البقاء في قطار الحداثة وتطوير البنية التشريعية جهود مستمرة
7ملفات في عُهدة وزير «التجارة»... أعقدها «المشروعات الصغيرة»
مع قُرب تشكيل الحكومة الجديدة، يبرز السؤال حول الملفات التي تنتظر وزير التجارة والصناعة القادم، فبمجرد انتهاء مراسم العلاقات العامة في تقديم التهاني، سيكون على مكتب االوزير، سواءً الحالي أو الجديد، العديد من الملفات الثقيلة.
وشهدت الوزارة خلال السنوات الماضية جهوداً واسعة وإنجازات كبيرة، مثل التقدم الكبير الذي حققته الكويت بتسجيلها قفزة نوعية في ترتيبها بمؤشرات تحسين بيئة الأعمال وتعزيز التنافسية، واستكمال دخولها جميع الأسواق الناشئة، بالترقية في مؤشر«MSCI» للأسواق الناشئة. وباعتبار أن «التجارة» وزارة خدمية، فهناك تحديات سيستمر بروزها، من ضمنها المحافظة على التقدم في المؤشرات التنافسية واستكمال تعزيز المنظومة التشريعية التي شهدت في الفترة الأخيرة إقرار 11 قانوناً، علاوة على الاستمرار بركوب قطاع الحداثة من خلال التوسع برقمنة خدمات الوزارة.
ويمكن تلخيص التحديات التي تنتظر الوزير القادم في الآتي:
1 - «المشروعات الصغيرة»:
في شهر أبريل 2013، أصدرت الحكومة القانون رقم 98 /2013 بخصوص إنشاء صندوق باسم الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يهدف لدعم الشباب، ومحاربة البطالة، وتمكين القطاع الخاص لتحقيق النمو الاقتصادي في الكويت.
لكن وكما هو معلوم سرعان ما تحوّل الصندوق، وهو بالمناسبة مؤسسة عامة مستقلة برأسمال قدره مليارا دينار، إلى أم المشاكل التي لاحقت أكثر من وزير لـ«التجارة»، لتسحب منه بعض الأضواء التي يحققها في القطاعات الأخرى، خصوصاً أن الصندوق لم يحقق أي نسبة تذكر من المستهدف منه، لا سيما على صعيد رؤيته التي تتمحور في بناء مجتمع ريادي يُحفّز أصحاب المشاريع على الإبداع ويُحقق فرص التنمية الاقتصادية في الكويت، بخلق وتنمية قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة محلياً، لتكون شريكاً في تعزيز المنظومة الاقتصادية.
وبالتالي يكون الصندوق أحد أبرز التحديات التي ستواجه الوزير القادم، وسيكون عليه أولاً اختيار مدير مناسب، والحفاظ عليه بما يمنع استقالته مثلما حدث مع 3 مديرين حتى الآن، على أن يكون لديه الرؤية والقدرة على تحقيق الهدف من الصندوق.
2 - القسائم الصناعية:
من الملفات الصعبة التي تنتظر وزير «التجارة»، أيضاً، ملف توسيع الرقعة الصناعية المحلية عبر توفير القسائم المخصصة للنشاط الصناعي المحلي وللشباب الكويتي، وهذا يتطلب في الوقت نفسه التخلص من عقدة تقطيع الوقت لجهة مواعيد تسليم المدن الجديدة وفي مقدمتها الشدادية والنعايم، وغيرهما من المناطق الصناعية المتكاملة التي جرى الحديث عن طرحها أكثر من مرة تحت عنوان (قريباً)، رغم أنه مر على كل التصريحات التي تم إطلاقها من المسؤولين على مدر السنوات الـ6 الماضية 4 وزراء حتى الآن، ولم يتحقق هذا القريب.
وفي هذا الخصوص، هناك حاجة أيضاً لوضع إستراتيجية متكاملة للصناعة في الكويت وفتح آفاق الصناعة للشباب مع وضع مقترحات صناعية لأصحاب الحرف الصناعية لتشجيعهم في بدء هذه الصناعات، على أن يسبق ذلك رؤية واضحة لتوزيع الأراضي الصناعية.
كما يمكن القول إنه ورغم التطورات التي حدثت على صعيد هيكلة الهيئة العامة للصناعة لتطوير العمل فيها وتسهيل إنهاء معاملات الصناعيين، إلا أن واقع الحال يتطلب المزيد من القرارات التي تسهّل الأعمال، خصوصاً بعد أن أثبتت أزمة كورونا حاجة السوق المحلي إلى تنمية العديد من الصناعات التي أثبتت الأزمة الحاجة الملحة لها.
3 - تسرب الكفاءات:
من يتعامل مع وزارة «التجارة» باستمرار سيلاحظ بسهولة أن العديد من الكفاءات التي تعامل معها خلال السنوات الماضية لم تعد موجودة في الوزارة، ولعل السبب الرئيس في ذلك يرجع إلى ضعف الرواتب والمزايا المالية التي يحصل عليها موظف هذه الوزارة قياساً بالقطاعات الحكومية الأخرى.
