أطلق عالم النفس أبراهام لوشينز عام 1942 مصطلح «تأثير الإنستيلونج»، وهي كلمة ألمانية تعني برمجة أو تهيئة، وهي إنشاء حالة عقلية آلية تلجأ إلى استعداد آلي لحل أي مشكلة، استناداً إلى تجربة سابقة رغم وجود طريقة أفضل لحل تلك المشكلة، إنها سيطرة خبرة سابقة على أسلوب حل المشكلات الجديدة.
توضح لنا لولوة عادل المغربي - في مراجعتها لرواية شجرة البرتقال للكاتب البرزيلي خوسية فاسكونسيلوس، الذي يحكي قصة طفل صغير وفقير لأب معدوم وأسرة كبيرة - كيف كان الطفل البريء «زيزا» ذو الخمس سنوات يحل المشاكل التي تواجهه في الحياة من خلال الشتم للكبار الأقوى منه، أو عمل مقالب مؤذية للذين يشعر تجاههم بالحقد، ومواجهة الصغار بالضرب والعراك، كان يحل مشاكله بالمواجهة والعنف، ليس لأنه شرير في ذاته، بل فقط لأن خبراته السابقة في حل المشكلات لم تجد أمامها مخزوناً آخر وبدائل يمكن ممارستها في التعامل مع العالم الخارجي، رغم أن في داخله عصفوراً صغيراً يتحدث معه عن معنى الحياة.
عزيزي القارئ لا يصبح العنف أو الاتجاه إلى المخدرات والسرقة حتمياً، نتيجة كونك ابن أسرة فقيرة أو مولوداً لأبوين مطلّقين، أو التعرض لخبرات سيئة أو صحبة تأخذك إلى القاع، ولكنه يصبح حتمياً عندما تختفي البدائل ومخزون حل المشكلات السابقة أمام الفرد، بسبب غياب الفرص والمساحات والخدمات والدعم.
إنّ المخدرات تحديداً ليست سلعة يمكن محاربتها أو احتكارها أو منعها بالكامل عبر القوانين والتشريعات والعقوبات، وتجفيف منابع العرض فقط، ولكنها نتيجة لغياب البدائل وضعف تعزيز الخبرات السابقة في حل المشكلات، التي تواجهنا باستمرار، وهو ما يؤدي إلى زيادة الطلب.
في أحد الأفلام البريطانية - والذي كان بعنوان «معنى الحياة» - وفي نهاية الفيلم كُتبت ورقة فيها إجابة واعدة عن السؤال الأبدي، أرى أنها تمثل ورقة سياسات فردية لسؤال: «ما معنى الحياة»؟ وليسمح لي كاتب الفيلم وقارئ المقال، أن أضيف في متن الرسالة ما يجعلها ذات أثر.
حاول أن تكون علاقاتك بالله ممتدة، وأن تكون لطيفاً مع الناس، تجنب تناول الغذاء المليء بالدهون، مارس عملاً تطوعياً، اقرأ كتاباً جيداً بين الحين والآخر، مارس رياضة الجري، وحاول أن تعيش بسلام ووئام مع كل الطوائف والشعوب، استمع لمعزوفة موسيقية وأنت تغسل مواعينك، ارتدِ ثيابك الأنيقة وزر والديك أو من تحب، تأمل الاعتيادي بشكل غير مألوف، انصت للآخرين دون أن تحكم عليهم، تمتع بالذكاء المَرِح المبني على الخيال والنظر إلى الوراء لكي تعرف أين تقف الآن، والمضي قُدما بروح اجتماعية مليئة بالفكاهة والعفوية والتعجب، من أجل صحة نفسية أفضل... وتذكّر أن كل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
@Moh1alatwan