لا يمكن فصل اختلالات المالية العامة وسوق العمل عن ضعف التعليم والتركيبة السكانية
الاقتصاد الوطني يفتقر إلى التنوّع ويقبع رهينةً لتقلبات طلب النفط
- يتحتم الإسراع بتصحيح المسار والتكيّف مع التحديات المقبلة
- العجز تراكم إلى 28 مليار دولار ونحتاج 300 ألف فرصة عمل
- تحديث معدلات الضريبة على أرباح الشركات ورسوم الانتفاع بأملاك الدولة
- استحداث ضريبة تصاعدية على الدخول العالية وضرائب انتقائية على السلع المضرة بالصحة والبيئة
يفتقر الاقتصاد الكويتي إلى التنوّع ويقبع رهينةً لتقلبات الطلب العالمي على النفط، والاعتماد شبه الكلي على إيراداته، ما يترتب عليه اختلالات هيكلية أخرى في المالية العامة وسوق العمل، لا يمكن فصلها عن ضعف النظام التعليمي واختلال التركيبة السكانية. ما سبق هو خلاصة ورقة «قبل فوات الأوان» التي أعدها 29 أكاديمياً متخصصاً في علوم الاقتصاد والإدارة بجامعة الكويت.وقال أحد الأكاديميين الموقعين على الورقة، الدكتور عبدالرحمن الطويل، إن الأزمات المتتالية كانهيار أسعار النفط من 100 دولار إلى 30 دولاراً في غضون سنوات قليلة، وتراكم العجز بميزانية الدولة إلى 28 مليار دولار، والحاجة لخلق 300 ألف فرصة عمل لاستيعاب الخريجين الكويتيين خلال السنوات الـ 15 المقبلة، تحتم الإسراع بتصحيح المسار والتكيف مع التحديات المقبلة.وأضاف أنه «لذلك ارتأينا نحن مجموعة من الأكاديميين المتخصصين، ضرورة قرع جرس الإنذار للتنبيه إلى خطورة الاستمرار بنفس النهج، ووضعنا تصورات لاتجاهات الإصلاح، نأمل أن تخلق حواراً وطنياً عاماً أساسه المصارحة حول أسباب الخلل ومتطلبات الإصلاح».
ورأى الطويل أنه على الحكومة وضع خطط خمسية باتجاه تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية، لتمويل الموازنة العامة واستحداث مؤشرات قياسية لإحلال الإيرادات غير النفطية محل النفطية، ما يتطلب تحديث معدلات الضريبة على أرباح الشركات ورسوم الانتفاع بأملاك الدولة.
وشدد على أنه لابد من تطوير المنظومة الضريبية، لاستحداث ضريبة تصاعدية على الدخول العالية، وضرائب انتقائية على السلع المضرة للصحة والبيئة.
الإصلاح الشامل
قدم الأكاديميون تصوراً من 5 محاور للإصلاح الاقتصادي الشامل، تضمّن عدداً من المقترحات لبناء اقتصاد متنوع عبر إيجاد مصادر دخل مساندة للثروة النفطية، تبدأ بإعادة تأهيل القطاع الخاص ليكون بقيمة مضافة للاقتصاد، وتطوير دوره لتحقيق الأمن الغذائي والصحي.
وطالب الأكاديميون الحكومة باستقراء الاتجاهات المستقبلية للاقتصاد العالمي، وتطوير القطاعات التي تحقق للكويت موضعاً تنافسياً فيها، كتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والاقتصاد الرقمي، مع الانفتاح على الأسواق الإقليمية المجاورة، لتوسيع قاعدة التبادل التجاري وتحقيق المنفعة الاقتصادية المشتركة.
ركائز أساسية
عرضت الورقة ركائز رئيسة لتصحيح المسار تمثلت في بناء اقتصاد مستدام، عبر ترشيد استغلال الثروة النفطية، وتنويع القاعدة الإنتاجية لاستمرار الرفاه الاقتصادي للجيل الحالي ولأجيال المستقبل، يرافقه النهج الجاد لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، حتى تستعيد الحكومة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، قبل البدء بأي مشروع لإصلاح المنظومة الاقتصادية.
وأجمع الأكاديميون على أنه لابد من تطوير قواعد الموازنة العامة، وتضمينها تحليلاً اقتصادياً للوقوف على مدى تحقيقها لأهداف التنمية واستدامة الاقتصاد، مؤكدين ضرورة الاسترشاد بالدليل العلمي عبر تطوير آلية جمع البيانات وتحديثها ونشرها.
وقرعت دراسة «قبل فوات الأوان» الجرس حول مستقبل الكويت الاقتصادي، من خلال تقديم رؤية شاملة للإصلاح، تتطرق إلى معالجة جذور الاختلال مثل التعليم والتركيبة السكانية، والحاجة لصياغة سياسة عامة مبنية على البحث العلمي.