ويكفي هنا الإشارة إلى أنه بإمكان بعض الموظفين الفنيين في قطاعات التجارة المختلفة الحصول على ضعف رواتبهم إذا انتقلوا إلى جهة حكومية أخرى، ما زاد من شهية الاستقالات أو التنقل إلى وزارات أخرى، وترك أماكنهم في «التجارة» لأسباب مادية.
وحقيقة، تعد الهجرة العكسية لموظفي «التجارة» من الملفات التي تحتاج حلولاً سريعة، حتى يمكن للوزير المقبل أن يحافظ على الكفاءات المتراكمة والتي نجحت «التجارة» في الاحتفاظ بها حتى الآن، وهذا بالطبع مفيد أيضاً على صعيد استقطاب الشباب الكويتي وتوطينه في هذه الوزارة الخدمية.
4 - غسل الأموال:
من الناحية العملية، باتت «التجارة» شريكاً في مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الأرهاب، من خلال أكثر من نافذة، ليس أقلها قطاعي العقار والذهب، ورغم الجهود الواسعة التي بذلها مسؤولو هذين القطاعين إلا أن هناك حاجة متنامية إلى تطوير القائمين عليهما، لأكثر من سبب.
فمن ناحية، فإن التدخلات الرقابية التي تمارس في القطاعين مستجدة، وليست تقليدية، ما يتطلب مهارات تستطيع أن تحدد شبهات الأعمال في القطاعين، دون إساءة لاستخدام هذه السلطة، ومن جهة أخرى هناك حاجة إضافية لمزيد من الدورات والاتصال بالعالم الخارجي للوقوف على آخر تطورات هذه العمليات التي تتطور بشكل مستمر وسريع يومياً.
5 - غلاء الأسعار:
أظهرت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء أخيراً ارتفاع الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين (التضخم) في الكويت بنحو 2.52 في المئة في أكتوبر الماضي على أساس سنوي، مبينة أن معدل التضخم ارتفع 0.51 في المئة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر، وأن الرقم القياسي للمجموعة الأولى (الأغذية والمشروبات) قفز 8.38 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2019 كما ارتفع مؤشر أسعار المجموعة الثانية (السجائر والتبغ) 3.21 في المئة.
وأوضحت أن مؤشر أسعار المجموعة الثالثة (الملبوسات) ارتفع 5.38 في المئة على أساس سنوي، في حين استقرت أسعار مجموعة (خدمات المسكن) للشهر الثاني، وبقيت عند مستوياتها المسجلة العام الماضي.
ومن باب الموضوعية لا يمكن توجيه كل الاتهامات إلى «التجارة» في ما يتعلق بمسألة ارتفاع أسعار بعض السلع، خصوصاً إذا عُلم أن هناك مسببات خارجية لا تستطيع الوزارة تجاهلها، لكن البعض يؤكد على ضرورة زيادة الجرعة الرقابية، لا سيما أن البعض يستغل موجة الزيادات لأسعار بعض السلع في رفع منتجاته.
6 - تحديات التقنية:
لا يمكن إنكار الجهود الواسعة المبذولة على صعيد تحسين البنية التحتية لخدمات «التجارة»، والتحول الرقمي الكبير المسجّل في خدماتها خلال الفترة الماضية، للدرجة التي يمكن القول معها إن «التجارة» حققت قفزة تكنولوجية في تقديم خدماتها، لكن ذلك لا يمنع وجود مشاكل فنية تحتاج إلى معالجات فنية، وفي مقدمتها آلية حجز المواعيد، وسرعة الحصول على هذه المواعيد، وغيرها من خدمات الربط التي تحتاج إلى تدعيم فني، يقضي على التعقيدات التي تواجه مراجعي الوزارة.
كما أن هناك نحو 23 خدمة لا تُقدّم «أونلاين» ترتبط غالبيتها بتغيرات على صعيد عقد التأسيس، بسب عدم إنجاز الربط بين «التجارة» ووزارة العدل، ما يجعل الوزارة في حاجة مستمرة للبقاء في قطار الحداثة السريع.
7 - السوق العقاري:
ربما لا يجافي الموضوعية الإشارة إلى الخطوات التحسينية على صعيد تنظيم السوق العقاري، ما حدّ من أزمات النصب العقاري وعمليات غسل الأموال، وانتشار عدد كبير من الدخلاء على مهنة السمسرة العقارية، الذين كانوا يؤجرون دفاترهم ويستخدمونها في أمور غير مشروعة.
وفي حين بدأت خطة التجارة لتنظيم السوق العقاري بقانون السمسرة العقارية الذي رأى النور أخيراً، هناك الكثير من القوانين لا تزال قيد البحث والدراسة، لاسيما قانون التقييم العقاري، الذي يُعوّل عليه كثيراً في زيادة الشفافية، ما ينعكس إيجاباً على جميع القطاعات المتعاملة بالأصول العقارية.
وحقيقة، فإن تحديث البنية التشريعية لن يكون مقصوراً على القطاع العقاري حيث تمتد هذه الحاجة إلى جميع القطاعات التابعة للوزارة، والتي تحتاج قوانينها وإجراءاتها إلى تحديث مستمر بما يواكب التغيرات التي تحدث في المنطقة وبالعالم.