أضواء

القضاء المدني يواجه السر البابوي

تصغير
تكبير

منذ سنوات تفجّرت فضائح الفاتيكان التي تتعلّق باعتداءات رجال الدين الكاثوليك على أطفال المدارس الكاثوليكية. هذه الجرائم امتدت سنوات طويلة قبل تقلّد فرانسيس منصب بابا الفاتيكان الحالي بعد استقالة سلفه البابا بندكتوس إثر تورطه بالتغطية على تلك الجرائم، التي هزّت المجتمعات الكاثوليكية وزعزعت الثقة في رجالات الكنيسة الكاثوليكية، الأمر الذي دفع أسر الضحايا لرفع قضايا أمام المحاكم للقصاص من مرتكبي تلك الجرائم، بعد أن كانت حبيسة قانون (السر البابوي).

الآن وبعد الضغوط الكبيرة التي مورست على الفاتيكان، بدأت الحقائق تتكشف ولا تزال الصحف الأجنبية تنشر وقائع تلك الجرائم وأسماء مرتكبيها من قساوسة وكاردينالات، وهم من أرفع الرتب الكنسية لدى الفاتيكان. ومنذ أيام تم نشر فضيحة كبيرة لأسقف واشنطن (D.C) السابق ثيودور ماكاريك في صحيفة (وورلد ستريت جورنال)، وقد تم تجريده من منصبه الكنسي الرفيع (كاردينال) من قِبل بابا الفاتيكان فرانسيس السنة الماضية، بعد أن ثبت لدى اللجنة التأديبية أنه مذنب بممارسة أعمال فاضحة مع بالغين وقصّر وبإساءة استغلال السلطة.

ويذكر أن بابا الفاتيكان جون بول الثاني كان قد أخطر بفضائحه، لكنه لم يقم بإجراء ضده، بل تمت ترقيته إلى كبير أساقفة. قبله صدر حكم قضائي بسجن الكاردينال الأسترالي جورج بيل ست سنوات بتهمة الاعتداء على طفلين قاصرين من فرقة الغناء الكنسية، وقد نشرت الصحافية الأسترالية لويس ميليغان كتاباً لها بعنوان (صعود ثم سقوط الكاردينال بيل)، أشارت فيه إلى تفاصيل تلك الجرائم. ومع أن المحكمة الأسترالية العليا برّأت ساحته بعد ذلك، إلا أن أقارب الضحايا لم يعتدوا بالحكم واعتبروه صادماً ومجحفاً في حق أطفالهم، وأدى إلى انقسام حاد في المجتمع الأسترالي. وكان الكاردينال بيل من المقربين إلى البابا الحالي ويطلق عليهم بالدائرة التاسعة (C9)، لكن ذلك الحكم لن يرفع الشبهة عنه، لأنه ثبت لدى لجنة التحقيق أنه كان على علم بالانتهاكات ضد الأطفال منذ عام 1973 وعمل على إخفائها.

قائمة رجال الدين الكاثوليك المتورطين باغتصاب الأطفال طويلة، نذكر منهم القس ويلسون ومساعده الكاهن فليتشر الأستراليين المتهميّن باعتداءات على الأطفال في سبعينات القرن الماضي. وحذّر المدعي العام لولاية بنسلفانيا جوش شابيرو بابا الفاتيكان الحالي فرانسيس من أن تحقيقاً واسعاً قد كشف عن اعتداءات ارتكبها 300 قس ضد مئات الأطفال وعملية تغطية قامت بها كنائس كاثوليكية تابعة للفاتيكان. وبعد انتحار القس الفرنسي جين سيبييه في كنيسته لاكتشاف جريمته، تم توجيه الاتهام منذ سنتين إلى الكاردينال الفرنسي فيليب باربارين في فرنسا، بعد ثبوت تورطه في التغطية على جرائم القساوسة الكاثوليك.

أحدث التقارير تتحدث عن فقدان الثقة لدى الكاثوليك بقساوستهم وخيبة أملهم بالفاتيكان، وعزوف الكثير منهم عن كنائسهم، وربما شجّع ذلك على التحلّل من الدين وتفاقم أمر الإلحاد في الدول المسيحية، التي تعاني أصلاً من اللا دينية والإلحادية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي