخذت أجمل ما فينا، ويلي ذلك الدور، دور القاضي صاحب النظرات القاسية والبطن المستدير واللحية المشذبة، والأحكام المبتذلة والنقد الأقرب للصراخ منه إلى العقلانية... بعد كل هذه الأدوار يأتي دور الرجل الحكيم نحيل الجسم، وقد أصبح صوته عميقاً، أما المشهد النهائي الذي يُنهي هذه الدراما التاريخية الغريبة والمليئة بالأحداث فهو طفولة ثانية لا تشبه الأولى مع قدرة عالية على التخلي عن كل ما سبق.

إنّ مشكلة خيري ورشاد وبدوي سواء في فيلم حنفي الأبهة، أو مع زملائنا في العمل أو بعض الشخصيات التي نشاهدها في مجلس الأمة، إنّها شخصيات لم تخرج من طور المراهقة والطفولة المتأخرة، شخصيات متمركزة حول ذاتها، ينقصها الاتزان في كلامها وتصرفاتها، تفتقد الذوق تحت مسمى حرية التعبير، تُطلق أحكاماً عامة ومبتذلة، تشارك في اللعبة فإذا لم يكن لها نصيب من الفوز، تصرخ وتضرب الأرض بأقدامها وتلوح بأياديها في الهواء، وفي النهاية يظهر خيري ورشاد وبدوي على أنّهم جميعاً يرمون على قوس واحد، إلا أن اتجاهات سهامهم مختلفة وضعيفة المدى.

ولست هنا في معرض الحديث عن أحد بعينه، وإلّا كنت كتبت ما لا أحب، وتعرضت لما أكرهه.

وربما يسألني أحد القراء عن الدرس المستفاد من هذا المقال، فأقول: لا توجد دروس هو مجرد مقال، ولكن إذا كنت مصراً فإليك أهم الدروس: عندما يفشل الكاتب في الوصول بالقارئ إلى نقطة أدبية عالية، فإنه يخرج الأرنب من القبّعة عبر «أدب التعرية» وهو أن ينزع ثياب إحدى شخصيات الرواية، أو العابرين فيها من أجل لفت انتباه القارئ... وهذا ما يفعله خيري ورشاد وبدوي في كل مكان يتواجدون فيه، سواء كانوا كُتاباً أو أعضاءً أو حتى مشاهير سوشال ميديا... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

@Moh1alatwan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي