سأبدأ الخلطة بإحدى مقولاتي (نحن نشبع فنجوع، ثم نجوع لنشبع فنمشي بذلك في المقلوب). عند خط المفاهيم المقلوبة، ألتقي بكم بسؤال سألته لشريحة كبيرة من الشباب والفتيات، وبين معنى المقلوب والمعكوس، وجدت كلماتي كحال إجاباتهم التي لو مثلتها بلوحة لكانت الرجل فوق والرأس بالأسفل هكذا كنت أراهم... بعيداً عن الإطالة في وصف ذلك، إليكم الحدث: عزيزتي ماهي مواصفات شريك حياتك؟ (غني - مركز - دكتور - يسفرني كل مكان - مهووس بالماركات - سيارته بنتلي).
أضاءت في وجهي علامات حمراء، مستفهمة الإجابة!
ولأن القياس التوازني للفكر يتطلب ميزان العقلين الرجل والمرأة، أعدت السؤال نفسه على شريحة كبيرة من الشباب كانت الإجابة (جميلة - عندها فلوس - رايحة الحج - موظفة ومعاشها قوي)، إجابة أعظم في خطأ الفهم عن سابقتها... لوهلة تبعثرت وتناثرت، وتجمعت... أيعقل أن يفكر المرء في مؤسسة ضخمة كالزواج بما فيها فكرتها وأسلوب عملها والقائمون عليها، ونسبة الأرباح والخسائر يترك كل ذلك، ويخبرني أنه يريد كرسي الإدارة لونه بني، وأثاث مكتبه باللون الأبيض، و«فازة» في غرفة الاجتماعات، وقهوة يشربها على المكتب كل صباح.
أي يطمح لتأسيس مؤسسة من ورق لا حياة فيها، سوى صور مليئة بالديكورات والألوان تبهر المتفرج فقط، ومصيرها حائط أصم ولوحة صامتة، زوجية تدق بمسمار في زوايا إحدى الغرف وينتهي الأمر... إن أعظم كذبة يكذبها المرء على نفسه أن يتجاهل مشاعره ورغباته الحقيقية تجاه شريك الحياة، ويهتم بحاجاته التي تختفي عند الإشباع، ويبدأ عندها الرجوع إلى نقطة الصفر، فبعد دخول المؤسسة الجميلة بمظهرها سترى مشاكل في الإدارة، وكلما زادت المشاكل زادت صور الكره والبغض لكل ماهو جميل، فالجمال هنا وهمي لا أسس له سوى التفاخر.
يبقى شيء داخلي مفقود سيبحث عنه طوال حياته، وهو ماذا يشعر مع هذا الشريك؟ كيف سيتحدث معه؟ كيف سيضحك من قلبه؟ كيف سيشعر بالأمان العاطفي؟ كيف سيراه؟ هل سينجب أبناء كانعكاس جميل لعلاقة صحية؟ أم مخرجات صفقة بلا حس ولا مشاعر، مجرد أرباح مادية، ثم ينتهي الأمر بانفصال مشاعري أو اعتياد خانق كاعتياد وجود أي شخص تراه يوميا أو الانفصال الفعلي... عند كل هذه الكوارث، وقبل حدوثها عزيزي الشاب عزيزتي الفتاة، قبل أن تحيطوا أنفسكم بقدر حديدي، وأفكار مُعلبة ومعتقدات في مقادير وهمية... اسمعوا أصوات قلوبكم... اختاروا الشخص الذي يسعدكم حقاً، لا أعني بذلك إهمال الجوانب الأخرى... ما أعنيه إعادة ترتيب الأولويات التي تبدأ بالقبول الشعوري للشخص والأمان النفسي معه، ثم بقية الأشياء... أشعلوا وقود الرغبة لمن تحبون أن يشارككم حياتكم، ضعوا مقادير الحاجات النفسية بشكل دقيق، افهموا كيف تنسجم الأرواح... ثم ضعوا المقادير الحياتية كنكهة نهائية لتكون الخلطة ناجحة وممتعة، وسعيدة... تبدأ بالتدرج من الداخل للخارج تدرجاً آمناً وصحيحاً، من دون ذلك اكتفوا بالخارج، وهذا قراركم الذي يمكن وصفه كوضع لحمة نية بشكل جميل وجذاب، تنتهي بك لألم في المعدة... تعطيك خبرة تسجلها بعد ذلك، كخلطة سرية لفشل صنعته أنت بنفسك!
Twitter &instgram:@drnadiaalkhaldi