No Script

رؤية ورأي

المعارضة الشعبوية بين الفساد والتمييز الفئوي

تصغير
تكبير

عند دراسة وتحليل جهود مكافحة الفساد في المجالس السابقة، يُلاحظ وجود وفرة من النوّاب الذين يناورون بانتقائية ضمن حدود كشف الفساد والمطالبة بمكافحته، ومنهم من لا يزال مستمراً في مطالباته وإن كانت من دون جدوى، وفي مقابلهم نُعاني من ندرة في عدد النوّاب الذين أثبتوا قدرتهم على الإصلاح، ومن بين أبرزهم المرحوم النائب السابق حمد الجوعان.

تَصدِّي الجوعان للفساد بدأ قبل دخوله المجلس، حيث إنه استقال من منصب مدير عام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية اعتراضاً على طلب الحكومة من المؤسسة شراء الشركات المقفلة التي تضرّرت من أزمة المناخ. ثم في الأشهر الأولى من عضويته في مجلس 1985 استجوب بمعية نائبين وزير العدل على خلفية أمور عدة كان من بينها اتهامه بإعداد حلول لأزمة المناخ متوافقة مع منفعته الشخصية، ثم نجح في الحصول على موافقة المجلس على ندبه ليتولى الكشف على سجلات البنك المركزي الخاصة بأزمة المناخ. وبعد امتناع الحكومة عن تنفيذ القرار، لجأ من خلال المجلس إلى المحكمة الدستورية التي أيّدت حق المجلس في الاطّلاع على تلك السجلات، ولكن الحل غير الدستوري أغلق أبواب المجلس وسحب صلاحياته الرقابية.

ورغم ضراوة مواجهته مع الحكومة إلا أنه لم يُسجّل عليه الاستدلال بأي مستند مُفبرك، كما هو المشهور عن رموز المعارضة الشعبوية.

هذا المحارب الشرس ضد الفساد لم يكن مقتنعاً بجدية أو قدرة معظم نوّاب المعارضة على الإصلاح، حيث إنه صارح رفيقه النائب السابق الدكتور عبدالمحسن جمال قائلاً: إن «مجلسنا مو اللي هقيناه»، وكان ذلك أثناء خروجهما من الاجتماع الثاني لنوّاب المعارضة قبل انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس 1992، وفق ما صرّح به الدكتور لبرنامج الصندوق الأسود.

وبالفعل نوّاب المعارضة الشعبوية عجزوا على مدى سنوات عضويتهم عن محاسبة رموز قضايا الفساد التاريخية، الذين تمت تبرئة وتحصين بعضهم بسبب أخطاء فنية، وتهريب البعض الآخر منهم إلى الخارج.

ولذلك يحرص نوّاب المعارضة الشعبوية على أن يتم تقييم أدائهم وفق مؤشرات ضيقة النطاق مقترنة بالمواقف لا المكتسبات، لكي يتستروا ويبرروا ضعف وقلّة إنجازاتهم على أرض الواقع وتحديداً في ملفات مكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين.

وهذا يفسّر استمرار تبنيهم شعار مكافحة الفساد في حملاتهم الانتخابية، رغم فشلهم على مدى سنوات عضويتهم في معاقبة أي من المتطاولين على حرمة المال العام.

هذا الدور السلبي لنوّاب المعارضة الشعبوية في ملفّات مكافحة الفساد، للأسف متجذّر أيضاً في ملفات مكافحة التمييز الفئوي.

فهم لم ولا يتبنّون مشاريع لتعزيز المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة بين شرائح المجتمع، إلا في حدود الخطابات الإنشائية، بل إنهم يعترضون ويتهجّمون ويسقطون من يتبنى ممارسات ومشاريع تجسّد المبادئ والقيم الدستورية المتعلّقة بالمساواة والعدالة، وأحدثها على سبيل المثال موقفهم من العفو الشامل.

نوّاب المعارضة الشعبوية لم يتصدّوا بإيجابية لأي فتنة، وأحدث الأمثلة الكثيرة هو موقفهم من أزمة عودة زوّار الإمام الرضا عليه السلام في بداية جائحة كوفيد - 19 التي حوّلتها بعض الأنفس المريضة من قضية صحيّة إلى فتنة، من خلال توجيه إساءات.

فخياراتهم في الأزمات تقتصر على ثلاثة: إمّا مجاراتها كما حصل في أزمة التأبين، وإمّا استنكار موقف من أثارها ومن تصدى لهم بالتساوي بين الجاني والمجني عليه، وإمّا بالتعقيب عليها بعد خمودها بكلمات إنشائية جميلة لا تتضمن المطالبة بمحاسبة مثيريها.

لذلك أدعوك إلى انتخاب مرشّحي المعارضة الشعبوية، إذا كنت ترغب في نوّاب بالمجلس يحاكون دور الفنانين القديرين سناء الخراز وشادي الخليج على مسارح الأعياد الوطنية.

وأما إذا كنت تبحث عمّن يحاكي دور الكويتيين بقيادة الشيخ سالم المبارك في معركة الجهراء، فانتخب القوي الأمين... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي